كيف تَقْتَبِس الصّحافة من “فيسبوك” و “تويتر”؟

النشرة الدولية –

أكيد- ترجمة أفنان الماضي –

اتّخذ السياسيّون والمشاهير من “تويتر” مساحةً شخصيّة للإعلان عن آرائهم وربما قراراتهم أحياناً، ولهذا تتعامل مؤسّسات صحافيّة وصحفيّون كبار مع الأخبار والتصريحات الواردة على “توتير” على أنها معلومات يرغب صاحبها بانتشارها، فيقومون باقتباسها دون تردّد ونشرها.

يُعدّ “تويتر” وسيلة مفتوحةً وعامة، إذ لا يوجد في إعداداته ما يتيح إغلاق الحساب وتصنيفه كحساب خاص بالمتابعين فقط، بل كل ما يُكتب في “تويتر” هو عام وقابل للنشر. وهذا يتعلّق بالشخصيات العامة، ولكن ماذا عن الأفراد العاديّين الذين يضيفون في حسابات التواصل مواداً هي ليست في الأصل للنشر!

يرى الصحفيّون وسائل التواصل المختلفة كمسرحٍ عريضٍ للأفكار، والمصادر، وأبطال القصص الإخبارية، ولكنهم وحتى لحظة إعداد هذا المقال، لا يجدون قواعد صارمةً ومُحددة  ترشدهم إلى كيفيّة الاقتباس وضوابطه، إذ إنّ الحكم يعتمد على عدد من العوامل والظروف المحيطة بالحدث المتداوَل، فالتعامل مع خبر عاجل وحالة طارئة كالكوارث الطبيعيّة مثلاً، قد لا يتيح للصحفيّ إمكانية التحقّق والتواصل مع المصادر وأصحاب الحسابات المُغرّدة، ما يضطره لاقتباس المعلومات كما هي. ولكنها مهمّة مُلقاة على عاتق وسائل الإعلام وتطبيقات التواصل، لوضع قواعد أكثر وضوحاً أمام الصحفيّ، لمعرفة ما هو عام وما هو خاص وما هو غير متاح للنشر.

مؤسّسات صحافيّة كبيرة تتعامل مع تغريدات “تويتر” على أنها مواضيع عامة متاحة وتصريحات مُرخّص بنشرها، طالما أنّ الحساب حقيقيّ للشخصيّة العامة، إلا أنّ مؤسّسات مثل “رويترز” يفضّلون الاقتباس مع إسناد الخبر إلى صاحبه، وإضافة الرابط إن أمكن.

أستاذ الصحافة والإعلام في جامعة مينسوكي Jacqui Banaszynski ، يؤكّد أنّ حصول الصحفيّ على إذن بالنّشر هو أمرٌ أساسيّ رغم حقيقة عموميّة “تويتر” وانفتاحه، كما أنّ الوصول لتقرير صحافيّ عميقٍ ومُحكم لا يمكن أن يتمّ من خلال تغريدة قصيرة يمكن بكلّ بساطة إخراجها عن سياقها، ولهذا فالصحافة المهنيّة تتطلب التواصل مع الشخص المعنيّ لفهم سياق التغريدة، وملابسات الموضوع، وأطرافه، لتقديم تقرير إخباريّ شاملٍ ومتكامل.

أمّا منصّة “فيسبوك” فتختلف عن “تويتر” ، إذ إنّ إعدادت “فيسبوك” تسمح بخصوصيّة أكبر للمستخدم، وهذا يعني أنّ التعامل مع محتوى “فيسبوك” ليس بالحريّة ذاتها مع “تويتر” بالنسبة للصحفي، بل إنّ الأستاذ Banaszynski ، يضع فوارق في الحُكم بين أن يتم النشر في حساب عام للشخصيّة، أو في مجموعة مغلقة،  إذ لا بدّ في الحالة الثانية أن يتّصل الصحفيّ بالشخص المعني، للتأكد من هويّته ومن صحّة المنشور وطلب الإذن بالنشر.

المنشورات على منصّات التواصل تُتيح كمّاً هائلاً من البيانات، ومن السهل الوصول للمعلومة والأشخاص المرتبطين بها للتواصل معهم وإعداد التقرير. ولكن تبقى هناك منطقة رمادية مُموّهة لم يُحدّد بها متى يحقّ للصحفيّ الاقتباس، ويُمكن تحديدها بهذه الأسئلة: متى تُعدّ المعلومة خاصة؟ هل التعليقات في الصفحات الشخصيّة أو المجموعات المغلقة ذات خصوصيّة؟ كيف يتمّ التعامل مع منشورات الشخصيّات العادية والناشطين؟

وإلى حين تحديد القواعد لكلّ الحالات السابقة يتوجّب على الصحفيّ طرح عدة أسئلة على نفسه قبل اقتباس أيّ معلومة عن وسائل التواصل، ليحافظ على المهنيّة العالية، والأداء الصحافيّ الجيّد، ومن هذه الأسئلة :

  1. ما هي نيّة الشخص في تغريدته ؟ هل يقصد الحفاظ على خصوصيّة المعلومة أم يقصد انتشارها؟

2.عند سؤاله عن تضمين المعلومة في تقرير إخباريّ هل كان ردّه إيجابيّاً أم متردّداً؟

  1. إلى أي مدى يُعدُّ الشخص المغرّد شخصية عامة ؟
  2. ما نوع الضّرر الذي قد يلحق بالمغرّد لو نشرت المعلومة في سياق إخباريّ؟ وهل نسبة الضرر مقبولة إلى حجم المصلحة العامة المتحقّقة؟
  3. هل يُمكن الحصول على المعلومة ذاتها من مصادر بديله؟

المصدر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى