104 سنوات على وعد بلفور
بقلم: د. دانييلا القرعان
النشرة الدولية –
يحيي الفلسطينيون الثلاثاء الذكرى الرابعة بعد المائة لصدور وعد بلفور والذي يمنح بموجبه وطنا قوميا لليهود على أرض فلسطين التاريخية، وكان السبب بتشريد الشعب الفلسطيني من أرضه، وعم تمكنه من تأسيس دولة عربية مستقلة على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية. وعد بلفور لم يكن سببا وإيذانا بإقامة قاعدة حربية استيطانية بريطانية في الشرق الأوسط فحسب، وإنما كان إشارة لبدء الهجرة اليهودية من أوروبا الى فلسطين بتواطؤ ومساعدة الدول الأوروبية لتأسيس وإنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين يسيطر سيطرة كاملة بعد تقديم الدعم والسلاح له. وعد بلفور كان بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين وذلك استجابة لرغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ الآف السنين. احتلت بريطانيا فلسطين عام 1917، وعملت على تسهيل هجرة اليهود إليها، وتمكينهم على الأرض؛ تمهيداً لإقامة «دولة إسرائيل» في عام 1948. وكانت الحكومة البريطانية قد عرضت نص رسالة بلفور على الرئيس الأمريكي ولسون، ووافق على محتواها قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا عام 1918، ثم تبعها الرئيس ولسون رسميًا وعلنيًا سنة 1919، وكذلك اليابان.
«أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» 104 سنوات مرت على وعد «بلفور» المشؤوم «، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، بناءً على المقولة المزيفة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». وتحل هذه الذكرى المشؤومة، ولا يزال الشعب الفلسطيني يعاني من ويلات الاقتلاع والتهجير وسلب الأرض ومخططات الضم والاستيطان التي لم تتوقف في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة لاستمرار جرائم القتل والتعذيب والحصار. وتأتي أيضًا في ظل تحديات غير مسبوقة تواجه القضية الفلسطينية لأجل تصفيتها، وفي سياق هرولة بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع «إسرائيل».
«وعد من لا يملك لمن لا يستحق» كان وعد «بلفور» جاء الوعد بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى. واستطاع من خلال تلك المفاوضات، الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف الأخيرة والحفاظ على مصالحها في المنطقة، وفور إعلان الوعد سارعت دول أوروبا، وعلى رأسها أمريكا وفرنسا وإيطاليا بإعلان التأييد له. وفي 25 نيسان/ أبريل سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد «بلفور» موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب. وفي 24 تموز/ يوليو عام 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول 1923، وبذلك يمكننا القول إن وعد بلفور كان وعدًا غربياً وليس بريطانيا فحسب. رغم مرور 104 سنوات على وعد بلفور الا أن اللاجئين الفلسطينيين لا يزالون يكتوون بآثاره السلبية، إذ يعيشون حياة في غاية الصعوبة بمخيمات اللجوء والشتات.
إن «وعد بلفور» هو السبب الرئيس في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني، وتردي ظروفه الاقتصادية والمعيشية على مدار عشرات السنين، إذ أنه أعطى الضوء الأخضر للاحتلال وعصاباته الصهيونية بطرده من أرضه، وننتقد في الوقت ذاته تراجع دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في تقديم المساعدات الإغاثية للاجئين منه. لولا هذا الوعد لما كان هناك لاجئون فلسطينيون، لكننا لا نزال متمسكين بحق العودة، ونعمل عكس ما قيل بأن الكبار يموتون والصغار ينسون»، واللاجئين في المخيمات يعيشون معاناة يومية على مختلف الأصعدة، الصحية والتعليمية والاجتماعية، والسبب هو الوعد المشؤوم بين بريطانيا والحكومة الصهيونية.