حوار الفنادق ليس كجهاد الخنادق
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
كثر اللغط والهجوم على المقاومة الفلسطينية التي تذود بقوة عن الحق الفلسطيني، وبالذات حركة حماس وجناحها العسكري من قبل بعض الجهلاء الذين رفعوا عقيرتهم بالغزل بمواقف فصيل على حساب الفصائل الفلسطينية الأخرى من أجل تقزيم دور المقاومة، وهذه إشارة واضحه أن قبلة هؤلاء ليست فلسطين وأن بوصلتهم لا تُشير إلى القدس، ويبدو أن هؤلاء لا يقرءون القرآن ولا يدركون الفارق بين بطولة وأخرى، فهؤلاء يعتقدون أن الحوار الذي يجري في الفنادق أقوى وأهم من الجهاد والقتال في الخنادق مع عدو لا يعرف إلا لغة القوة، ويعتقد هؤلاء أن إطلاق أغنية لفلسطين كإطلاق صاروخ يرُج الكيان الغاصب لفلسطين، رغم معرفتهم ان الإغنية تجعل الصهاينة يرقصون لسماعها طرباً فيما الصاروخ يجعلهم حبيسي الملاجيء ويقودهم للموت زمرا.
كما يعتقد هؤلاء إن قيام أحدهم اياً كان بإلقاء كلمة أو تصريح في لقاء بغرفة مُغلقة مكيفة محمية من الصهاينة قبل العرب، يعادل لقاء الصهاينة في حرب مفتوحة كل طلقة فيها بشهيد يرتقي لعنان السماء أو قتيل صهيوني تلفظة الأرض، وبالتالي فإن الفارق واضح كما قال الله عز وجل في سورة التوبة ” أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كما آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين”، فما من شيء يعادل جهاد الإنسان بروحه وماله، لذا فإن أي تقزيم من دور المقاومة هو تقزيم لشخصية من يتحدث بهذه الطريقة التي لا تتناسب مع إنجازات أبطال المقاومة، بل تعتبر محاولة للقفز على بطولات الآخرين وتجيرها لرجال الفنادق ، وهذا يكشف ضعف وزيف فكر من يعمل ضد المقاومة بالقول أو الفعل.
هذا كلام الله الذي لا يأتيه الباطل، هذا كلام الله المحفوظ حتى قيام الساعة، هذا كلام الله الذي يقول “قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ويخزيهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين”، فهل بعد هذا القول من قول حيث لم يقل حاوروهم وأبرموا معهم إتفاقات الذل والعار والخنوع، ولا أعني هنا التقليل من دور العمل العربي الضعيف والذي يعتبر أضعف الإيمان، ولا التقليل من موقف جميع الفصائل الفلسطينية والتي عليها أن تتوحد اليوم في فصيل القدس، وأن يصبحوا سلطة تملك علاقات دولية وحماس القوة العسكرية ليصبح القرار الفلسطيني بالتشارك وليس بدكتاتورية مُطلقة، وبالتالي تصفق فلسطين بيدين اثنتين بدل من يد واحدة، لا سيما أن الصهاينة أسقطوا جميع الإتفاقيات التي وقعوها مع العرب وأخذوا منها ما يناسبهم وتركوا مالا يتناسب مع مصالحهم، لذا فإن الإتفاقات التي أطلق عليها إتفاقات سلام ماتت رسمياً، وأصبحت بلا قيمة على أرض الواقع وان التمسك بها ضرب من الجنون والحُمق السياسي.
لقد أوجعنا ما ذهب إليه بعض حمقى السياسة والوطنية الذين يتغزلون بجميل الكلام على حساب قوة الصواريخ التي أعادت الحُلم والأمل للأمة العربية جمعاء ، وتبرز مصيبة المثبطون أنهم لا يصلون بفكرهم الضعيف ما وصله الشاعر العربي الكبير أبو التمام حين قال:
” السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب”
كما نسي أو تناسى هؤلاء شعر عنترة بن شداد الباحث عن الحرية التي تتوق شعوب العالم لبلوغها حين قال:
” لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ
بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ”
فاليوم ظهرت الفوارق بين أصحاب القلوب القوية اللذين لا يهزمهم من عاداهم، وهم في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس وهم من قال فيهم الحبيب المصطفى”ص” لأصحابه في حديث رواه الترمذي “إن من ورائكم أيامَ الصبر، القابض فيهن على دينه كالقابض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين منكم”، قالوا: كيف يكون له أجر خمسين منا؟ قال: “إنكم تجدون على الحق أعواناً وهم لا يجدون”، وغزة اليوم والقضية الفلسطينية لا يجدون أعواناً على الحق إلا بالكلام الذي لا يحرر الأوطان، فيما شعب فلسطين يقبض على جمر الحق والدين والمقاومة نصرةً لدين الله والأرض والعرض، لذا فقد أظهرت الحرب صلابة أبطال الخنادق وهشاهشة المتحاورون في الفنادق، لتكون محصلة القصف أنه لا أمان لصهيوني يقطن في فلسطين “حتى حين” إلا بأمان كل فلسطيني يسكن في وطنه، وأقول ان كل فلسطيني وعربي شريف قدموا ما يستطيعون لأجل فلسطين وجزاهم الله خير الجزاء لكن تبقى الفوارق التي حددها الله في كتابه حين قال:”لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا”.