النظام السوري يترنح بين الخطف والتحايل على “قيصر”* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

في تطور لافت، أضاف الاتحاد الأوروبي، وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى قائمة العقوبات الأوروبية ومنعه من دخول أراضيه.

يأتي هذا بعد سلسلة عقوبات فرضها الاتحاد وآخرها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على ثمانية مسؤولين في حكومة الأسد الجديدة، ما يشير إلى تشدد دولي بتطبيق العقوبات بحق النظام وإغلاق مصادر إمداده بالأوكسجين على دفعات.

وكان جويل ريبورن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، رفض البيان الصادر عن الخبيرة الأممية لحقوق الإنسان ألينا دوهان، التي اعتبرت فيه أن تطبيق قانون “قيصر” سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في سوريا، ويعرض المواطنين لخطر أكبر من انتهاكات حقوق الإنسان.

وقال إن “محاولة المقرر الخاص إلقاء اللوم على العقوبات الأميركية في الأزمة الاقتصادية السورية هي محاولة مضللة وباطلة”، مضيفاً أن “اللوم في الوضع الاقتصادي السوري والأزمة الإنسانية يقع على حرب النظام الوحشية ضد الشعب السوري، وليس على العقوبات الأميركية”، مشدداً على أن عقوبات “قيصر” على النظام هي لحماية المدنيين في سوريا ومن أجل قطع الموارد التي يستخدمها النظام في حربه.

جويل ريبورن

ويعد جويل ريبورن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، من الشخصيات ذات الخبرة الطويلة في المنطقة وعلى إلمام كبير بتفاصيل ما يحصل في دمشق، ويتمتع بعلاقات جيدة بكل المكونات السورية، أيضاً له علاقة مع المسؤولين عن الملف السوري في كل الدول المؤثرة.

زار الإمارات والأردن والتقى ديفيد شينكر ومعارضين سوريين، ما يدل على اهتمام أميركي واضح بموقف الشعب السوري لتحقيق طموحاته.

ريبورن الذي كان قد أكد في مقابلة إعلامية، “أن مستقبل عائلة الأسد يجب أن يقرره الشعب السوري”، توقع أن قدرة النظام حالياً على الاستمرار أصبحت أضعف، ولا يجب أن يتفاجأ الجميع إذا بدأ بالانهيار بسرعة، مضيفاً أن قانون “قيصر” سيكون له دور هام، لمنع استغلال الانتفاع من العلاقات مع النظام السوري، وله سلطة كبيرة لعزل دمشق عن دول المنطقة.

وأوضح أن العقوبات الأميركية على النظام السوري ستستمر من قبل الإدارة الأميركية القادمة، بخاصة في ظل وجود إجماع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على قانون “قيصر”.

وسائل الأسد للتهرب من العقوبات

في المقابل، نشر موقع “FUSE” الأميركي، تقريراً بتاريخ 28 ديسمبر (كانون الأول) 2020، عن ناقلة الغاز المسال “Melody”، التي بحسب التقرير تتنقل بين ألبانيا وسوريا، لنقل الغاز المسال إلى ميناء بانياس على الساحل السوري، في انتهاك للعقوبات الأميركية المفروضة على نظام الأسد.

ويورد التقرير، أن بعض الشبكات التي فرضت واشنطن العقوبات عليها عام 2015، طورت تكتيكات معقدة للتعتيم على أنشطتها البحرية، وإخفاء ملكيتها الحقيقية، ما يدل على نيتها التهرب من العقوبات عبر طرق ضبابية في قطاع الشحن البحري حيث تسود الفوضى.

وأكد موقع Tanker Trackers لتعقب الشحنات وتخزين النفط الخام، وجود الناقلة “ميلودي” على أحد أرصفة ميناء بانياس في الساحل السوري في 3 ديسمبر الماضي.

والناقلة ليست الوحيدة التي تسافر بين ألبانيا وسوريا، حيث وصلت السفينة “جاكوار إس” إلى لبنان من جزيرة كريت اليونانية، ولم تدخل أي ميناء، وفقاً لبيانات تتبع السفن من “FleetMon”، وعندما غادرت السفينة اليونان في 23 سبتمبر (أيلول) 2020، كانت تشير إلى لبنان، وفقاً للموقع، ومن ثم غيرت وجهتها لاحقاً إلى “محطة الزهراني”.

