ما أسهل النصب.. وما أصعب وقفه!
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
عمليات النصب والاحتيال لم تتوقف عبر التاريخ، وشملت العالم، ولكنها تتكرر أكثر في المجتمعات الأكثر تخلفاً.
تنجح عمليات النصب عادة لسببين، سذاجة أو قلة عقل الطرف الذي تم النصب عليه، وطمع من قام بالنصب في تحقيق ثروة، وقصص فرسان المناخ ومادوف والريان وعشرات النصابين الآخرين خير شاهد.
كما توجد جهات أخرى تجمع الأموال باسم الدين، وهذا ما نراه منتشراً بين شعوب غنية ومتدينة، كالدول الخليجية والولايات المتحدة، حيث تدفع مبالغ ضخمة للمؤسسات والكنائس والجمعيات الدينية بغية الحصول على رضا الرب وقبوله، وكسب الأجر في الآخرة، والشعور بالرضا النفسي في الدنيا.
أتلقى وغيري بين الفترة والأخرى، ومنذ سنوات طويلة، طلبات غريبة للتبرع لهذه الجهة أو تلك بالمال أو بغيره بغية كسب الأجر. ولاحظت، مراراً وتكراراً، عدم تردد هذه الجهات عن التصريح بهوياتها الحقيقية وأسماء من يقفون وراءها وأرقام هواتفهم، غير عابئين بحقيقة عدم حصولهم على تصريح يسمح لهم بجمع التبرعات، وقد تكون الجهة فرداً أو شركة تجارية، من دون خوف من العقاب أو الملاحقة. وتبين لي في أكثر من مناسبة أن جميع من يقومون بالترويج لعمليات النصب والاحتيال هذه هم من فئة معينة، ربما لكونهم الأكثر جرأة ودراية بالقوانين المحلية، وما فيها من نقاط ضعف قانونية، وعجز المؤسسة التشريعية عن سد هذه الثغرات، وبالتالي استمرأوا القصة واستمروا في استغلال هذا الأمر للضحك على المواطنين والمقيمين، وبالذات «الباحثين عن الأجر»، الذين عادة لا يكترثون أو يشكون في نوايا من يطلب المعونة أو المال منهم، لاعتقادهم أن دورهم ينتهي بدفع الصدقة، وكسب الأجر، أما ما يحدث بعدها فهذا ليس شأنهم.
من الأمثلة الأخيرة على طرق الاحتيال الجديدة والمتطورة، نوعاً ما، تلقي مكالمة هاتفية من هاتف أرضي أو نقال، تعرض فيها المتصلة فكرة قيام «المحسن» بشراء عدد من المصاحف منهم بسعر رمزي، وأنهم سيقومون بعدها بتوصيلها للجهة التي ستهدى لها وعليها اسم «المتبرع أو المحسن». كما يتضمن الثمن خدمة التوصيل.. وغير ذلك من طرق نصب.
قمت بالاتصال بالجهتين المعنيتين بهذا النوع من الاستغلال والنصب، إدارة حماية المستهلك في وزارة التجارة، التي أعلمتني بأنه لا علاقة لها بهذا النوع من «النشاط، ووزارة الشؤون، التي أخبرني أحد كبارها أن الوزارة عاجزة «قانونياً» عن ملاحقة هؤلاء، مع ثقتها أنها جهات مشبوهة، وأنهم يستغلون هذا التراخي، أو الثغرات القانونية لمصلحتهم، وأنهم بصدد متابعة الأمر مع الفتوى والتشريع لسد هذه الثغرات في القوانين والأنظمة المتعلقة بجمع التبرعات.
وإلى ذلك الحين ليس علينا غير تنبيه المواطن والمقيم إلى عدم الرد على مثل هذه المطالبات، وقصر تبرعاتهم على الجهات المعروفة بسمعتها الطيبة، وشفافية أنشطتها.