للأثرياء فقط… كافيار النمسا الأبيض طعام نادر… إنتاج كيلوغرام يستخرج من أصل 5 كيلوغرامات من بيض الأسماك النادرة
النشرة الدولية –
وسط جبال الألب النمسوية، يعاين شتيفان أستنر سمك حفش أمهق نادرا وفريدا من نوعه، يصدّر بأسعار خيالية إلى بلدان العالم ليقدّم على الموائد الفاخرة.
ويخبر أستنر، وهو عامل من قرية بالقرب من سالزبورغ بالنمسا، أن “الأسماك خضعت لتخطيط بالصدى لمعرفة إن كانت ستدخل مرحلة التكاثر قريبا”.
ويعمل أستنر في بلدة غروديغ بالقرب من سالزبورغ في النمسا، حيث تُرّبى أسماك أنثى يكلّف بيضها غاليا جدّا.
وعلاوة على أن الأسماك المنتجة للكافيار الأبيض نادرة للغاية، فإن إنتاج كيلوغرام منه يستخرج من أصل 5 كيلوغرامات من بيض الأسماك النادرة، كما أنه يضاف إليه البعض من المواد الغذائية النفيسة من ذهب عيار 22.
من أهم فوائد الكافيار بشكل عام، إعطاء الجسم طاقة كبيرة بسبب كثرة الفوسفور الذي يحتوي عليه، ويساعد على تخفيض مستوى الدهون في الجسم وتخفيض نسبة الدهون الثلاثية والكوليسترول في الدم.
كما يساعد الكافيار على عرقلة عملية تأكسد الأحماض الدهنية التي تسبب تلف الشرايين، إضافة إلى دعم الكافيار لجهاز المناعة ودوره في تجمع كريـات الـدم والصفائح الدموية التي تعمل على سرعة التئام الجراح.
ويقوم مدير هذه المنشأة لتربية الأسماك فالتر غرول، بشقّ جلد سمكة تبلغ من العمر 16 عاما لاستخراج بيض فاتح اللون.
ويقول وهو يغسل البيض إنه “أكثر طراوة من الكافيار الأسود، إنه أكثر حلاوة، بل وأكثر ذوبانا من الكافيار الأسود التقليدي”.
وهذا الكافيار الذي لا يتخطّى وزنه 600 غرام يكلّف ثمانية آلاف يورو، وهو سعر أغلى بثلاث مرّات من الكافيار الأسود، الذي يعدّ أصلا من المأكولات الفاخرة.
ويؤكّد غرول أن “هذا البيض هو من أغلى المأكولات في العالم. وهو يشكّل واحدا في المئة لا غير من إنتاجنا الإجمالي للكافيار”.
وفي القاعة المجاورة، تحضّر ألكساندرا ابنة فالتر نحو أربعين علبة “ستصدّر إلى ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا”، بحسب ما تكشف الشابة مستعرضة قسائم الطلبيات.
ولا شكّ في أن أزمة وباء كورونا انعكست سلبا على الطلبيات نتيجة إغلاق المطاعم والفنادق الفخمة، غير أن مبيعات التجزئة ازدهرت في المقابل.
وتشكّل احتفالات رأس السنة نحو 40 في المئة من حجم الأعمال السنوي. ويقول غرول الذي ما انفكّ هاتفه يرنّ لإيداع الطلبيات إن “الناس يريدون التلذّذ بالوقت الحاضر”.
ويحجم مربّي الأسماك عن الكشف عن أسماء زبائنه، الذين يعيش الكثيرون منهم في آسيا وروسيا والشرق الأوسط، إذ أن التحفّظ هو أحد أسرار النجاح في المهنة.
وقد اتّصلت به ماركة للسيّارات الفارهة للتوّ، كما تلقّى عرضا قبل مدّة من شركة خطوط جوّية ترغب في تقديم كافيار “صنع في النمسا” لزبائن درجة الامتياز.
وقد حرص غرول، الذي انطلق في إنشاء مشروعه بموارد متواضعة سنة 1981، مع سمك الشار القطبي والتروتة على التمايز عن غيره من المزارع السمكية في العالم، من خلال التركيز على جعل سمك حفش ناصع لا يشوبه أي تصبّغ يتكاثر في الأسر.
وفي جوار قصر هيلبرون العائد إلى حقبة النهضة، تقع مزرعته التي باتت تضمّ المئات من الأسماك وسط كاميرات مراقبة وحواجز شبكية لحمايتها من السرقة، إذ أن هذا المورد النفيس يثير المطامع، وقد تعرّضت منشآت أخرى من هذا النوع لسرقات كثيرة في السنوات الأخيرة.
وتربية سمك الحفش الأبيض أو الأسود، التي تزدهر منذ ربع قرن في الصين وإيطاليا وفرنسا خصوصا نتيجة حظر صيد هذه الأسماك، تجاري روح العصر باعتباراته البيئية، متيحة في الوقت عينه الحفاظ على النوع.
وقد يعيش هذا الصنف من الأسماك حتّى 120 عاما وهو موجود منذ عصر الديناصورات لكنّه بات على وشك الانقراض من موئله الطبيعي في روسيا وإيران، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺳﻌﺮ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺎﺭ، ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺍﻟﺤﻴﺘﺎﻥ ﺑﻌﻴﺐ ﻭﺭﺍﺛﻲ ﻗﺼﺮ ﺣﻴﺎﺗﻬا، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺩﺓ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ 100 ﻋﺎﻡ.
وقد تهاوى الإنتاج العالمي لبيض سمك الحفش في المياه الطبيعية في الثمانينات من القرن الماضي، من جرّاء الصيد المفرط والتلوّث.
وبحسب أحدث الإحصاءات المتوافرة في هذا الصدد التي أعدّتها جمعية “وورلد ستوردجون كونسرفايشن سواسييتي” في 2018، تنتج 2480 مزرعة في 55 بلدا 415 طنّا من الكافيار في السنة.
وثمة 30 إلى 40 مزرعة من بين هذه المنشآت، بينها اثنتان أو ثلاث في النمسا، توفّر الكافيار الأبيض، بحسب الأكاديمي توماس فريدريش، الذي ينسّق في فيينا برنامجا لتعزيز تكاثر حفش الدانوب.
وفي الماضي، عندما كانت سمكة مهقاء بالغة من نوع الحفش النادر الوجود تُصطاد في بحر قزوين، كان بيضها يقدّم حصرا لشاه إيران، على قول فريدريشش