ويضيف التقرير أن هذه الحالة ليست الأولى، بل هناك حالات أخرى لشركات حاولت الاستهزاء بالعقوبات الأميركية والأوروبية ضد نظام بشار الأسد، ويأتي ذلك بعد أن وردت أنباء عن انتهاك شركة دانماركية العقوبات.

ما قصة ناقلة النفط “ميلودي”؟

في سياق متصل، يشير مصدر لـ “اندبندنت عربية” إلى أن شاباً ألبانياً تربطه قرابة مباشرة بأحد كبار المسؤولين جمهورية ألبانيا، سافر منذ 2016 والتحق في صفوف الجماعات المقاتلة في شمال سوريا وانقطعت أخباره، حاولت السلطات الألبانية التنسيق مع مؤسسات الأمم المتحدة والتحالف الدولي، للعثور على هذا الشاب أو الوصول إلى خبر عنه، ولكن من دون نتيجة. ويبدو أن النظام علم بقصة الشاب، فبحث عنه وخبأه، بحسب المصدر الموثوق.

منذ أشهر سافر رجل الدين السوري م. ك. إلى العاصمة تيرانا، والمعلوم أن 60 في المئة من الشعب الألباني مسلم، فأخبره المسؤولون هناك بقصة الشاب، فطلب منهم “بعد أن تم توجيهه بالتعليمات من دمشق” إرسال كتاب رسمي إلى الجانب السوري يطلبون فيه المساعدة، فقام الجانب السوري ونقله إلى مكتب اللواء علي مملوك مستشار رئيس النظام للشؤون الأمنية، حيث أتت طائرة خاصة من تيرانا إلى دمشق لنقل الشاب ع. د. إلى بلده.

ولكن كان هناك طلب للنظام مقابل هذه الخدمة، هي شحنة الغاز التي نقلت إلى سوريا عبر ناقلة ميلودي 8800298IMO… ووفق المعلومات أن هذا الأسلوب “الخطف” حتى لمواطنين سوريين، بات نظاماً متبعاً من قبل النظام السوري، للحصول على الأموال.

وفي هذا السياق يأتي ما كشفت عنه شبكة “بي بي سي” البريطانية، في ديسمبر الماضي، في تقرير لها عن أن السلطات الإيطالية ضبطت نحو 15 طناً من مخدر الأمفيتامين الكبتاغون، أي مايقارب 84 مليون حبة تصل قيمتها المالية إلى نحو مليار دولار. وهذه ليست شحنة الكبتاغون الأولى التي تضبط، يكون مصدرها سوريا.

الغارات الإسرائيلية

في سياق متصل، تأتي الغارات الإسرائيلية التي حصلت ليل الثلاثاء 12 يناير (كانون الثاني) الحالي، على طول الحدود العراقية السورية، واستهدفت مواقع للنظام ولإيران في سوريا، وهي مواقع قريبة من الحدود العراقية، وضربت في إطار عملية خنق لحركة الإيرانيين، وقطع المنافذ المستخدمة للتهريب ما بين العراق وسوريا.

ويصب ذلك في مسار أميركي واضح لقطع طرق الإمداد للنظام. وفي هذا المجال جمع لقاء بين رئيس الاستخبارات الإسرائيلية يوسي كوهين، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في واشنطن.

ومن هنا جاءت جولة جويل رايبورن إلى الإمارات والأردن للضغط على الدول التي لها علاقة مع نظام الأسد في محاولة لتضييق وإغلاق كل منافذ “تنفس” النظام. حيث بحث رايبورن في الأردن ضبط المعابر مع سوريا، وتشديد الحصار على نظام الأسد.

المتنفس اللبناني

لم يبق منفذ ليمرر عبره شحنات الدعم إلا المعابر اللبنانية، التي طالما اعتبرت “رئة” النظام. ومن هنا تأتي الحركة الكثيفة للطائرات الحربية الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية، ولا ينفصل عن هذا، ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من مشاهد لقوافل على الحدود اللبنانية السورية، التي أشارت إلى أن أكثر من 100 صهريج محمل بمواد نفطية يعبر يومياً إلى سوريا عبر ممرات غير شرعية وغير خاضعة للرقابة الأمنية، وبحسب المعلومات، 40 في المئة من استيراد لبنان النفطي يهرّب إلى دمشق.

نقلاً عن “اندبندنت عربية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button