حزب الله: “لا ضمانات بأن لا يتكرر مشهد الطيونة”

النشرة الدولية –

لبنان 24 – هتاف دهام –

قد لا تكون هناك عودة وشيكة إلى الحرب الاهلية اللبنانية، او إلى الاصطفافات الطائفية التي قد تقود إلى التصارع بين أبناء الوطن الواحد، وإن كانت بعض القوى السياسية تخشى من توسعة رقعة اشتباكات الطيونة إذا لم تتم معالجة الوضع على المستويات السياسية والأمنية والقضائية، علما أن مواقف كثيرة صدرت في الأشهر الماضية ابرزها من حزب الله  حذرت من وجود من يعمل على إشعال الحرب الاهلية وهناك من يدفع لذلك من جهات اقليمية وداخلية.

رواية القوات

لكل من المتصارعين على الارض روايته. بالنسبة لحزب القوات اللبنانية، لا أحد من حزب الله وحركة أمل يستطيع أن يزايد عليه. فعناصرهما ارتدوا امس القمصان السود، تسلحوا واستخدموا “الار بي جي”ضد أبناء عين الرمانة، التحويطة. لقد دعوا الى التظاهر أمام قصر العدل، “فشو قلن علاقة بشارع بعين الرمانة”  لماذا دخلوا  شارعا فرعيا مرددين هتافات  شيعة شيعة شيعة؟ لماذا لجأوا الى التكسير وبث الذعر واطلاق النار مما أدى إلى سقوط  أربعة جرحى من الاهالي؟، “من أتى لعند مين، وشو الن بالمنطقة”. و أمام هذا الاستفزاز ومحاولة اخضاع المنطقة وتركيعها انتفضت الناس بشكل طبيعي خوفا على أبنائها وكراماتهم. علما ان ما حصل امس لم يكن وليد ساعته إنما يرد الى التعبئة والشحن اللذين اعتمدهما  الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر  منذ أربعة  أشهر فهو خصص في كل إطلالة له حوالي ال 25دقيقة للهجوم على القاضي البيطار داعيا الى كف يده وزاعما انه متامر ومسيس. وعندما تيقن أن كل خطاباته ذهبت سدى ولم توصل الى نتيجة، اوفد مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق عنده وفيق صفا الى قصر العدل، و بعد ذلك لجأ الى تعطيل الحكومة مخيرا الجميع بين “رأس الحكومة أو رأس البيطار” . وبالتالي من يجب أن يتهم هو من هدد بإسقاط العدالة ولوح بالحرب الاهلية ومن قام ب ٧ أيار  2008،وليس من دافع عن نفسه وأهله، ومن يفترض ان يحاسب هو حزب الله دون سواه.”.

رواية حزب الله

في المقابل، ووفق معلومات “لبنان 24 “من مصادر مطلعة على موقف حزب الله  فإن الحزب من جهته، قلق من التوظيف السياسي لما حصل في ملف تحقيقات مرفأ بيروت، فالقصة  كما تسرد المصادر بدأت مع حلفاء الحزب ،في اشارة الى الاستدعات بحق الوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر  ويوسف فنيانونس والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، والتي كانت بمثابة التمهيد لاستهدافه بدفع غربي . وبالتالي فإن الانحياز بادارة تحقيقات ملف المرفأ لا يحتاج إلى كثير من الجهد. وللمصادفة ان المدعى عليهم ينتمون الى فريق سياسي واحد  لذلك  لا بد من التدخل لتصويب القرار من السلطة القضائية والا لتدخل السلطة التنفيذية، اذ يمكن لوزير العدل  هنري الحلو  ان يلجأ الى كف يد القاضي البيطار من خلال  تقديم اقتراح لدى مجلس القضاء الاعلى ينص على تعيين قاضي جديد”.

وهنا تقول المصادر” ان الرئيس نبيه بري الذي التقى وزير العدل في الساعات الماضية كان اقترح على الأخير  ترفيع البيطار  من موقعه الى  منصب رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، وهذا الاقتراح من شأنه ان يبعد المحقق العدلي عن  ملف انفجار مرفأ بيروت، بيد أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يحدد موقفه حتى الساعة من الطرح الذي لاقى ترحيبا من الوزير خوري ، فهو وفق اوساط بارزة يتريث ولا يحبذ الظهور بمظهر المنصاع إلى الثنائي لكي لا تنعكس موافقته سلبا في الشارع المسيحي. وكذلك لم يتضح بعد موقف القاضي البيطار في هذا الشأن، علما أن أوساطا بارزة ترجح أن يرفض البيطار هذا المنصب لاقتناعه أن هدف الطبقة السياسية استبعاده عن الملف ظنا منها أن خطوة كهذه من شأنها ان تطوي صفحة التحقيقات.

