قرويه في وسط البلد
النشرة الدولية –
ابتسام المناصير –
قرويه في وسط البلد
المجد لنا نحن أبناء الأرياف والقُرى البعيدة
قَدِمْنَا إلى هُنا على متنِ أحلامنا البسيطة،ولَم نؤتَ شيئاً،..جِئنا الى المدينة من هناك لتحقيق احلامنا فقط..احلامنا التي عجزنا أن نُحققها في القرية بسبب الفقر المدقع وضعف الحيلة، خُلقنا كادحين ولم نعرف في يوم من الأيام. ما معنى اليأس أو الإستسلام
خُلقنا نادِمين حالمين، طيّبي النوايا، فقراء انقياء فلاحين.
لم نحتفل منذ مجيئنا بأعياد ميلادنا ولو لمرة واحدة، ولم نفكر بفعل ذلك حتى،ولا وقت لدينا لنفعل، نحن مشغولون بالتعب والشقاء المتواصل
مشغولون بتوفير لقمة عيشنا فقط، ولا يهمنا أكثر من ذلك..
خُلقنا هكذا……وكبرنا فجأةً على غير العادة.
تجاوزنا مرحلة الطفولة بسرعة وشِئنا أن نكبر.
وحدهم أبناء المُدن المُدّللين يبقون أطفالاً إلى آخر العمر ولا يشيخون ربما، اما نحن فنشيخ من التعاسة قبل اواننا بكثير،
خّلقنا فارغين لا نعرف شيئاً من الحقيقة، ولا نملك شيئاً في حوزتنا سوى قلوبنا النظيفة، لا أموال لدى آبائنا فنغنمها ولا أيام سعيدة متاحة لنعيشها ونستقر في الأرياف،
خُلقنا راضيين مُقتنعين بما لدينا وبما نملك ،لا نسخط ولا نشتم الأقدار ولا نتضجر،
في طفولتنا البريئة….
كانت أمهاتنا يُلقِنّنا تناهيدهنّ في الصباح والمساء، قبل النوم وبعد الإستيقاظ منه وكل وقت و حين..لكي لا تهزمنا الحياة مُبكراً وتظننا أطفالاً ضعفاء.
كانت أمهاتنا القوة الكبرى التي نحتمي خلفها من شرور الحياة وخوفها،وكان آبائنا يسافرون إلى المدينة ليشقوا ويتعبوا من اجل أن يوفروا لنا ما يستطيعون من هناء
كانت امهاتنا يُرشِدْنَنا الى التعليم والمدارس ويُحثثننا على الأخلاق الحميدة ،المحافظة على الصلوات الخمس في مواعيدها واحترام الكبير وتقديره والإحسان إلى الجار ومساعدة الغير والطموح بالمستقبل والأمل الدائم بالله.
امهاتنا اللواتي نفخر بهنّ لم يَكُنَّ كاتبات ولا روائيات ولا متعلمات ولا شاعرات ولا مُثقفات بل أُميّات قرويات لا يحفظنّ حتى حروف الهجاء.
نعم نحن أبناء نساء ريفيات أُمِيّات لم يقرأنّ يوماً ل غادة السمان ولا لأحلام مستغانمي ولا ولا ل رضوى عاشور ولا لغيرهنّ.
نحن أبناء ريفيات أُميّات لم يقرأنّ يوماً كتاب لاتحزن ولا حصن المسلم ولا كُتب الدين ولا أدارة التنمية البشرية.
أبناء نساء بسيطات لا يحفظنّ من القرآن إلّا سورة الفاتحة وبعض سور قصيرة حفظنها على يد فقيه القرية في طفولتهنّ.كالكوثر والإخلاص والفلق،والنصر والهاكم التكاثر،…………….كاننّ.
نحن الكادحين الذين حملنا نعشَ أحلامنا في البداية وركضنا وبحثنا عن طريق ولم نجدها
نحن الذين تفوح من ملامحنا رائحة قروية رائحة المحبة الريفية وخبزها وعجينها وماءها وبساطتها الجميله.
نحن الذين ننشد الهجيني في رواقنا والسعادة.
نحن الذين كنا وما زلنا نقتلعُ الأمل من أغصان الشجر ونحشو به أيامنا الخاوية
نحن الذين لا تعريف مناسب لهم ولا عنوان سوى البساطة.
من لا نملك .. سوى فكرة واحدة عنا ..فكرة واحدة لا تتعدى درعنا الواقي من اللامبالاة
نحن من نمنحُ الوردَ ک إجاباتٍ على الاسئلة المستعصية وعلى الإستفهامِ الفضولي عنا،.
نحن القَرَويون جداً بكل ما أؤتينا من أحلام.