الإعلام والصعود إلى الهاوية
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

غريب عجيب ما يحدث في الإعلام العربي بشكل عام والأردني بشكل خاص، فمنذ ايام وللأسف تابعت بعض من يدعون أنهم إعلاميون ونشطاء واكتشفت بأن هؤلاء يعيشون في عالم الوهم والكذب والنفاق، لدرجة يصيب الإشمئزاز كل من يتابعهم من أصحاب الفكر الراشد السليم ، فحديثهم يخلو من التهذيب ولا يحافظ على كرامة وذوق المشاهد، كما أن لغة الجسد التي يتصفون لها مهينة لكل من يتابعهم ولا تتناسب مع الفكر الإعلامي بل هي تمثل الدونية بأحقر صورها، فهؤلاء المدعون حتى وان عملوا في مجال الإعلام لسنوات طوال فهم لا يعلمون معاني الرسالة الإعلامية، ولا يدركون أهميتها في إيصال الحقائق والمُثل العليا للمشاهدين والمتلقين، بل لا يعرفون كيفية الحفاظ على القيم الإنسانية وطرق التقديم، وهنا نتحسر حين نشاهد دول كانت تستورد الإعلامييين لينهضوا بها كيف تقوم اليوم بتخرج إعلاميين مميزين يترفعون عن الهبوط لدونية العمل.

وهنا نتساءل، من يحاسب هؤلاء ومن يتابعهم؟، فهؤلاء عار على الإعلام الاردني بفضل الشتائم التي يطلقونها والألفاظ الخارجة عن نطاق الأخلاق والوطنية التي تصدر عنهم، والغريب ان هذه الوقاحات وقلة الأدب اصبحت تجمع المشاهدين حولهم، وتجعل من هؤلاء “الأرجوزات” نجوم مشهورين ومتابعين في شتى بقاع الأرض، وهذا يُثبت وللأسف ان بعض والبعض القليل من الإعلاميين في الأردن امتهنوا مهن غير شريفه خلال عملهم في المهنة المقدسة، حين احترفوا التطبيل والتزوير والتأليف والخروج عن المألوف وتجاوز حدود العلم والمعرفة، حتى وصلوا إلى عصر الخرافات لأجل إثبات الولاء لشخصيات غير وطنية، وهنا فإن الغاية تصبح معروفة ومحددة بالمال ولا شيء غير المال، وهذا يمثل قمة السقوط الإعلامي والإنحدار الخُلقي.

والمعيب ان بعض من يدعون أنهم رموز الإعلام لا يفقهون ما يقولون ولا خطورة ما يُصرحون به، لنجدهم يهرفون بما لا يعرفون فنشعر بأنه يتم تحريكهم كما الدمى الخشبية، وهنا الكارثة حيث يكون السؤال الأهم، كيف وصل هؤلاء إلى قمة القيادات الإعلامية؟، ومن أوصلهم لهذه المناصب والمراكز؟ فإذا كانت الدولة وأذرعها فعليهم اليوم أن يقطفوا ثمار الفشل في اختيارهم، أما إن كان الإعتقاد بأن هؤلاء هم الأفضل، فهذا يُثبت بأننا في الدرك الأسفل في الإعلام كون من يقومون بالإختيار لا يميزون بين الغث والسمين، كما يثبت بأن مهنة الإعلام دخلت بقوة في منظومة الفساد الإداري والواسطة والمحسوبية.

ان مهنة الإعلام مهنة مقدسة ويجب أن تُصان كونها السلطة الرابعة، والأولى في دول العالم المُتحضرة والديموقراطية، فالإعلام يساهم بدرجة كبيرة في تحديد من يصبح في مراكز السلطة الأولى بفضل الإنتخابات، والسلطة الثانية بقوة الرقابة والثالثة بفرض قضايا الراي العام، وبالتالي فإن الإعلام  قوة لا يُستهان به إذا حافظ على رسالته، ويتحول إلى قوة الفساد الأعظم إذا بحث عن طريق كسب المال الحرام إما بالعطايا أو بالحصول على متابعين لقضايا كاذبة، والمصيبة أن الإعلام يؤثر على المجتمع بشكل شمولي، مما يوجب وجود نظام مجتمع مدني يملك القدرة على مراقبة ومحاسبة من يخرجون عن خط القيم والمباديء، مع الحفاظ على الحرية في التعبير عن الرأي بطريقة خلاقة تخلو من الفوضى والشتائم ، وهذا ليس بالأمر الشاق إذا ما وجدت الرغبات الحقيقية وتولى المناصب الإعلامية أحق الناس بها وليس التابعين، وإذا ما ابتعدت الدولة والحكومات وأذرعهم عن اختيار الاسوء لقيادة المنظومة لأننا سنجني ما هو أسوء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى