أخطأ الرفاعي.. فالعقد قليل والدليل “هذا ولد سكتوه”
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
“هذا ولد سكتوه”، “أسكت يا مواطن هذا مش شغلك” و”أقعدي يا هند وأسكتي يا هند”، هذا هو حال الحرية في البيت الاردني للديموقراطية ، هذا الحال المعيب الذي يُثبت أننا لا زلنا نتمسك برأينا على أنه لا يقبل الخطأ، هو الحال الذي يجعل من في بيت حرية الرأي يعتبرون كلام الآخرين هراء لا يستحق أن يعلوا وأن يسمعه الآخرون، هذه مصطلحات لم تصدر من دعاة العنف والتحزب الأعمى بل من مراكز الحرية والتعبير عن الراي بكل قوة، فقد صدرت عن وزير ونائب ورئيس مجلس نواب، لتتضح الصورة بأن كل من يجلس على كرسي وأي كرسي كان يعتقد ان الزمن قد بدأ من عنده وسينتهي بمغادرته، وأنه هو الخبير العليم في شتى الأمور، وأنه المرجع الذي لا يجوز تجاوزه، وهذا الأمر ليس حكراً على أصحاب الدولة والمعالي والسعادة بل نجدة في شتى قطاعات الوطن من السياسة للإقتصاد للرياضة للفنون والثقافة، فالغالبية يحملون فكرمريض أنا أو لا أحد بعدي، لنجد ان التراجع شمولياً ومتسارعاً دون أن نُلاحظ اي حلول في الأفق القريب.
هذا الفكر السقيم لا دواء له كون الحماقة أعيت من يداويها، وذهبت ببلاد صوب الهاوية، لذا نقول اننا في الأردن نعاني من عدم التجديد في الثقافة، والإنتقال إلى ثقافة الحوار بدلاً من ثقافة القمع وطلب الصمت والسكوت من الآخرين، وبالتالي نجد أن جميع ردود الفعل مبنية على العصبية المقيتة التي تذهب بقيمة الرجل وتُظهره على حقيقته متناسين الحديث النبوي ” ليس الشديد بالصرعة لكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب”، ونسي الوزراء والنواب والأعيان وربما لم يتعلموا في مدرسة عمر بن الخطاب حين قال “ما ندمت على سكوتي مرة لكنني ندرمت على الكلام مراراً”، لذا نجدهم يتحدثون بعصبية ليس في مكانها، وبالذات حين قال أحدهم عن نائب يعبر عن رأيه بطريقة يراها البعض سليمة أمام حكومة تقود الشعب صوب الهاوية، ويراها آخرون فجة غير حضارية، لكن رد الوزير في قضية كرسي الرئيس والنائب عماد العدوان كان غير متوقع ومعيب ومهين بحق نائب وقاعدته ومجلس نواب بأكلمه حين قال ” هذا ولد سكتوه”.
الغريب ان البعض يطالب النائب بالإعتذار للرئيس والنواب، ولم يطلب رئيس مجلس النواب والنواب من الوزير الإعتذار عن إهانة المجلس ووصف أحد أعضائه بأنه ولد، وزاد على ذلك بكلمة “سكتوه” وهذه كارثة تثبت أن الحكومة لا تحترم أي رأي آخر وتسير في طريق ترسمه بذاتها وترفض أن يعدل مسارها أحد، لنجد أننا نتجه صوب المجهول في ظل إصراراها على نهب المواطن بإصدار قوانين تيسر لها الحصول على ما في جيبه، لنشعر الوطن يُدار من قبل حكومة ديكتاتورية تتعامل بفوقية وصرامة مع كل من يتحدث، وهذا أمر يجعل المواطن يشعر بالرعب من قادم الأيام، فإذا كانت الحكومة بأعضائها تتعامل بهذه الطريقة مع النواب، فكيف ستتعامل إذا خرج عليها الشعب كما فعل مع حكومة الدكتور هاني المُلقي.؟
المشهد غير مطمئن ويوحي بأن الرؤيا معدومة عند بعض أصحاب القرار، مما يُشير إلى وجود خطأ في حديث رئيس لجنة الإصلاح السياسي سمير الرفاعي، بأن المملكة تحتاج إلى عقد من الزمن لتكون قادرة على تشكيل حكومة برلمانية ديموقراطية، وهذا أمر غير صحيح حيث نحتاج لإنقضاء الجيل الحالي من وزراء ونواب وأعيان حتى نبدأ بالعمل على بناء حرية المواطن، ليصبح قادراً على التعبير عن رأيه بحرية ويكون صوته مسموعاً، وعندها سنكون قادرين على بناء الدولة الحديثة دون أن يأمرنا أحد بالسكوت والصمت وعدم التعبير عن الرأي، وعندها سيجد كل مواطن الأمان في الوطن كونه قادر على إيصال شكواه وصوته لأعلى المستويات دون أن يجد مسؤول يأمره بالسكوت.