“داعش” يستأنف نشاطه ضد “قسد” .. ما علاقة احتجاز تركيا واليه في سوريا؟

النشرة الدولية –

النهار العربي

بدأت ارتدادات “الاحتجاز” الغامض لوالي “داعش” في سوريا من جانب القوات التركية بالانعكاس على المشهد الميداني في منطقة شرق الفرات، لا سيما لجهة عودة عمليات تنظيم “داعش” ضد “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) بعد انقطاعها لمدة تقارب الشهرين، وذلك في ظل معلومات عن تغييره قائده العسكري في المنطقة لأسباب تتعلق بضرورة مواكبة التغييرات التي فرضتها مفاوضاته مع الجانب التركي لإيجاد تسوية لموضوع اعتقال واليه.

وأعلن العدد الأخير (306) من صحيفة “النبأ” التي تصدر عن ديوان الإعلام المركزي في “داعش”، عن عودة التنظيم إلى ممارسة نشاطه الأمني في “الخير”، وهو الاسم الذي يطلقه إعلام التنظيم على محافظة دير الزور. وأشار إلى أنه “في عودة إلى عملياتهم الأمنية في الخير، قتل جنود الخلافة هذا الأسبوع ثلاثة عناصر وجاسوسين لـ ppk (حزب العمال الكردستاني)، وذلك بخمس عمليات أمنية تنوعت بين اغتيالات مسلحة ومداهمات لمنازل مطلوبين”.

ويعتبر تبني هذه العمليات في الصحيفة هو الأول من نوعه منذ تجميد التنظيم عملياته ضد “قوات سوريا الديموقراطية” قبل بضعة أشهر، لأسباب ظلت مجهولة، إذ خلت الأعداد الأخيرة من الصحيفة من أي ذكر لـ”قوات سوريا الديموقراطية” ومناطق سيطرتها، في ظل تركيز التنظيم على عملياته ضمن البادية السورية التي كانت تستهدف القوات السورية النظامية والقوات الحليفة لها.

وأشار “النهار العربي” في تقرير سابق تحت عنوان “لماذا لم تعلن أنقرة احتجاز والي داعش في سوريا؟”، إلى وجود صلة بين توقف عمليات ضد قوات “قسد”، واحتجاز واليه في سوريا أبو عبد الرحمن الحموي من جانب القوات التركية. وقال التقرير إنه “رغم أن أنقرة لم تعلن عن احتجاز الحموي رسمياً، إلا أن الخطوة تردد صداها سريعاً داخل أروقة التنظيم المتطرف، وانعكس ذلك على خريطة نشاط خلاياه في سوريا، حيث بدا من الواضح أنه خفف عملياته كثيراً ضد “قوات سوريا الديموقراطية” التي تعتبر خصم أنقرة اللدود في شرق الفرات، مقابل تصعيد نشاطه ضد القوات السورية والروسية في البادية ومحيطها”.

وأضاف التقرير أن “قيادة التنظيم ليست مستعدة لتقديم خدمات مجانية يمكن للجانب التركي استثمارها عسكرياً وسياسياً، في ظل مواصلة القوات التركية حملات الاعتقال ضد كوادر التنظيم وقياداته”.

ويمكن الاستنتاج من عودة “داعش” إلى تنفيذ عمليات ضد “قوات سوريا الديموقراطية”، أن أزمة “احتجاز” واليه مع تركيا قد انتهت إلى حلّ وسط بين الجانبين، يقضي بأن يقوم  بتجديد نشاطه الاستنزافي ضد قوات “قسد” مقابل قيام القوات التركية بمنح الحموي والي “داعش” في الشام المحتجز لديها هامشاً من الحرية، يمكّنه من إدارة نشاط التنظيم.

وفي هذا السياق، ذكرت شبكة “فرات بوست”، نقلاً عن مصادر خاصة، أن قيادة “داعش” في سوريا عيّنت قائداً عسكرياً جديداً لمنطقة شرق الفرات. وقالت الشبكة إن “القيادي يلقب “عبد العظيم”، وله ألقاب أخرى منها “الحجي”، وعُيّن أخيراً بصفة مكلف تسيير عمل خلايا التنظيم في شرق الفرات، بعد تراجع عملياته وانحسارها في مناطق سيطرة “قسد”. وأضافت أنه “ينحدر من ريف دير الزور، ويتنقل بين بادية الجزيرة وقرى ريف دير الزور الشرقي”.

ومثل هذا القرار ينبغي أن يصدر عن اللجنة المفوضة في التنظيم بناءً على اقتراح من والي سوريا، باعتباره هو المشرف على إدارة التنظيم فيها، ومن نافلة القول إن مثل هذا الاقتراح لم يكن ليصل إلى اللجنة المفوضة لولا امتلاك صاحبه القدرة على العمل رغم ظروف احتجازه.

وكان “النهار العربي” قد كشف في التقرير السابق، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن قوات تركية تمكنت من احتجاز أبي عبد الرحمن الحموي والي “داعش” الجديد في سوريا، بعد أسبوع فقط من تعيينه في منصبه. وشددت المصادر على أن  احتجاز الحموي أقرب إلى الإقامة الجبرية منه إلى الاعتقال الفعلي، لافتة الى أن الغاية منه قد تكون ممارسة ضغوط على التنظيم لتقديم خدمات للقوات التركية في إطار الصراع الذي تقوده ضد “قوات حماية الشعب الكردية” في الداخل السوري.

وذكر المصدر الذي تحدث إلى “النهار العربي” عبر موقع تلغرام، ورفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أن والي “داعش” كان موجوداً في مدينة جرابلس شمال شرقي مدينة حلب، والتابعة لمنطقة درع الفرات الخاضعة للاحتلال التركي منذ عام 2017. وأضاف أن القوات التركية تمكنت من الاهتداء إلى مكان اختبائه نتيجة الاتصالات التي كان يجريها مع قاسم غولر، المعروف بلقب “أبي أسامة التركي” والي “داعش” في تركيا الذي اعتقلته القوات التركية داخل الأراضي السورية، قبل اعتقال الحموي ببضعة أيام فقط.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى