من التّكليف إلى التّأليف : ظروف جذريّة تبدّلت و “بوادر تشير إلى الخير”
بقلم: ريتا ابي نصر
النشرة الدولية –
ليبانون عاجل
بدأت المرحلة الثانيّة لدى الرّئيس نجيب ميقاتي، و انطلق مسار تأليف الحكومة من جديد، و رغم الغموض المسيطر و لكنّ الإتّصالات و الضمانات الدولية و تجاوب الرّئيس عون مع ميقاتي حتى الآن، تبشر بالخير.
و يكمن السؤال :”هل ستتشكّل الحكومة؟” أم عراقيل جديدة ستظهر؟ و الأهمّ، هل سيتجاوزها ميقاتي وسيتمكّن من التّأليف؟
أبرز ما عنونته الصّحف اللّبنانيّة، اليوم الأربعاء :
صحيفة النّهار
مسار سريع للتأليف والحريري لـ”تعليق” الحصانات
وسط ميزان جامح الى غموض كثيف لا يمكن تجاهل احتمالاته السلبية اسوة بالإيجابية، بدأ مسار شاق جديد لتأليف حكومة جديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي اذا قيّض له النجاح في الإنتقال من التكليف الى التأليف بما يتيح الاستنتاج بأن ظروفاً جذرية تبدّلت وعطّلت أخيراً مسار التعطيل. وحيث انه لا يزال مبكراً القفز المتسرع الى التقديرات المتعجلة في شأن الظروف المتاحة للرئيس المكلف لبدء عملية التأليف بالسرعة التي توخاها، والتي ظهرت بوضوح عبر وتيرته السريعة في اليومين الأخيرين، فإن المعطيات الماثلة حتى مساء امس، وعقب اجتماع النقاش الأول بين ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا عصر امس، تشير الى إنطلاق الإختبار الحاسم للتأليف وسط أجواء أولية إيجابية عكستها المعلومات التي أفادت بأن تصوراً اولياً للملامح العامة للتشكيلة الحكومية التي يزمع ميقاتي تقديمها جرى تناوله بين عون وميقاتي حول حكومة اختصاصيين، وان الطرح المبدئي لهذه التشكيلة لم يظهر تباينات بعد بينهما، وان ثمة اتجاهاً الى تكثيف الاجتماعات علّ الامر يدفع نحو استعجال تأليف الحكومة ما لم تظهر الأفخاخ والمطبات المخفية في قابل الأيام. ذلك ان التحسب للأفخاخ لن يبدأ بالتراجع الا اذا برزت في غضون الأيام القليلة المقبلة معطيات تعكس “كلمة سر” ما سربت الى الفريق الذي دأب على التعطيل سابقاً بفتح مسارب تسهيل مهمة ميقاتي ولو لحسابات مختلفة داخلية وإقليمية ودولية.
وفي الانتظار، تشير معطيات “النهار” إلى أن الرئيس المكلف يتّجه إلى اعتماد أسلوب جديد في النقاشات الحكومية المرتقبة مع الرئيس عون. وهو اطلق محرّكات المشاورات مع بعبدا، انطلاقاً من البحث في أسس تنفيذ البرنامج الحكومي وعناوين الإجراءات الإصلاحية التي تحتاج إلى توافق مع المكوّنات المعنية بالتأليف، باعتبار أن بيت القصيد يكمن في ضرورة الاتفاق على برنامج العمل واستشعار مدى الإستعداد الجدي لتنفيذ الإصلاحات، في وقت يلمس مقربون من ميقاتي أن التوصل إلى توافق على تنفيذ بنود برنامج عمل واضح هو المسألة الاكثر أهمية، في وقت كانت برزت معالم رفض لمجموعة من الإصلاحات في مرحلة سابقة من قبل قوى سياسية رئيسية في البلاد.
وسينطلق ميقاتي في المفاوضات الحكومية إنطلاقاً من أربعة عناوين: استقلالية الوزراء، وحكومة المهمة، والإصلاحات، والانتخابات. ومن ثم سينتقل إلى البحث في التوازنات التي ستقوم عليها الحكومة في توزيع الحقائب قبل التطرق إلى الأسماء. ويتجه بعدئذٍ إلى النقاش في الاسماء التي يريدها مستقلة من دون تأثير سياسي. وثمة قناعة راسخة لديه بأنه إذا كانت أسس تنفيذ البرنامج واضحة، حينئذٍ يصبح التأليف سهلاً. وعلم أن اللقاء الأول بين عون وميقاتي بعد الاستشارات النيابية التي اجراها الرئيس المكلف شهدت تقديم ميقاتي تصوره الاولي لتشكيلة حكومية من 24 وزيراً اختصاصياً من المستقلين غير الحزبيين مع توزيع للحقائب على الطوائف وان البحث في هذا التصور سيستكمل في اجتماع آخر اليوم في قصر بعبدا. وذكر ان عون وميقاتي متفقان على الاستعجال في التأليف.
وكان ميقاتي أجمل نتيجة الاستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها في ساحة النجمة، بإشارته الى “اجماع النواب والكتل على الطلب باستعجال تشكيل الحكومة، لأن مع تشكيلها نستعيد الدولة ووجودها ما يجعل المواطن يطمئن”. وقال: “الظروف صعبة ويجب تأمين حاجات المواطن “. كما اعلن بعد زيارته للقصر الجمهوري عصراً انه أطلع الرئيس عون على تفاصيل الاستشارات النيابية غير الملزمة “وأكدت أهمية تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن”. وقال انه والرئيس عون “محافظان على وتيرة السرعة هذه ويمكنني القول اننا دخلنا في بعض التفاصيل وكانت الآراء متطابقة بنسبة كبيرة جداً وسنلتقي في اجتماعات متتالية خلال اليومين المقبلين وباذن الله سنشهد حكومة قريبا. ”
الحريري و الحصانات
ولكن تطوراً بارزاً طرأ امس على ملف التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت من خلال الموقف البارز الذي اعلنه الرئيس سعد الحريري بعد الظهر عقب ترؤسه اجتماعا لـ”كتلة المستقبل” النيابية. وجاء اعلان الحريري عن موقف كتلته من ملف الحصانات ليشكل الموقف الأول له من خارج الملف الحكومي بعد اعتذاره ودعمه الرئيس ميقاتي، ولكن الأهم ان هذا الموقف الذي دعا الى تبني اقتراح دستوري بتعليق كل الحصانات من شأنه ان يَصْب في دعم قوي ثابت للمحقق العدلي في الملف ولو ان الحريري كان أساساً ولا يزال من دعاة تحقيق دولي في الانفجار. وعقد الحريري مؤتمرًا صحافيًا خصصه للحديث عن هذا الملف واعلن ان “من يريد الحقيقة من دون مزايدات فليسر معنا في اقتراحنا واتخذنا قرارا استثنائياً هو اقتراح تعليق كل المواد الدستورية والقانونية التي تعطي حصانة أو أصول خاصة بالمحاكمات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والنواب والقضاة والموظفين وحتى المحامين، وهكذا يتساوى الجميع أمام حجم هذه الجريمة ويتوجه الجميع الى المحقق العدلي”. واعلن ان “أعضاء “كتلة المستقبل” سيوقعون هذا الاقتراح وسنزور كل الكتل النيابية لطلب التوقيع على هذا الاقتراح لأنه من حق أهالي الشهداء معرفة من يريد الاحتماء بحصانته”. واضاف ” أنا إبن شهيد وأعلم ما معنى أن يخسر أحد والده أو والدته أو شقيقه أو رفيقه في جريمة أعادتنا جميعاً الى مشهد 14 شباط لا يزايدنّ أحد علينا في مسألة 4 آب”. وتابع: هناك جهات متخصصة بتزوير التاريخ تعمل ليلاً نهاراً لتقول ان نواب المستقبل تخلوا عن الحقيقة والعدالة وأنهم وقعوا العريضة وهذا الكلام قمة التضليل وقمة التزوير وقمة الكذب”.
صحيفة الجمهورية
هل سيتركونَ ميقاتي يَشتغِل؟
يَنْكبُّ المراقبون على التدقيق في مغزى قول الرئيس نجيب ميقاتي إنّه حصل على «ضماناتٍ دولية»، ولولاها لما غامَرَ بدخول السرايا في هذه الظروف. فما فحوى هذه الضمانات وحدودُها؟ وهل القوى النافذة في الداخل ستجد نفسها ومصالحها منسجمة مع هذه الضمانات، أم إنّها ستعرقل الحلول مجدّداً، حتى إنضاجِ الظروف الإقليمية التي تناسبها؟
يقول بعض المراقبين إنّ الظروف المحيطة بميقاتي، في التكليف والتأليف، تختلف عن الظروف التي تحكّمت بالحريري، خصوصاً في ما يعني العلاقة مع رئيس الجمهورية وفريقه السياسي.
وفي أي حال، يضيف هؤلاء، إنّ أزمة البلد ليست في التنافر بين الرئاستين الأولى والثالثة، كما يوحي البعض، بل هي في انعدام ثقة المجتمع الدولي في طاقم السلطة. ومن دون هذه الثقة، سيستمرّ الحصار الدولي والعربي على لبنان، إلّا في الحدّ الأدنى من المؤن الغذائية والطبية للناس وللجيش.
ولذلك، سيحاول ميقاتي تسريع عملية التشكيل. ويعتقد البعض أنّه قد يؤلِّف حكومة «الألوان الغامضة» للحدّ من «الاعتراضات الفاقعة»، ولعلّه ينجح قبل 4 آب، فتتمّ إصابة عصفورين بحجر واحد: استيعاب الاحتقان الشعبي، والاستفادة من مؤتمر الدعم الدولي.
ولكن، بعد ذلك، سيكون المحكّ هو أنّ استكمال الإيجابيات بتحقيق الانفراج السياسي والمالي والاقتصادي المطلوب. وهنا بيت القصيد. وكما طلب دياب مهلة 100 يوم لتنفيذ الخطوات الأساسية لحكومته، فالأرجح أنّ ميقاتي سيطلب مهلة أيضاً.
وسيكون الرهان: هل سينجح ميقاتي في التأليف ويتجنَّب تجربة تقطيع الوقت التي يسعى إليها البعض من داخل السلطة، انتظاراً لتبلور المناخات إقليمياً ودولياً؟ وإذا نجح في تجاوز عقدة التأليف، فهل سيتركونه «يشتغل» بهدوء لإخراج البلد من الحفرة؟
جريدة الأنباء الإلكترونيّة
جرعة تفاؤل حكومية حذرة… وعنوان المرحلة “العبرة في التأليف”
“العبرة في التأليف”. هذا سيكون عنوان المرحلة. تخطّى اللبنانيّون مرحلة التكليف والاستشارات النيابية الملزمة وغير الملزمة، وعينهم من الآن وصاعداً على مسار عملية تشكيل الحكومة، فهي الامتحان الأساسي أمام الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي.
الأجواء الإيجابية التي أشاعتها صالونات السياسة في اليومين الأخيرين انعكست انخفاضاً غير طبيعي في سعر الصرف، وهو ما يؤكّد المؤكّد: السياسة تتحكّم بكل شيء، ومنها تنطلق الحلول الاقتصادية والاجتماعية، ما يزيد من حجم المسؤولية الملقاة على الأطراف الأساسية في البلد، والمعنيّة إمّا مباشرة عبر عملية التأليف، أو بشكلٍ غير مباشر عبر تسهيل العملية والابتعاد عن الشروط والعراقيل.
في هذا السياق، لفتت مصادر سياسية إلى وتيرة الاتصالات السريعة التي تشهدها عملية تشكيل الحكومة، والتي تهدف إلى التأليف بأسرع وقت. وما زيارة ميقاتي إلى قصر بعبدا بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة يوم أمس، ووعده بأنه سيلتقي رئيس الجمهورية كثيراً، إلّا خير دليل.
وأشارت المصادر عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ الحكومة مؤلفة من 24 وزيراً، جميعهم بالمبدأ من الاختصاصيين.
صحيفة نداء الوطن
تشكيلة ميقاتي تحت سقف مبادرة “عين التينة” وتفويض “بيت الوسط”
لقاء بعبدا “جسّ نبض”… و”الجدّ” يبدأ اليوم!
الرئيس المكلّف خلال جولة الاستشارات مع الكتل في مجلس النواب أمس (رمزي الحاج)
لم يتأخّر رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في تظهير اندفاعته الصاروخية نحو التأليف، مقتنصاً “سكرة” تبادل الأنخاب بين بعبدا والبياضة “في صحّة” إقصاء سعد الحريري، ليغتنم اللحظة السانحة ويبادر إلى تسريع “انقباضات” الولادة الحكومية تحت تأثير “النشوة البرتقالية”.
وعلى قاعدة “الهجوم خير وسيلة للدفاع”… إندفع ميقاتي باتجاه الملعب العوني مستعجلاً التهديف في مرمى التأليف، فانتقل مباشرةً من ساحة النجمة إلى قصر بعبدا حيث عقد لقاء “جسّ نبض” مع رئيس الجمهورية ميشال عون، كما وصفته مصادر معنية بالمشاورات الحكومية، موضحةً أنّ اللقاء أمس شكل “بروفا أولية” لإمكانية إيجاد أرضية مشتركة يمكن التأسيس عليها في عملية التشكيل بين الجانبين، على أن تنطلق عملية الغوص في “النقاش العملي والجدّي” ابتداءً من اليوم.
وعلى وقع التقاطعات الداخلية حول ضرورة التأليف، وبزخم خارجي ضاغط جسدته الولايات المتحدة أمس بحضّ الرئيس المكلف على “تشكيل حكومة سريعاً والمضيّ قدماً في الإصلاحات المطلوبة”، تأبّط ميقاتي “مغلفه الجلدي الأسود” وصعد إلى القصر الجمهوري عارضاً على عون “تفاصيل” التركيبة الحكومية التي ينوي تشكيلها، فكان “نقاش في العناوين العريضة وتبادل للأفكار والطروحات على مدى نصف ساعة، وسط أجواء تؤكد السعي إلى تثبيت المشتركات وتدوير زاويا التباينات”، وفق تعبير مصادر اللقاء، واتفقا في نهاية المطاف على استكمال البحث اليوم “تمهيداً للدخول في تفاصيل الخريطة الحكومية على أساس قرارهما المشترك بالتعجيل في التأليف”، وهو ما أكده ميقاتي بالإشارة من قصر بعبدا إلى “تطابق الآراء بنسبة كبيرة” مع عون.
غير أنّ أوساطاً مواكبة للملف الحكومي حاذرت الإفراط بالتفاؤل قبل اتضاح الصورة أكثر خلال الأيام المقبلة، لافتةً إلى أنّ “عدم بروز العقد والشروط أمام ميقاتي بعد لا يعني أنها غير موجودة”، لا سيما وأنّ التشكيلة التي يعتزم طرحها على عون “لا تخرج عن سقف مبادرة عين التينة ولا تتجاوز الخطوط العريضة التي رسمها التفويض الممنوح من بيت الوسط”، وانطلاقاً من ذلك قدّم ميقاتي لعون أمس “تصوراً لتشكيلة من 24 وزيراً كما نصت مبادرة الرئيس نبيه بري، ملتزماً في الوقت نفسه إبقاء حقيبة الداخلية من حصة الطائفة السنية كما قضى إجتماع الحريري مع رؤساء الحكومات السابقين عشية استشارات التكليف”.
وعليه، رأت الأوساط أنه بمعزل عن “الأجواء الوردية” التي سرت خلال الساعات الأخيرة فإنّ “طريق ميقاتي إلى بعبدا لن تكون معبّدة بالورود خصوصاً وأنّ عقبتين أساسيتين لا تزالان تعترضان التأليف، ولا يمكن تجاوزهما في حال استمر رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في مطالبته بحقيبة الداخلية والثلث المعطل”، وأوضحت أنّ “باسيل يبدو من جهة مستميتاً في حاجته لضمّ “الداخلية” إلى حصته الوزارية لأنها ستدير العملية الانتخابية النيابية المقبلة في ظل تراجع شعبية “التيار الوطني”، ومن جهة أخرى يرى في “الثلث المعطل” ضمانته الوحيدة في الحكومة التي ستدير فترة الشغور الرئاسي بعد انتهاء ولاية عون”.
وفي المقابل، أكدت الأوساط نفسها أنه “في حال صفت النوايا وصدقت عزيمة “حزب الله” في دفع عجلات التأليف قدماً، يمكن تجاوز هذه العقبات وتسريع الولادة الحكومية، سيّما وأنّ ميقاتي يبدي استعداداً للانفتاح على مخارج منطقية لا تظهر أحداً منكسراً، كالاتفاق على تسمية شخصية سنية تحظى بقبول رئيس الجمهورية ويطمئن لها رئيس “التيار الوطني الحر” في إدارة الاستحقاق الانتخابي، على أن تكون ضمانة “حزب الله” كفيلة بتأمين نصاب الثلث المعطّل الوزاري لباسيل إذا اقتضت المصلحة إسقاط الحكومة في مرحلة لاحقة”.
ومن هذا المنطلق، يتجه الرئيس المكلف إلى “بلورة تصور مكتمل خلال الساعات المقبلة وتقديمه لرئيس الجمهورية، بغية البدء في مرحلة التوزيع الطائفي والحزبي واسقاط الأسماء على التشكيلة المرتقبة”، حسبما نقلت الأوساط، كاشفةً أنّ ميقاتي “أعد خريطة وزارية من أصحاب الاختصاص التكنوقراط غير الحزبيين، بعدما أسقط فكرة تشكيل حكومة تكنو – سياسية من حساباته في محاولة لاستمالة المجتمع الدولي، وهو كما يقول بعض العارفين كان قد عمل على تجميع وغربلة سلة أسماء ضمن تشكيلة تكنوقراطية منذ ما قبل اعتذار الحريري وتكليفه مهمة التأليف، مفسحاً في المجال أمام إدخال بعض التعديلات عليها وتنقيح بعض الأسماء فيها خلال مجريات النقاش مع رئيس الجمهورية وسائر القوى السياسية”.