مجلس الشيوخ الأميركي يصوت على دستورية محاكمة ترامب وعزله رغم إنتهاء رئاسته
أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي في ختام عملية تصويت جرت الثلاثاء دستورية المحاكمة التي استهلّها في اليوم نفسه لعزل الرئيس السابق دونالد ترامب المتّهم بـ”التحريض على التمرّد”.
وبأغلبية 56 سناتوراً مقابل 44، صوّت المجلس لصالح اعتبار المحاكمة دستورية وبالتالي المضيّ قدماً بإجراءات عزل الرئيس السابق حتى بعد أن انتهت ولايته وغادر البيت الأبيض وعاد مواطناً عادياً.
وانضم 6 مشرعين جمهوريين إلى الديمقراطيين في تأييد الحجة بأن محاكمة ترامب إجراء مسموح به بموجب الدستور الأميركي رغم تركه منصب الرئيس.
وكان مجلس الشيوخ الأميركي الثلاثاء المحاكمة الثانية للرئيس السابق دونالد ترامب بتهمة “تحريض” أنصاره على مهاجمة مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني.
وبدأت المحاكمة التاريخية للرئيس الجمهوري السابق بدقيقة صمتٍ تلاها بدء التصويت على قرار يفصّل إطار المناقشات.
وكان مجلس النواب قد وجه التهم لترامب الشهر الماضي على خلفية دوره في اقتحام مبنى الكابيتول الأميركي في السادس من يناير/كانون الثاني من جانب حشد من مناصريه. وفي المحاكمة التي تعد الأولى من نوعها بحق رئيس سابق، سيقوم أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100 عضو بمهام هيئة المحلفين.
وندد الفريق القانوني لترامب الإثنين بالمحاكمة معتبراً أنها انتهاك للدستور، وأنه من “العبث” تحميل الرئيس السابق مسؤولية أعمال العنف. لكن النواب الديمقراطيين الذين يتولون مهمّة الادّعاء في محاكمة ترامب اعتبروا أنّ الرئيس السابق ارتكب “انتهاكاً للدستور هو الأخطر” في تاريخ الرئاسة الممتد 232 عاماً، بتحريض أنصاره على اقتحام الكونغرس.
وتُعقد المحاكمة فيما لا تزال غالبية أجزاء مبنى الكابيتول مغلقة وتخضع لتدابير أمنية مشددة بعد شهر على الاضطرابات. وتبدأ المرافعات الأربعاء والتي يحصل فيها كل جانب على 16 ساعة توزع على مدى يومين.
ثم يوجه أعضاء مجلس الشيوخ الأسئلة إلى الجانبين، وفي حال أراد أي طرف استدعاء شهود يطرح الأمر للتصويت مع ضرورة أن يحصل على أغلبية الأصوات. علماً بأن ترامب رفض طلباً أرسله إليه المدّعون العامون الديمقراطيون للاستماع إلى شهادته تحت القَسم.
وقد تضرر ترامب سياسياً بشدة، لأسباب منها تمسكه بمزاعم عن تزوير الانتخابات. لكنه لا يزال يتمتع بثقل في الحزب الجمهوري. وبعدما وجهت له تهمة “التحريض على التمرد” من المرجح أن يتفادى الإدانة نظراً للولاء الذي يحظى به في مجلس الشيوخ، لكن محاميه ذكروا في وثائقهم التي سلمت عشية المحاكمة أن الدستور لا يمنح مجلس النواب صلاحية محاكمة رئيس سابق.
وكتب المحامون ديفيد شون وبروس كاستور ومايكل تي فان دير فين أن “على مجلس الشيوخ أن يرفض بسرعة هذا العمل السياسي الوقح”، لأن “من الواضح أن هذا ليس ما أراده واضعو الدستور ولا ما يسمح به الدستور”. وأضافوا أن “الاستجابة لتعطش الديمقراطيين في مجلس النواب لهذه المسرحية السياسية، خطر على الديمقراطية والحقوق التي نعتز بها”.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي خلف ترامب في 20 يناير/كانون الثاني، قد أعلن “الإثنين” عن رفضه التطرق إلى مسألة ما إذا كان ينبغي إدانة ترامب أو حرمانه من تولّي أيّ منصب عام في المستقبل.
ولاحقاً قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي للصحافيين إنّ بايدن ترشّح ضدّ ترامب في 2020 “لأنه شعر أنّه (ترامب) غير أهل بالمنصب”. لكنها أضافت بأن الرئيس “سيترك الأمر لمجلس الشيوخ لينظر بمسار هذه المحاكمة”.
وفي حال أدين ترامب بالتهمة الموجّهة إليه وتتطلب الإدانة أكثرية الثلثين، فإنّ مجلس الشيوخ سيُجري على الإثر تصويتاً بالأغلبية البسيطة لمنعه من تولّي أيّ منصب عام في المستقبل.
ويقول النواب الديمقراطيون الذين يتولون مهمة الادعاء في محاكمة ترامب: إنّ “جهوده للتهرّب من مسؤوليته غير مجدية، في إشارة إلى الطلب الذي قدّمه محاموه، مشدّدين على أنّ “الأدلّة” ضدّه “دامغة”.
وقال رئيس فريق الادعاء جيمي راسكين: إن “إدانته بالتحريض على التمرد ضد حكومة الولايات المتحدة، والذي عرقل الانتقال السلمي للسلطة، هو أخطر جريمة دستورية يرتكبها رئيس”.
وتجري المحاكمة في القاعة نفسها التي اقتحمها مثيرو الشغب مهددين حياة نواب كانوا يصادقون على فوز بايدن.
وقال فريق الادعاء في وقت سابق إن ترامب، الذي خاطب أنصاره في واشنطن قبل وقت قصير على الاعتداء، “مسؤول بشكل فردي” عن الاضطرابات التي أودت بخمسة أشخاص.
وقالوا إن تبرئة ترامب، الذي نجا من الإدانة في أول محاكمة بغرض عزله في 2020، يمكن أن تلحق ضرراً بالغاً بالديمقراطية الأميركية.
لكن إدانته تتطلب أصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، أي أن ينشق 17 جمهورياً وينضموا لـ50 ديمقراطياً، وهو ما يكاد يكون مستحيلاً.
ورغم أن ترامب لا يزال يتمتع بقاعدة قوية؛ فإن التأييد الشعبي لإدانته الآن أقوى مما كان عليه في محاكمته الأولى بحسب استطلاع جديد لمؤسسة “أيبسوس” وشبكة “إيه بي سي نيوز”.
وكالات