الأسطورة الفلسطينة تهزم الصهاينة
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
هربوا صوب الخلود تاركين الحيرة للصهاينة، هربوا صوب الحرية التي لا تطفيء جذوتها عتمة السجون، صعدوا للمجد كمن يصعد للسماء، فهم يعرفون الأرض وتربتها وشوارعها وأين مكان الصخر فيها، فيلين لهم وتخرج التربة لترحب بهم، تجاوزوا الصبة الخراسانية وأجهزة الإستشعار المبكر والجدران السميكة والاسوار الداخلية والخارجية وكلاب الحراسة بنوعيها البشري والحيواني والشارع المحيط بالسجن وأبراج المراقبة، صنعوا المستحيل في باستيل القرن الجديد، شقوا الأرض كما فعل نبي الله موسى بعصاه، بحثاً عن الحرية ليجعلوا المستحيل ممكناً محولين السجن لطريق للنصر، فهم ثلة من أبناء جنين فلسطين الخالدة التي حيرت الصهاينة، وهي صاحبة الصمود الاسطوري الذي هز العالم، والتي لم تسقط يوماً ولم تركع لغازٍ، حتى بعد أن تآمر عليها تجار القضية وأنظمة صورية يوم حصارها التاريخي حين طرز أبنائها علم فلسطين بشارات النصر ، ورغم تدمير مخيمها والعديد من قراها بقيت صامدة حتى وصلت عنان السماء، وأصبح اسمها مثالاً يُضرب للبطولة والفداء والعزة والكرامة.
هم ستة من الرجال ما وهنوا ولا ضعفوا، يثقون بوطنهم الذين لن يخذلهم ويدركون أن ترابه سيفتح لهم ممر الحرية، فحفروا بأظافرهم وما توفر لهم من أدوات بسيطة صنعوها بأنفسهم حتى اشتموا هواء فلسطين العليل، فهم يعلمون علم اليقين أن الوطن لم ولن يخون، فالوطن ليس قائدٌ فاسد ولا رمز صوري عميل، فالوطن باق بقاء الزمن يحمي أبناءه ويذود عنهم، الوطن يا ساده هو الأم التي تحتضننا في أحشائها ثم تضعنا على ترابها، وتعود لتحتضننا بكل حنان عند الموت في ترابها، هكذا وصف الفيلسوف المبدع أسامة جبارة الوطن، وهكذا فهم معناه أبناء جنين المحررين بقوة عزيمتهم من سجن جلبوع الصهيوني المُقام على أرض فلسطينية خالصة.
نعم ستة رجال صنعوا اسطورة جديدة، لنقف لهم احتراماً ويرتج العالم لفعلهم العظيم، ليظهروا على حقيقتهم عمالقة أشداء في عصر قلت فيه البطولات، فيما الأمة تتقزم حتى اقتربت من الذر الذي يدوسه الناس ألف عام يوم القيامة، ارتقت هامات محمود عبد الله عارضة “عرابة – جنين”، محمد قاسم عارضة “عرابة – جنين”، يعقوب محمود قادري “بير الباشا – جنين”، أيهم نايف كممجي “كفر دان – جنين”، زكريا زبيدي “مخيم جنين” ومناضل يعقوب انفيعات “يعبد- جنين”، وارتقت هاماتهم حتى اصبحت فوق البشرية بمعجزة يعجز عن فعلها الإنسان، وهذه ديدن جنين الأسطورة حيث يتعلمون البطولة قبل الفطام والفداء قبل القراءة والكتابة، وهناك يحفظون معالم فلسطين قبل أن يعرفوا وجوههم، فهي جنين درة المناضلين والأرض الخصبة للشهداء والتي تروي أرضها بدماء الأبطال والتي تُفاجئنا كل فترة بجديد يثُير جنون الغاصب ويرفع من شأن فلسطين.
جنين أرض الجنائن الكنعانية ستبقى عربية ولن تتصهين ولن يرفع أبطالها راية الإستسلام ولا السلام، وهي الجنون الذي يطارد الصهاينة ويزيد من حنقهم على رجال ونساء المدينة الصامدة، فاليوم حول أبطال فلسطين الأفلام الأمريكية الوهمية إلى حقيقة على أرض الواقع، فهم يخرجون من السجن في الحقيقة وليس كما في فيلم” The shawshank Redemption” أو فيلم “The Great Escape ” كون الحقيقة تلغي الوهم والبطولات تجعلنا ننسى أبطال الكرتون والصور، فاليوم يتابع العالم الحقيقة الفلسطينية الكاملة والبطولات الإعجازية بأبهى صورها .
ما حصل في سجن جلبوع كان بمثابة رسالة للعالم أجمع، ولجميع المنبطحين من العرب الباحثين عن رفع رايات الصهاينة في عواصمهم، رسالة واضحة كالشمس في كبد السماء بأن فلسطين لأهلها، وهم أخبر بها ويعرفون مصلتحها ، وأن فلسطين ليست لمن يجرون وراء وَهمْ السلام والتطبيع والتنسيق الأمني، والأخير يرتعب منه شرفاء فلسطين بأن يكون اليد الخفية التي تبحث عن الصاعدين صوب الحرية، فابطال فلسطين كتبوا رسالة المجد بأننا أحرار حتى في غياهب الجب والسجن، لأننا سنصعد للسطح ونتحرر حين نشاء، لذا ليتوقف الحالمون عن وهم اللبن والعسل مع الصهاينة، فالعمل البطولي رسالة صارخة تقول:”نحن ملح الأرض ونحن بارودها وستبقى فلسطين حرة”، نعم ستبقى كذلك لأن الحرية تعشعش في القلوب الفلسطينية الأبية حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فهذا شعب لا يبيع مهما بلغ الثمن فتعلموا الدرس يا تلاميذ الانبطاح في مدرسة فلسطين.