هل تفادى لبنان فخّ «تَرسيم» حدودِه.. مع إسرائيل؟*محمد خروب

النشرة الدولية –

إسرائيل غاضبة تُشاركها واشنطن ترمب الغضب، والحلف الصهيواميركي يتوعّد لبنان. بل تمضي تل أبيب في سياسة العربدة مُهدِّدة ثلاث شركات تنقيب فرنسية وإيطالية وروسية, وقَّعت عقوداً مع لبنان عدم البدء في عملها, قبل توصُّلها لاتفاق «نهائي» مع لبنان لترسيم حدودهما البحرية، وبالطبع فالشركات الثلاث لن تُغامر بالإصطدام مع الدولة الصهيونية.

فما الذي يدفع تل أبيب وواشنطن إلى سلوك البلطجة هذا, بعد تعثّر المفاوضات غير المباشرة مع لبنان, التي توقّفت بعد أربع جولات فقط؟

ليس سوى أن الوسيط النزيه (الأميركي بالطبع) أراد استكمال رزمة الهدايا التي قدّمها لدولة الاحتلال, والتي وصلت ذروتها في مسيرة التطبيع، عبر منح اسرائيل آلاف الكيلومترات المُربعة من المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة خاصة البلوك 9، وِفق خط أَسموه «خط هوف» (فريدريك هوف.. وسيط أميركي), لكن لبنان الذي اعتبر مساحة (خط هوف) الـ850كم2 مضمونة، فإنه وفي خطوة فاجأت الأميركي والإسرائيلي, طالبَ وبحزم, تحديد الحدود البحرية وفق خط «الحدود البرِيّة» بين لبنان وفلسطين المحتلة على أساس اتفاق الهدنة عام 1949، وخط سايكس/بيكو الذي وضعه الفرنسيون والبريطانيون عام 1923.

هنا عادت الأمور إلى نقطة الصفر, لأن المساحة «الجديدة» التي يُطالب بها لبنان (إضافة لخط هوف) تصل إلى 1450كم2..ما دفع إسرائيل واميركا الى شن حملات إعلامية مركزة على لبنان… رئاسة ومفاوضين وحكومة, باتّهامِهم إنما جاؤوا للمفاوضات لإضاعة الوقت واسترضاء واشنطن, في وقت لم يُبدوا فيه جدية للتوصّل إلى اتفاق نهائي كانت إدارة ترمب اقترحته, بتقسيم المنطقة (850كم2) بينهما…55% للبنان و45% لدولة الاحتلال.

وإذ وجدت أطراف سياسية وحزبية بل وروحية لبنانية, فرصة عند بدء المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل, لتصفية حساباتها مع فريق رئيس الجمهورية وحليفه حزب الله, واصِفة المفاوضات بانها مُقدمة لصعود قطار التطبيع, غامِزة من قناة «الحِزب» الذي يُدين التطبيع ويرفع راية الممانعة والمقاومة،لكنهم الآن (الأحزاب والساسة) بدأوا التشكيك بما حصل, خاصة بعد تصريح وزير الخارجية اللبناني: استعداد لبنان التفاوض لـ«20سنة» مقبلة, لكنه غير مُستعد للتنازل عن قطرة ماء من منطقته الاقتصادية».

 

المفاوضات مُجمَّدة الآن، وما استبطنه التحالف الصهيواميركي من أهداف, عندما ضغط للبدء في المفاوضات غير المباشرة, لم يعد صالحا للصرف, إذ ظنّت تل أبيب «والوسيط النزيه», أن أزمة لبنان السياسية وخصوصاً الاقتصادية واحتمالات انهياره ككيان, خاصة بعد انفجار بيروت وإفلاس الخزينة والتوقّف عن تسديد ديونه الخارجية، وانعدام اي امكانية لحصول لبنان على قروض او مِنح, فضلاً عن تعمّق الخلافات بين أركان الطبقة السياسية الفاسِدة وارتفاع منسوب الفقر والبطالة, وتبخّر أموال المودعين في المصارف, كفيلة بدفع لبنان الى القبول بما يُعرَضُ عليه والرضوخ لـ”قِسمَة هوف»، لكن ما أبداه المفاوضون اللبنانيون من صلابة وإصرار, وخصوصاً عجز إسرائيل وتردّدها في اللجوء للخيار العسكري, دفعت تل أبيب للبحث عن قناة خلفِية «سِريّة» لاستدراج لبنان إلى نسخة تفاوضِية جديدة, نحسب أن لبنان لن يُغيِّر مَوقفه أيّاً كانت «هوية» الوسيط الجديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى