زكريا الزبيدي .. وهروب «التنين»!
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
ليست مصادفة أن يعنون الأسير المناضل زكريا زبيدي رسالة الماجستير الخاصة به في جامعة بير زيت بعنوان (الصياد والتنين… المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام 1968 – 2018)، فهذا العنوان يعكس تماماً حالته، فهو في واقعه كما «التنين» فيما المحتل هو الصياد الذي اعتاد ملاحقته والبحث عنه للقبض عليه، بعد اطروحته هذه وتحديداً في تشرين الثاني من عام 2019 جرى اعتقال زكريا زبيدي واستمر اعتقاله حتى هروبه مع خمسة من رفاقه الأبطال مطلع هذا الشهر من «باستيل العصر الحديث» أي سجن جلبوع الذي يسميه المحتل لشدة تحصيناته «بالخزنة» وهو بالفعل «خزنة» لا من حيث حصانته الأمنية فحسب بل لقيمة الأبطال الموجودين فيه.
رغم البطولة التى تكتسي عقل وجسد كل واحد من الأبطال الستة الذين حفروا عقل الاحتلال مع حفرهم نفق الحرية في سجن «الخزنة» إلا أن الأسير زكريا زبيدي احتل مكانة متميزة بين رفاقه في العقل الجمعي الفلسطيني، وأعتقد أن تلك المكانة تعود لشهرته النضالية منذ معارك مخيم جنين عام 2002 وقيادته لكتائب شهداء الأقصى بالمخيم وقربه من الشهيد ياسر عرفات وظهوره إلى جواره في عدة مناسبات، كما ذاع صيته بشكل كبير بعد فشل الاحتلال في اقتحام مخيم جنين خلال عملية «الدرع الواقي» عام 2002 وفشل الاحتلال وقتها باعتقاله بعد أن قاد تلك المعركة باحترافية عالية وشجاعة قل نظيرها.
يقول محاميه أفيدور فيلدمان «يهودي يساري»، الذي التقاه في معتقل «الجلمة» وفقاً لما نقله الصحافي والكاتب السياسي من الناصرة نظير مجلي أن «التنين» أي زكريا زبيدي قال لجلاديه ما نصه بعد اعتقاله مؤخرا: «ماذا تتوقعون من شخص، جوعتم والده عندما منعتموه من ممارسة مهنته في التعليم، ثم قتلتم والدته أمام ناظريه برصاصة قناص، ثم قتلتم شقيقه وقتلتم أعز أصدقائه و370 شخصاً من أبناء وبنات شعبه الذين يعيشون معه في مخيم اللاجئين البالغ مساحته كيلومتر مربع واحد، وشردتم أهله وشعبه ومارستم أبشع قمع بحقهم، وهو نفسه اعتقلتموه عشرين مرة، وفي كل مرة مارستم على جسده ونفسيته التعذيب وجعلتموه معوقاً وهو في عز شبابه؟».
زكريا زبيدي وبهذا التاريخ وتلك الخلفية وما نتج عنهما من تكوين نفسي وسلوكي، كان يجب أن يكون «انتحارياً» يواجه المحتل «بتفجير» نفسه، إلا أن «ثقافة الفداء والشجاعة» التي تتلمذ عليها منعته من ذلك، فهي ثقافة رفضت وترفض منطق استسهال المواجهة «بالانتحار».
زكريا ومثله عشرات الآلاف من ابناء الشعب الفلسطيني يرفضون الموت بلا مواجهة، فهم مشاريع استشهاد من خلال الرصاص وليس الانتحار.
عند اعتقاله في 27 من فبراير 2019 علق يتسحاق إيلان احد اكبر ضباط «الشين بيت على اعتقاله واصفاً زكريا بأنه «قطّ شوارع».. قائلاً (لطالما حاولنا الإمساك به، لكنه أفلت من أيدينا، والآن أعيد اعتقاله).
القط الذي تقصده يا يتسحاق ايلان هو «تنين»، أما قطط الشوارع فانت تعرفهم جيداً وانت من يقودهم!