قمة واشنطن .. تجديد للتحالف وترميم للثقة!

النشرة الدولية –

تعد قمة واشنطن التى جمعت جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس جو بايدن ، بمثابة محطة تاريخية للعلاقات الاردنية – الاميركية تضاهي من حيث القيمة الاستراتيجية تلك القمة الاولى التى جمعت الحسين رحمه الله بالرئيس الاميركي ايزنهاور في واشنطن عام 1959حيث تم الاتفاق في تلك القمة على اسس التحالف بين البلدين والذي اقيم على اساس دعم الاعتدال في المنطقة وحمايتها من النفوذ السوفيتي وقتذاك وفقا لمبدا ” ايزنهاور ” او ما اطلق عليه ” سد الفراغ ” والمتمثل بقيام اميركا بسد الفراغ في المنطقة الناجم عن تراجع النفوذ البريطاني – الفرنسي فيها.

تعرضت العلاقات الاميركية الاردنية ورغم متانتها عبر اكثر من ستة عقود الى العديد من الخلافات والتباين السياسي واحيانا ” التدهور ” على غرار ما جرى في بداية التسعينيات من القرن الماضي في عهد الرئيس جورج بوش الاب وعلى خلفية قرار واشنطن اخراج القوات العراقية من الكويت بالقوة العسكرية وقطع الطريق على الحل السياسي للازمة الذي كان يتبناه الحسين رحمه الله ، فيما كانت العلاقات في عهد الرئيس الاميركي بيل كلينتون الذي اعقب حقبة بوش الاب من افضل المراحل التى عاشتها العلاقات بين البلدين والسبب الاساسي يكمن في الجدية والصرامة التى ابداها الرئيس كلينتون في صنع السلام بين اسرائيل من جهة وكل من الاردن ومنظمة التحرير من جهة ثانية .

يمكن القول ان قمة الملك – بايدن اعادت القيمة الاستراتيجية والتاريخية للعلاقات بعد التدهور الكبير الذي اصابها في عهد دونالد ترامب ، فالقمة عقدت في ظرف ومناخ سياسيين توفرت فيهما عناصر عديدة مهمة اعطتها زخما ومن ابرزها :

اولا : الارتياح المشترك لجلالة الملك ولبايدن من غياب شخص الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب الذي شكل بالنسبة لنا في الاردن حالة من العداء لمصالحنا القومية في الاقليم وفي العالم لم يسبق لاي ادارة اميركية ان تبنتها من قبل .

ثانيا : غياب نتنياهو والذي كان هو الاخر يشكل تحديا خطيرا على مصالح الاردن الامنية والسياسية والاقتصادية وارسى قواعد تحالف غير مسبوقة مع ” ادارة اميركية ” هي ادارة ترامب والتى تحولت هذه الاخيرة وبشخوصها الى مجرد ادوات بيده وجهها نحو انزلاقات سياسية دراماتيكية كسرت الخطوط الحمراء في السياسة الاميركية المعهودة وقزمت قرارات الشرعية الدولية وعملت على الغائها وذلك من خلال مشروع صفقة القرن التى استغل فيه نتنياهو ” جهل ” ترامب ، واحقاد صهره كوشنير ومايك بينس من اجل انهاء القضية الفلسطينية بكل ابعادها ودفنها .

ثالثا : شكلت حقبة ترامب وسياساته التى حاولت اعادة تشكيل الاقليم ليكون تابعا لها بشكل كامل ، شكلت نوعا من التحدي لجون بايدن المرشح الرئاسي وبايدن الرئيس فيما بعد وذلك بعد ان باتت بعض الاطراف في الاقليم محسوبة بصورة كبيرة على ادارة ترامب وتماهت معها ، فيما بقى الاردن وطوال حقبة ترامب محصنا ضد تاثيرات سياسات ادارة ترامب المتهورة والرعناء بل ومتعاكسة معها ، ولهذا السبب اعتبرت ادارة بايدن ان الاردن بقيادة جلالة الملك هو حليف صادق ومؤتمن على مبادئ العلاقات التاريخية بين البلدين ويملك حصانة ذاتية تجعله قادرا على حماية المصالح الاستراتيجية للبلدين والدفاع عنها بعيدا عن الاهواء الخاصة ” لساكن البيت الابيض ” .

ارتدادات قمة واشنطن الايجابية ستبدا قريبا بالظهور والتشكل … لننتظر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى