جهاز البدون.. حل أزمة.. أم استكمال مأساة..؟!
بقلم: مبارك فهد الدويلة

النشرة الدولية –

مع عودة رئيس الجهاز المركزي للبدون الى منصبه الذي استقال منه قبل عام، شعر الكثير ممن يسكن على هذه الأرض بالخوف من تفاقم المأساة التي يعيشها (البدون) واستكمال معاناتهم الطويلة مع الحياة! أما أنا شخصياً فأعرف الأخ صالح الفضالة جيداً وأعرف أننا مهما عتبنا عليه بسبب كثير من قراراته السابقة الا انه يظل انساناً له قلب وضمير ومشاعر وأحاسيس.. وكم كنت أتمنى لو أن غيبته عن الجهاز طالت قليلاً حتى يعرف ماذا عمل لهذه الفئة طيلة وجوده على رأس الجهاز وما تسبب للكثيرين من ظلم ومعاناة فاقت التصور الانساني والخيال البشري، لأن من يراقب من المدرجات تكون رؤيته للأحداث أفضل ممن يقاتل وسط الميدان.

في الثمانينيات كنا نطالب لفئة البدون المتوطنين قديماً بالكويت بالجنسية الكويتية.. واليوم نطالب بالسماح لهم بالعيش الكريم (!) فقط العيش الكريم! بالأمس نطالب بمعاملة بعضهم معاملة الكويتي في بعض الحقوق، واليوم بسبب قسوة قرارات الجهاز المركزي عليهم وعدم مراعاة إنسانيتهم، نطالب بمعاملتهم معاملة الأجنبي الذي قدم للكويت للعمل قبل بضعة أشهر!

بالأمس كان رئيس الجهاز يقول إن البدون 120 ألف شخص، منهم فقط ثلاثون ألف مستحق للجنسية! واليوم هؤلاء الثلاثون يتمنون تجديد بطاقاتهم الأمنية كي يتمكنوا من العيش الكريم بعد أن استخرج لهم الجهاز أصولا وفروعا عراقية وسورية ما أنزل الله بها من سلطان! بسبب افادات مشكوك فيها لم تراعِ لا ذمة ولا ضميراً عن بعض هؤلاء المساكين!

اليوم يتفاخر الجهاز بأنه اكتشف أصول عشرات الآلاف من البدون، ونحن نرد ونقول لو طبقت معاييرك على الكويتيين الذين يحملون الجنسية اليوم لتوصلت الى الاكتشاف نفسه.

اليوم الجهاز يقول إن آلاف البدون استخرجوا جوازات دول أجنبية أخرى ويعتبر هذا إنجازاً له، ونحن نقول إن هذا الوضع ينطبق عليه المثل: «شاللي حدك على المرّ، قال اللي أمرّ منه» حيث هذه الجوازات معظمها مزوّر، ويستحيل تجديدها إذا انتهت أو انتهت الإقامة المختومة فيها! والمضحك المبكي أن الجهاز وإدارات الهجرة يعلمون جيداً حقيقة هذه الجوازات!

اليوم أعداد البدون بازدياد على أرقامهم بعد التحرير، وهذا يؤكد فشل سياسات الجهاز المركزي، وفشل محاولاته اللاإنسانية للضغط على هذه الفئة لاستخراج جوازات ينكرون انتماءهم إليها كالدومينيكان وجزر القمر وأريتريا وغيرها!

عشرات الآلاف يعيشون في الكويت في ظروف لا يقبلها من في قلبه مثقال ذرة من إنسانية!

إذا كانت لدى الجهاز المركزي دلائل على انتماء خمسين ألفاً من البدون لدول محددة، فهناك متبقٍ سبعون ألفاً محتاجون لفتة إنسانية لتجديد بطاقاتهم الأمنية كي يتمكنوا من العيش الكريم!

البدون اليوم لا يطمعون بالبيت الحكومي، ولا بالوظيفة الحكومية، ولا بالدرجات الوظيفية والترقيات والاستثناءات، البدون اليوم يطمعون بالعمل بالقطاع الخاص بشهاداتهم ومؤهلاتهم التي تعبت عليها الكويت لكي يحصلوا عليها! كما أنهم لا يطمعون بتعليم أبنائهم في مدارس الحكومة، هم فقط يريدون أن تعطي الدولة الفرصة لهم لتدريس أطفالهم بالقطاع الأهلي!

اليوم ننتظر من صاحب القلب الإنساني ابويوسف أن يعيد النظر في قراراته وسياساته السابقة، ويأخذ أجر الله في هؤلاء المغبونين والمقهورين، نتمنى ونأمل ألا يكابر ويستمر في خطه السابق، ولا ينخدع بثناء ومديح بعض من مسح الله من قلبه حب الخير لعباده، الذين يظنون أن الكويت وُجدت فقط له ولعائلته وأقربائه، اليوم فرصة للأخ رئيس الجهاز ليرسم البسمة على آلاف الوجوه العبوسة والقلوب المكلومة والنفوس المقهورة!

فهل يفعلها أخونا الكبير أبويوسف؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى