تصويب سياسات «ما بعد سبتمبر»
بقلم: جيمس زغبي

النشرة الدولية –

في أميركا ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، حرصت إدارة بوش والسياسيون كل الحرص على إظهار قدرتهم على حماية البلاد، ونتيجة لهذا أجازوا عدداً من السياسات والبرامج التي كان من المفترض أن تجعلنا أكثر أمناً، وأيضاً أنشأوا وزارة الأمن الداخلي، وهي هيئة بمستوى وزاري تجمع عدداً من الوكالات كانت سابقاً ضمن وزارات الخارجية والعدل والخزانة والتجارة.

لكن مثل هذا الجزع في الرد أثناء أزمة كان على غير هدى بسبب سوء النصيحة، وتزايد القلق من أن يكون لمبادراتهم تأثير سلبي، على المدى الطويل، على الحقوق والحريات المدنية للمواطنين والمقيمين الأميركيين، وعلى سبيل المثال، أجريت عمليات الاستدعاء والترحيل الواسعة النطاق للمهاجرين الذين معظمهم من الدول ذات الغالبية العربية والإسلامية وأيضاً عمليات المراقبة الواسعة النطاق وأيضاً الاختصاص بالفحص والمراقبة لهذه الجماعات نفسها في المطارات والمعابر الحدودية وفي دور العبادة.

وبعض البرامج تمخضت عن إضفاء الطابع الأمني على علاقات الحكومة بالعرب والمسلمين تحديداً، مما قوض الثقة بين هذه الجماعات والحكومة وعزز الريبة في العرب والمسلمين وسط الجمهور الأوسع، لكن تقارير الحكومة ذكرت أن هذه السياسات والبرامج لم تسهم في تعزيز أمننا، بالإضافة إلى هذه النتائج السلبية.

ودُشنت هذه المبادرات في حقبة بوش واستمر معظمها أثناء سنوات أوباما وبلغت ذروتها أثناء إدارة ترامب، لكن، أثناء حملته الرئاسية، تعهد جو بايدن بإنهاء كثير من هذه السياسات، وتعهد تحديداً بوقف الاستهداف بالفحص والمراقبة على أساس الدين والعرق وبوقف البرامج التي نظرت إلى الجماعات العربية والمسلمة تحديداً عبر عدسات الأمن القومي، ووعد بدعم سياسة عادلة وغير تمييزية في الهجرة. وبعد تسعة أشهر على إدارة بايدن في السلطة، أسعدني أن أُدعى إلى فحص الإجراءات التصحيحية التي اُتخذت حتى الآن والتحديات التي مازالت وزارة الأمن الداخلي تواجهها لتجعل من تعهدات الرئيس واقعاً. لقد كنت جزءاً من هيئة المدافعين عن الحريات والحقوق المدنية التي اجتمعت لتخاطب قيادة وزارة الأمن الداخلي بشأن «حالة الحقوق المدنية في الذكرى الثانية عشرة للحادي عشر من سبتمبر»، وتحدث قادة وزارة الأمن الداخلي، في تعليقاتهم، عن جهودهم لمعالجة الانتهاكات السابقة للحقوق والحاجة المستمرة لدعم مزيد من التعامل الإنساني مع المهاجرين وطالبي اللجوء.

صحيح أن هيئة المدافعين عن الحقوق رحبوا بهذه الجهود لكنهم دفعوا بأنه ليس من المهم تصحيح سياسات الإدارة السابقة فقط، بل أيضاً معالجة السياسات والممارسات السلبية التي كانت جزءاً من التفويض الأساسي الخاص بـ«الأمن الداخلي».

وتحدثت شخصياً عن عدة مبادرات تم تدشينها أثناء إدارتي بوش وأوباما أضرت كثيراً بالأميركيين العرب والمسلمين، وطالبت تحديداً بسد الثغرات التي تسمح بالاستهداف بالفحص على أساس العقيدة والعرق عند الحدود، وطالبت أيضاً وزارة الأمن الداخلي بإنهاء جهود مثل برامج «فحص المسافرين بتقنيات المراقبة» و«مجابهة التطرف العنيف»، التي استندت إلى مسلمات مغلوطة، وهي برامج مكلفة وأثبتت عدم كفاءتها في دعم السلامة العامة أو الأمن القومي.

وأخيراً، حثثت قيادات وزارة الأمن الداخلي على مواجهة الضرر الذي لحق بثقافة إنفاذ القانون والثقافة السياسية الأوسع نتيجة سياسات وبرامج استهدفت جماعاتنا باعتبارها «تهديدات»، وهذه المشكلة تعود إلى حقبة بوش، فلم تفلح تحذيرات بوش للأميركيين بألا يستهدفوا العرب والمسلمين تحديداً في إقناع وكالات إنفاذ القانون والجمهور بالعدول عن هذا الاستهداف، بسبب معاملة وزير العدل لهذه الجماعات باعتبارهم أعداء بغير تمييز.

التحديات هائلة أمام القيادة الجديدة لوزارة الأمن الداخلي، ويتعين عليهم الوفاء بمهمة الحفاظ على أمن أمتنا، وأيضاً يتعين عليهم التخلص من الفوضى التي وجدوها، وهذه الفوضى تتضمن الإجراءات التي اُتخذت على عجل في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. لقد رحبنا بدعوتهم لتقديم انتقاداتنا ومقترحاتنا من أجل التغيير ووعدناهم، ووعدنا جماعاتنا أيضاً، بمواصلة السعي حتى نرى إنهاء البرامج التمييزية التي لم تجعلنا أكثر أمناً، ووعدنا أيضاً بإنهاء البرامج التي استهدفت جماعات هشة وبذل الجهد لتغيير ثقافة الريبة والمراقبة التي أذكت انتهاكات الحقوق والحريات المدنية.

* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى