“المطابخ الخفيّة” تعوض المطاعم في الولايات المتحدة… الناس تفضل الأكل بعيدا عن الزحمة

النشرة الدولية –

أدت جائحة كورونا إلى انتشار ظاهرة المطابخ الشبح في الولايات المتحدة، وهي مطابخ لا يمكن للزبائن أن يقصدوها لتناول المأكولات أو استلام طلبياتهم، إذ لا تقوم سوى بتحضير أطباق توصلها إليهم.

وإذا بحث أحد عن مطعم “فايربيلي وينغز” أو “مونستر ماك” في الأراضي الأميركية، فلن يرى يوما لافتة له في الشارع.

غير أن جوانح الدجاج أو أطباق المعكرونة التي يعدّها متوافرة بكبسة زرّ على الهاتف الذكي عبر منصّة لتوصيل البضائع إلى المنازل. فهذه العلامة التجارية، كما العشرات غيرها، أنشئت لغرض تسليم المنتجات لا غير. وهي تحضّر أطباقا في مطابخ توصف بـ“الشبح” بعيدا عن الزبائن.

فهذه الظاهرة التي تُعرف أيضا بالمطابخ الخفيّة (دارك كيتشن) والتي هي أصلا قيد الازدهار منذ سنتين أو ثلاث تعزّزت بفعل الوباء.

ويلفت نيكستبايت، وهو أحد مشغّلي هذه المطابخ الشبح من قبيل “فايربيلي وينغز” و”مونستر ماك”، إلى أن “عادات المستهلكين تغيّرت من جرّاء وباء كورونا، وقد خاض كثيرون غمار هذه المنصّات”.

وكانت الأحوال مواتية لهذا النوع من المبادرات مع إغلاق المطاعم طوال أشهر ثمّ فتحها بقيود وتفضيل البعض البقاء في المنزل وعدم الخروج لتناول الطعام.

المطابخ الخفيّة “دارك كيتشن”، والتي هي أصلا قيد الازدهار منذ سنتين أو ثلاث، تعزّزت أكثر بفعل الوباء

وبين يناير وسبتمبر، تلقّت “دورداش”، كبرى منصّات تسليم الوجبات في الولايات المتحدة (47 في المئة من الحصص في السوق)، 543 مليون طلبية، أي أكثر بثلاث مرّات من المجموع المسجّل العام الماضي.

وأدت الجائحة حتى الآن إلى إغلاق نحو 110 آلاف مطعم في الولايات المتحدة، أي سدس العدد الإجمالي للمطاعم، بفعل تضررها من القيود على عملها وإجراءات التباعد الجسدي المطبقة في عدد من الولايات.

وأقرت الإدارة الأميركية أخيرا بعد شهور من المفاوضات خطة ضخمة بقيمة 900 مليار دولار لدعم الاقتصاد، لكن هذه المساعدة قد لا تكون كافية لنحو 550 ألف مطعم التي تكافح من أجل البقاء في عالم انقلب رأسا على عقب.

وشهدت المطاعم ارتفاع تكاليف أكلاتها نتيجة لما تنفقه للتمكن من الامتثال لمتطلبات السلطات الصحية وشراء معدات الحماية الشخصية للعاملين فيها. ويظهر مسح أجرته الجمعية الوطنية للبيع بالتجزئة أن ثمة شعورا عاما بالضيق بعد تسعة أشهر من تفشي الوباء في الولايات المتحدة.

وتشكّل “زول” و”سي 3” و”كيتشن يونايتد” و”كلاود كيتشنز” (لمؤسس ‘أوبر’ ترافيس كالانيك) صلة وصل مع أصحاب مطابخ الطهو لإدارة الطلبيات تمدّهم بالمشورة لتطوير العلامة.

وتساعد “نيكستبايت” المتعاونين معها على توفير خيارات جديدة. وقد خاض البعض من أصحاب المطاعم التقليدية غمار هذا المجال تحت ماركتهم الخاصة أو قدّموا في سياقه عروضا جديدة.

وتقول كريستن بارنت المسؤولة في “زول” التي تدير منشأة في حيّ سوهو في نيويورك تمتدّ على 500 متر مربع وتضمّ تسعة “مطابخ” مختلفة، إن “الجميع يحاول إيجاد حلول للضغوط الناجمة عن تضييق الهامش الربحي”.

وبالنسبة إلى المدير العام لسلسلة الوجبات السريعة “ماسل مايكر غريل” مايكل روبر، يتطلّب فتح “مطبخ خفيّ” استثمارا بقيمة 75 ألف دولار، في حين يتراوح المبلغ المطلوب لمطعم تقليدي “ما بين 350 ألفا و500 ألف دولار”.

وعلى حد قوله، مع مطبخ مستأجر، “يمكن الانتقال بسرعة من إعداد السلطات إلى تحضير البرغر”، بتكاليف بسيطة.

وبغية تحسين هوامش الربح، يقدّم ”زول” منصّته الخاصة للطلبيات كبديل عن شركات التسليم العملاقة مثل “دورداش” و”أوبر إيتس” التي تقتطع نسبة تصل إلى 30 في المئة من الأرباح.

وتستغني هذه المطابخ الشبح بطبيعة الحال عن طواقم العمل، من ندّل ومديرين وعمّال تنظيف يعملون في المطاعم التقليدية.

وعززت سلسلة مطاعم “نيكو نيكوز” المتخصصة في المطبخ اليوناني في هيوستن (تكساس) وجودها عبر الإنترنت ووفرت خدمات توصيل مجانية.

ويوضح ديميتري فيتوكاكيس، وهو صاحب سلسلة مطاعم “نيكو نيكوز”، أن أبرز ما يعانيه أحد مطاعمه في قلب حي الأعمال اضطرار الكثير من العاملين في المؤسسات إلى العمل من بعد لا من مكاتبهم.

وفي ولاية كارولينا الشمالية، يشهد عدد الزبائن في مطعم “رايناثانز” تقلبات مستمرة، ما يجعل من الصعب وضع أي تقديرات يستند عليها مطعم الشواء هذا لشراء احتياجاته من المواد الغذائية.

ويقول ستيف كارول، وهو أحد المالكين، إن المطعم واقع بين خطر الإهدار إذا اشترى كمية تفيض عن حاجته، أو خطر تفويت بعض المبيعات عليه إذ لم يكن لديه ما يكفي.

ويلفت آر.جي.هوتوفي المحلّل لدى مجموعة “ايرون آلن أند أسوشييتس” إلى أن قطاع المطاعم تغيّر بشكل عام مع الاتّجاه منذ بضع سنوات نحو “نموذج أكثر إنتاجية”، ما يؤشّر إلى “احتمال انكماش فرص العمل” على المدى المتوسّط.

وقد حذّرت جمعية “ريستورانت أوبورتونيتيز سنتر يونايتد” التي توفّر الدعم للعاملين في المطاعم من تدهور ظروف العمل بسبب ازدهار “المطابخ الخفيّة” الأكثر مرونة من المطاعم التقليدية.

وبالنسبة إلى بعض العاملين في المجال، أتاح هذا النهج التوفيق بين القيود المفروضة من جرّاء الأزمة الصحية وفرص جديدة.

وعلى حد قول مايكل روبر، بعد احتواء انتشار الفايروس عندما سيصبح في وسع المطاعم اختيار النموذج الذي يحلو لها، “لن يعود المستهلك إلى الوراء”، كما يؤكّد أن “الزبائن سيستمرّون في طلب الوجبات إلى المنازل. فالقطاع برمّته قد تغيّر”.

زر الذهاب إلى الأعلى