المقاطعة التجارية وقضية خاشقجي وليبيا.. تحول تركي لافت تجاه السعودية ومصر
النشرة الدولية –
في تغير لافت طرأ على خطاب السياسة الخارجية التركية، أرسلت أنقرة رسائل إيجابية منفتحة لإعادة بناء العلاقات مع السعودية ومصر، في محاولة منها للتغلب على الخلافات التي جعلتها في عزلة خلال السنوات الماضية، وأثرت على اقتصادها.
وجاء الخطاب الإيجابي، تجاه السعودية ومصر، على لسان، إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية، ومستشار الرئيس، رجب طيب إردوغان، الذي تطرق، في مقابلة مع وكالة رويترز، إلى أبرز الملفات العالقة بين أنقرة من جهة، والرياض والقاهرة من جهة أخرى، أهمها قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، والملف الليبي، وإعادة ترميم العلاقات مع مصر.
تحسين العلاقات مع السعودية
وقال كالين إن تركيا “ستبحث عن سبل لإصلاح العلاقات بأجندة أكثر إيجابية مع السعودية”، مضيفا أنه يأمل في إنهاء “المقاطعة”.
وفي تغير ملحوظ في لهجة أنقرة، رحب كالين، ولأول مرة، بالمحاكمة التي أجرتها السعودية وقضت العام الماضي بسجن ثمانية متهمين بقتل خاشقجي بين سبع سنوات و20 عاما.
وقال كالين “لديهم محكمة أجرت محاكمات. اتخذوا قرارا وبالتالي فنحن نحترم ذلك القرار”.
ويعد هذا تحولا كبيرا في الموقف التركي، بعد أن كانت أنقرة قد قالت عند صدور الحكم إنه لم يرق لمستوى التوقعات، وحثت الرياض على التعاون معها حيث تجري محاكمة لـ 20 مسؤولا سعوديا غيابيا، مع أن المحكمة لم تعقد سوى ثلاث جلسات منذ يوليو تموز.
وكان رجال أعمال سعوديون قد وافقوا العام الماضي على مقاطعة غير رسمية للسلع التركية، ردا على ما وصفوه عداء أنقرة، الأمر الذي تسبب في خفض قيمة التجارة بنسبة 98 في المئة.
وتسعى تركيا لتحسين علاقاتها مع السعودية، ذات الثقل في منطقة الخليج، التي دخلت العلاقات معها في أزمة بعد أن قال أردوغان في 2018، إن الأمر بقتل خاشقجي صدر من “أعلى المستويات” في الحكومة السعودية.
كما خلص تقييم للمخابرات الأميركية نشر في فبراير هذا العام، إلى أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وافق على عملية القتل، وهو اتهام رفضته المملكة.
إعادة العلاقات مع مصر
وأكد كالين في المقابلة أن محادثات ستجرى بين تركيا ومصر الأسبوع المقبل يمكن أن تسفر عن تعاون متجدد بين القوتين الإقليميتين المتباعدتين، وتساعد في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في ليبيا.
وتوترت العلاقات بين أنقرة والقاهرة منذ أطاح الجيش المصري في 2013 بالرئيس الراحل، محمد مرسي، المنتخب ديمقراطيا والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، والذي كان مقربا من تركيا، فيما وصفته أنقرة بانقلاب عسكري.
وقال كالين إن هناك اتصالات بين رؤساء أجهزة المخابرات ووزيري خارجية البلدين، وإن بعثة دبلوماسية تركية ستزور مصر أوائل مايو.
وأضاف المسؤول التركي أنه “بالنظر إلى الحقائق على أرض الواقع، أعتقد أن من مصلحة البلدين والمنطقة تطبيع العلاقات مع مصر”.
وفي لفتة إلى القاهرة الشهر الماضي، طلبت تركيا من قنوات التلفزيون المصرية المعارضة العاملة على أراضيها تخفيف حدة الانتقادات للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، القائد السابق للجيش الذي أطاح بمرسي.
ورحبت مصر بالخطوة لكنها ما زالت تتبنى علنا نهجا متحفظا تجاه الدعوات التركية لتحسين العلاقات بين البلدين، اللذين يدعمان أيضا أطرافا متنافسة في الصراع الليبي.
وقال كالين إن “التقارب مع مصر… سيساعد بالتأكيد الوضع الأمني في ليبيا، لأننا نعي تماما أن لمصر حدودا طويلة مع ليبيا، وقد يشكل ذلك في بعض الأحيان تهديدا أمنيا لمصر”.
وأوضح أن تركيا ستبحث موضوع الأمن في ليبيا مع مصر ودول أخرى. وتدعم الأمم المتحدة حكومة انتقالية تولت زمام الأمور في ليبيا الشهر الماضي.
لكن على الرغم من دعوة الأمم المتحدة جميع القوات الأجنبية لمغادرة ليبيا، أشار كالين إلى أن ضباط الجيش التركي والمقاتلين السوريين المتحالفين معهم سيبقون هناك.
وقال “لدينا اتفاق لا يزال قائما مع الحكومة الليبية”، مشيرا إلى اتفاق 2019 الذي مهد الطريق لتدخل تركي حاسم لدعم حكومة طرابلس.