وأمام كل ذلك  تؤكد المصادر المطلعة على موقف الثنائي الشيعي، أن لعبة الاستهداف بالنار، مؤشر خطير على مآل الامور، خاصة وأن فريقا معينا يريد افتعال مشكلة كبيرة في البلد. ومع ذلك  فإن حزب الله يعي وحركة امل خطورة الوضع ولا يريدان أن يجرهما أحد الى الفتنة، وان كانا يعتبران أن الاستهداف المسلح للمسيرة التي شكل عناصر حركة امل ومناصروها  غالبيتها الساحقة يصب في خانة التحقيق المنحاز  الذي يراد منه دفع الأمور داخليا الى استهداف مفتوح للمقاومة وحلفائها.

ورغم كل ذلك ليس من مصلحة الثنائي الشيعي، وفق المصادر، اخذ البلد إلى  اصطفاف مسيحي-اسلامي وادخاله في حالة اضطراب. من هنا وجب على المعنيين لملمة الشارع وإيجاد المخارج للمسار القضائي بحيث يكون مطمئنا للجميع من حيث نزاهته. ومطلب الثنائي الشيعي في هذا السياق هو العودة الى الدستور في محاكمة الرؤساء والوزراء والا الأزمة مستمرة بتداعياتها في الشارع. فنموذج الطيونة لا ضمانات مطلقة ان لا يتكرر . وما جرى يوم أمس شكل لحظة مصيرية خطيرة سواء لجهة تهديد السلم الاهلي من جهة ، أو لجهة تهديد العمل الحكومي من جهة أخرى. مع الإشارة إلى أن لا جلسة لمجلس الوزراء قبل الاتفاق على تسوية  في ملف التحقيقات التي يبدو أنها مهددة، رغم أن اتصالات دولية جرت مع المعنيين لعدم الالتفات الى دعوات مكونات سياسية بعزل البيطار.

امام  كل ذلك، يستعيد مصدر سياسي مشهد شباط العام 2005 للدلالة على أن فريقا سياسيا يريد استغلال انفجار بيروت كما استغل استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وما تبع ذلك يومذاك من تحريض سياسي ضد حزب الله الذي سلم بحصول ما كان يعرف بفريق 14 اذار على الاكثرية. فما يحصل اليوم يذكر الى حد كبير بتلك المرحلة، اذ ان حزب القوات ،وفق المصدر نفسه، لا يكف منذ اشهر مضت على تجييش الشارع مسيحي لاستثماره في انتخابات اذار 2022، في وجه التيار الوطني الحر لكن اليوم الوضع مختلف عند حزب الله الذي أبدى شكوكا من نيات المجتمع الدولي تطيير الأكثرية الحالية من خلال دعم القوى السياسية الحليفة له وهيئات المجتمع المدني وشخصيات مستقلة، وعقد العزم على الاستفادة من دروس انتخابات العام 2018 قطعا للطريق على  تكرار الاخطاء التي ارتكبها وحلفاؤه  وادت إلى خسارتهم أكثر من مقعد في أكثر من دائرة.مع إشارة المصادر نفسها إلى أن حزب القوات يمر بأسوأ مرحلة منذ العام 2005، وليس دقيقا أنه مرتاح لوضعه، فهو على صعيد التحالفات  الانتخابية يعيش تخبطا كبيرا، فعلاقته مع تيار المستقبل  في أسوأ احوالها، ويبدو جليا ان الرئيس سعد الحريري لن يتحالف مع الدكتور سمير  جعجع في عكار  أو في زحلة أو في بعلبك الهرمل، وهذا الأمر من شأنه أن يفقد القوات مقاعد نيابية حصلت عليها العام 2008 بفعل التحالفات عطفا على أنها لا تملك الحاصل الانتخابي في هذه الدوائر على سبيل المثال.

وسط هذا المشهد، الثابت أن الانتخابات أطلت براسها باكرا، والقوى السياسية كافة سوف تستثمر بالشارع عبر العصبية، وأكثر من ذلك فإن يوم أمس  أبرز معنى جديد، تجاوز حدود المحقق العدلي، إلى الصراع الإسلامي- المسيحي الذي يخشى أن  ينفجر ايذانا بمشاريع واجندات داخلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button