أين الشباب في حضور اجتماعات الإصلاح السياسي في مجلس الأمة؟* دانيلا القرعان

النشرة الدولية –

إن مرحلة الشباب هي أخصب مراحل العمر، وهي مرحلة العطاء وهم الثروة الثمينة التي لا تعوض، وهم تاج وعز الأوطان بصلاحهم تنهض البلدان، والشباب عنصر حيوي في جميع ميادين العمل، وهم المحرك الرئيس الفعال لأي إصلاح، ودوماً يشكلون الرقم الأصعب في أي ثورة إصلاحية، وأداة فعالة من أدوات التطور الحضاري للمجتمع، وهم همزة الوصل بين الماضي والمستقبل، وهم الحاضر الذي يصنع المستقبل. عندما نتابع الاحصائيات نجد أن نسبة الشباب في أغلب البلدان تتجاوز 50% وبعضها تتجاوز 60% إلا أن مشاركتهم في صنع القرار السياسي ضئيلة جدًا وقد تكاد تكون معدومة، ومَن ْيرُيد المسْتَقْبلْ وَيخَطِطْ لهُ لا بُدَّ أَن يضَعْ الجِيل اَلجَدِيد في أَعلى أولَوِياتِهِ.

لا بد من إيجاد مجتمع واعٍ لإمكانيات الشباب، وأن يكون عوناً لهم في تحقيق كامل حقوقهم ويعترف بدورهم المميز في التأثير والتغيير ، ويكون الشباب هم العنصر الرئيس في الأحداث السياسية، ومحاولة البحث عن واقع المشاركة السياسية للشباب بالنظر إلى كون هؤلاء يمثلون جماعة متميزة يفترض أن لهم تصوراتهم ومعتقداتهم السياسية المغايرة لأسلافهم، وعلينا حتى نساعد جيل اليوم من الشباب على إحداث عجلة التغيير السياسي، والانخراط في الاجتماعات التي تدعو الى الاصلاح السياسي، تثقيف الشباب ومعرفة دورهم في عصور متعددة وإن امثالهم قادوا دول وجيوش، وتعريف الشباب بحجمهم الحقيقي وحقوقهم السياسية المغيبة، رفع نسبة المشاركة للشباب لضمان حقوقهم في أي مجال سياسي أو انتخابي، وطرح التحديات التي تثبط من مشاركتهم ووضع الحلول. ولتعميم مفاهيم الثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن ضمنها الحقوق السياسية، علينا وضع خطة استراتيجية طويلة الأمد لتفعيل دور الشباب في كل المجالات السياسية والانتخابية ك (ناخبين/ مرشحين / موظفين / مراقبين/ مراكز صنع القرار).

تعتبر المشاركة السياسية هي أساس الديمقراطية والتعبير الواضح عن مبدأ سيادة الشعب وتقضى المشاركة وجود مجموعة شبابية يتوافر لديهم شعور الانتماء والاهتمام بالشأن العام. والمشاركة هي أرقي تعبير عن المواطنة التي تمثل جملة النشاطات التي تساعد على ممارسة السلطة السياسية، ولما كان الشباب يمثل نسبة كبيرة من إجمالي السكان وهم عنصر فعال وهام من قضايا التنمية السياسية، دفعنا أن نلقى الضوء على المشاركة السياسية بالنسبة للشباب؛ لأن الشباب هم من يملكون القدرة على العطاء وهم ثروة بشرية قادرة على العمل والإنتاج، والشباب هم الحل لكافة مشاكل المجتمع.

تعتبر مشاركة الشباب أحد أشكال الديمقراطية التشاركية، كما أنها إحدى أشكال الحكم الصالح، وهي شكل من أشكال الرقابة الشعبية ومشاركة الشباب سيعزز من التنمية السياسية، وتفعيل المشاركة للشباب سيقلل من حالة الفراغ السياسي التي يعيشها الشباب عبر تهميشهم وعدم الاهتمام بقضاياهم في برامج الأحزاب السياسية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في كيفية تفعيل طاقات الشباب وإعادة جذبها إلى الأحزاب والعمل العام، وتفعيل دور المؤسسات، وذلك من خلال إعادة صياغة أولوياتها انسجاماً مع الأجندة الوطنية، بما يحقق التكامل في العمل بينها وبين المؤسسات الرسمية.

وإذا كانت قضايا الشباب متعددة، فإن مسألة المشاركة الشبابية أصبحت موضوع الساعة وأكثر من أي وقت مضى في ميدان السياسات الموجهة للشباب، وهي على درجة كبيرة من الأهمية؛ لأنها تتعلق بإطار أشمل هو “مشروع الحداثة والبناء الديمقراطي” حيث تتنامى أهمية المشاركة الشبابية في الشأن العام، بوصفها إحدى أهم دعامات المواطنة وديمقراطية المشاركة لدى المجتمعات المعاصرة، فالمشاركة وبخاصة من جانب الشباب تعد المدخل الحقيقي لتعبئة طاقات الأجيال الصاعدة وتجديد الدماء في شرايين النظام السياسي للوطن والمساهمة في حركة التنمية المتواصلة.

لنأخذ نظرة لواقع الشباب في عصور كان المسلمين لهم دولة وكيف كان دور الشباب في تأسيسها وقيادتها، فعند الرجوع إلى العصور القديمة نجدها تزخر بالطاقات الشبابية وتقلدها للمناصب السيادية والإدارية وتكون صاحبة قرار، ولو أطلعنا على دور المنظمات الدولية في اهتمامها بالطاقات الشبابية وأخذ دورها الحقيقي في المجتمع لرأينا بأنها تنادي بذلك في كل المحافل الدولية، يقول كوفي عنان الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة عن الشباب ((المجتمع الذي يقطع نفسه عن الشباب يقطع نفسه عما يمده بالحياة، ويكون مكتوب عليه أن ينزف حتى الموت)).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button