غاب التضامن ..ولن نسمع سوى صدى صرخات الأسرى
بقلم: صالح الراشد

أعاد الكيان الصهيوني أربعة من الأسرى الناجين من معتقل الموت، وقام بتعذيبهم وتكسير أرجلهم مستغلاً حالة الصمت العربي الإسلامي حيال هؤلاء الأسرى، فالتصريحات العربية غائبة والإسلامية غير موجودة، فيما حديث السلطة الفلسطينية كالسراب يحسبه الظمآن ماءا، لذا لم نسمع عن تصريح حقيقي إلا من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس، عدا ذلك فقد كان الصمت مطبق حتى ظننا أن السجناء ليسوا من فلسطين، فالسلطة لم تطالب الصهاينة بالتعامل معهم على أنهم أسرى حرب رغم أنهم كذلك، ولم تُخاطب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لمراقبة ما يجري معهم من تعذيب وتنكيل في السجون، وكأن الابطال الناجون العائدون إلى أقبية العذاب لم يكونوا يوماً من التراب المُقدس في فلسطين.

بدورهم صمت المطبعون العرب عما يجري في فلسطين، ولم يهتزوا إلا حين انتصر الابطال بالنجاة، لكنهم لم يتحدثوا في الحالتين كونهم يتعاملون مع الحدث على أنه شأن صهيوني داخلي ولا يحق لهم التدخل في شؤون الغير، رغم أن الولايات المتحدة ولأجل الكيان تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في بلادهم، وكان الأسرى بأمس الحاجة إلى دعم معنوي من هذه الدول التي حجبت حقها بالتصريح أو التلميح، لتصمت وتتوارى في الظل تاركةً الأمر للسلطة الفلسطينية التي تحدث رئيس وزرائها مرة واحدة وبخجل شديد.

أما الدول التي لا ترتبط بعلاقات مع الصهاينة في العلن ، لكن أصحاب القرار يواعدوهم سراً فقد صمتت نهائياً ودخلت مرحلة صمت القبور، وحتى تحافظ على الهدوء فقد أولت الإجابة لأبطال القنوات الفضائية، الذين تحدثوا عن الأضرار التي ستلحق بالشعب الفلسسطيني وبقية الأسرى من عملية الهروب، وأنها ستلحق الضرر بمن نفذها وبالآخرين كون الفشل سيكون نهايتها، وبحجة السلام المجتمعي في هذه الدول فقد وجهوا رسائل غير علنية بضرورة عدم الخروج في مسيرات تدعم حق الأسرى، كون هذه المسيرات ستؤثر على أمان الدولة وتتسبب في تهيئة الظروف للمعارضين.

بدورها أصدرت الشعوب شهادتي وفاة لمنظمة الدول الإسلامية وجامعة الدول العربية، حيث لم نسمع أي موقف من الدول الإسلامية، كونها تعتقد ان أي تصريح يؤيد عملية النجاة ويُدين العنف الصهيوني سيجعلها تدخل قائمة الإرهاب، والتي تطبعها الولايات المتحدة في المكاتب الصهيونية، ولن تخلوا كما جرت العادة من أسماء الدول التي تسجد لواشنطن، لذا فقد اصيبت العديد من الدول بخرس مؤقت سينتهي بعد القبض على الناجين ومحاكمتهم وتعذيبهم وتحطيم أجسادهم، عندها سينبت اللسان من جديد ليحدثنا عن ضرورة زيادة علاقة التطبيع مع الصهاينة، كما ركزت هذه الدول على تشديد الحراسات على السجون حتى لا يتعلم السجناء من ابطال فلسطين ويغادروا المعتقلات في الدول الإسلامية.

الغريب وربما العجيب أن دول الغرب التي تدعم تل الربيع المحتلة وصهاينتها لم تمنع المسيرات، لنجد اعتصام في نيويورك أمام مجلس الأمن يندد بالعنف والهمجية الصهيونية، وترافق ذلك مع اعتصمات في عديد العواصم الأوروبية حيث يدرك هؤلاء حقهم في التعبير والحرية، لذا فقد طالبوا بضرورة مراقبة حال الأسرى لضمان عدم تعرضهم للعنف الجسدي والنفسي، وهو ما جرى فعلاً حيث تعرض المناضل الأسير زكريا الزبيدي إلى أسوء أنواع التنكيل والتعذيب والعنف وتكسير الأيدي والارجل، قبل أن تتحرك المنظمات العالمية التي تتلقى التمويل من واشنطن.

المحزن والذي يحز في النفوس النقية ان الدول العربية والإسلامية يتحدثون عن دعمهم للقضية الفلسطينية، لكن عندما تحتاجهم فلسطين وأبنائها يصمتون ويُديرون ظهروهم، وكأن الأمر لا يعنيهم على عكس الشعوب التي تكون تحترق من الداخل غيرةً على أرض فلسطين وشعبها، فأصحاب القرار العربي الإسلامي درسوا التاريخ والأمثال العربية وبالذات المثل القائل ” إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، ونحن في عصر الذهب متعدد الألوان، لذا سيصمتون عما يجري في فلسطين طلباً للذهب الذي يعتبر لدى البعض عديل الروح إن لم يكن أغلى، لتصمت القيادات وتمنع الشعوب من الحديث لنسمع فقط صوت كرباج السجان وصرخات وأنين الأسرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى