مسابقة “الأولمبياد الحكومي”… جوائز فن التعطيل للحكومة اللبنانية

النشرة الدولية –

هتاف دهام –

يسعى المعنيون عبر مسارات مختلفة إلى تشديد قبضتهم حكوميا في خضم حرب المواقف والبيانات المستعرة، ورغم تعمد البعض بث الأجواء التفاؤلية صباح يوم أمس حيال ولادة الحكومة هذا الاسبوع (قبل يوم الأحد) بيد أن زيارة المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم إلى قصر بعبدا صباح أمس وانتقاله عصرا إلى البلاتينيوم حيث التقى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعدما زاره عصر الأربعاء، ترافقت مع مواقف سياسية “ملغومة” من عملية التفاوض والمشاركة في الحكومة، ما دفع بمصدر سياسي إلى القول إن هناك من يسعى وعلى أكثر من خط،  إلى تعطيل مهمة الرئيس المكلف في تأليف حكومة، وكأن البلد يمتلك ترف الوقت، وهذه القوى  تريد استكمال سياستها في تصفية الحسابات ونيل جائزة فن التعطيل ، علما أن” لي الذراع” التي ينتهجها البعض لم ولن تنفع سواء مع  العهد أو مع الرئيس المكلف  الذي لن يعتذر اقله في الوقت الراهن.

وبينما كان اللواء إبراهيم يحمل من بعبدا بعض الملاحظات على ما هو مطروح من أسماء لحسم الجدل القائم حول عقد وزارتي الشؤون الاجتماعية والاقتصاد ، كانت مصادر النائب السابق سليمان فرنجية تشير إلى أن تيار المردة لن يشارك في الحكومة إذا لم تتألف حصته من وزيرين مارونيين من كسروان، وكان تيار المستقبل يبدي تحفظه على بعض الأسماء ويهمس أنها قريبة من التيار الوطني الحر وليست مستقلة،  الأمر الذي استوقف المعنيين في بعبدا، ورأوا فيه تناغما واضحا بين تحالف عين التينة- بنشعي- بيت الوسط لقطع الطريق على تشكيل الحكومة، فالتصعيد الحاصل في وجه العهد والذي يترافق مع مطالب وزارية في غير محلها، أشبه بمن يزرع الألغام في وجه الرئيس المكلف لاخده إلى خيار الاعتذار درءا لخطر انفجار الأوضاع  في وجهه تمهيدا لتحميل العهد مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومات وما آلت إليه  الأوضاع على الصعد الاجتماعية والمالية والمعيشية. علما أن مصادر مقربة من بعبدا أكدت ل “لبنان 24” أن بيان الرئاسة الأولى ليس موجها ضد الرئيس المكلف، بقدر ما هو موجه إلى ما يعطل عملية التأليف في إشارة إلى رؤساء الحكومات السابقين والرئيس نبيه بري، لاقتناعها أن هؤلاء يشكلون خلية عمل ضد العهد لغايات باتت معروفة، في حين أن الرئيس عون الذي اتصل بالرئيس ميقاتي بعد صدور البيان،  يبدي استعدادا لمعاودة التشاور بالمباشر والاستمرار أيضا بالتعاون عبر الوسطاء للاسراع في التأليف.

بالتوازي فإن الرئيس ميقاتي الذي لم يلتزم مع احد إلى حين إصدار الصيغة النهائية للحكومة يحاول الترفع عن الخلافات مع جميع القوى من دون استثناء، خاصة وأن المرحلة تتطلب العمل على تدوير الزوايا بهدف الالتقاء على نقطة سواء تستعجل التأليف.

لو كانت النيات حسنة، لما كانت الحسابات الشخصية تحكمت بمفاوضات التأليف. ففي خضم الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، لا يجوز تحميل الحكومة العتيدة أكثر مما تحتمل، فمهمتها، وفق أوساط سياسية، تكاد تكون محصورة بوضع حد للارتطام الحاصل من خلال تأمين الدعم والمساعدات الخارجية والتي لن تصل إلى لبنان قبل اكتساب الثقة الدولية، والإشراف على الانتخابات النيابية المقبلة، في حين أن ملفات التفاوض مع صندوق النقد الدولي وترسيم الحدود هي ملفات سوف ترحل إلى حكومة ما بعد الانتخابات، وإن كانت هذه الحكومة لو قدر لها أن تبصر النور، سوف تؤسس لمسار التفاوض حول الملفات السابقة الذكر. وبالتالي، فإن وضع العصي في دواليب التشكيل دونه علامات استفهام كثيرة حيال من يرغب بإبقاء البلد في أزمته واستمرار الوضع على ما هو عليه، في إشارة إلى ان وجود حكومة مستقيلة قد يكون خدمة سياسية لبعض المكونات أكثر من تشكيل حكومة جديدة، وبالتالي لا يجوز التفريط بها.

وعليه فإن ما يجري، لا يبشر بالخير. وبينما يحرص المعنيون أمام الوفود الأميركية والاوروبية على تشكيل حكومة بأقصى سرعة، ثمة من يستشرف الآفاق المستقبلية محليا ودوليا ليبني على أساسها المقتضى الحكومي.. والى ذلك الحين شو بيبقى من العهد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى