البعد التشريعي والقانوني لردع أصحاب الاسبقيات الجرمية
بقلم: د. دانييلا القرعان

النشرة الدولية –

ما هو الحل الأمثل لردع أصحاب الاسبقيات الجرمية في ظل تزايد خطرهم على المجتمع؟ وهل التشريعات الناظمة للإصلاح والتأهيل فعالة؟ وهل هنالك ضرورة لتعديل قانون العقوبات بإضافة نص خاص لهذه الفئة؟

الأمن والأمان الذي يعشيه الأردن بفضل حنكة القيادة الحكيمة وقوة الأجهزة الأمنية جزء رئيس من عوامل جذب الاستثمارات وتنشيط الحراك التجاري والسياحي والاقتصادي، ويساعد بشكل كبير في حرية الحركة والتنقل للمستهلكين والمواطنين بشكل عام. غياب الأمن والأمان في بعض المدن والأحياء يفقد المواطن حريته وتنقله بكل سهوله ويسر، ويفقده أن يؤتمن على أهله وبيته في غيابه وحضوره وفي تنقلهم وذهابهم الى المدرسة والجامعة والتسوق والتنزه ومشاركة الاحتفالات وغيرها، ويدفع كل ذلك الى الاضرار بالأرواح البشرية والجسدية وأضرار اقتصادية سلبية.

الإجراءات الأمنية الحالية التي تتبع وخاصة الحملات عمل إيجابي لكنه متأخر قليلا، غير أن هذه الظاهرة « ظاهرة العنف والقتل وفرض الاتاوات والبلطجية من قبل أصحاب السوابق الجرمية والقيود الأمنية « ليست جديدة بل أنها تكاثرت خلال الفترة الماضية بسبب غياب الرادع الأمني والقانون الرادع الذي يرهب هؤلاء البلطجية وأصحاب السوابق الجرمية ويحمي المتضررين وأسرهم.

إن الحملة الأمنية الحالية يجب أن تتابع من خلال وضع خطة إدارية أمنية يتشارك بها الحكام الاداريون والأجهزة الأمنية بالتعاون مع الأهالي والغرف الصناعية والتجارية والوجهاء لضمان استمراريتها والقضاء على هذه الفئة الضالة غير الملتزمة بسلوكيات المجتمع المحلي التي تمتاز بالتسامح والاحترام المتبادل. أرى أن على الأجهزة الأمنية قبل الافراج عن أصحاب الاسبقيات والقيود أن تعمل على ارشاد وتثقيف هؤلاء الأشخاص الخطيرين على أمن المجتمع بعد خروجهم، وتأهيلهم وتدريبهم خلال مدة احتجازهم على مهن يستطيعون العمل من خلالها عند خروجهم من السجن، داعيا الى ضرورة عرضهم على أطباء نفسيين ومختصين في السلوك الاجتماعي قبل اخلاء سبيلهم للتأكد من قدرتهم على العيش والتجانس مع المجتمع المحلي بعد الخروج من السجن، وأن لا يكونوا حطر محدق على أبناء المجتمع الأردني ويهددون أمنهم ومسكنهم وحياتهم. إن تنفيذ الحملات الأمنية على أصحاب السوابق الجرمية وفارضي الاتاوات يجب أ تكون مستمرة ومتواصلة لا تتغير بتغير القيادات الأمنية.

وحول البعد التشريعي والقانوني هنالك ضرورة ملحة لتعديل التشريعات خصوصا الناظمة للإصلاح والتأهيل، فهذا القانون يجب أن يراجع خصوصا أن الامن العام يمتلك كفاءات تعمل في مراكز الإصلاح والتأهيل، وعند التعديل سيكون التطبيق جيدا لقانون جيد أيضا، باختصار التطبيق جيد لكن التشريع سيء. وأيضا ضرورة تعديل قانون العقوبات بحيث يتم إضافة نص خاص لهذه الفئة حول تحديد نوعية هذه الجرائم وتغليظ العقوبات عليهم، وفي حال التكرار يكون التغليظ مضاعف، ولا بد من وضع تدابير احترازية في قانون أصول القوانين المختلفة تعطي النيابة وجميع الكوادر الأمنية الحماية لهم سواء كانوا على رأس عملهم أو بعد تركهم العمل، خصوصا أن روح الاجرام عند هؤلاء تستمر ويمكن الانتقام من هذه الكوادر بعد تنفيذ عقوباتهم، إضافة الى تدابير وقائية خاصة في قانون منع الجرائم تخص هذه الفئة الخارجة عن القانون.

إن تنفيذ الحملات الأمنية آنية أصبحت ضرورة ملحة اليوم عقب الجريمة التي حدثت في اربد وراح ضحيتها شقيقتين رحمهما الله، وسبقها أصحاب اسبقيات قطعوا أصابع دليفري وقبلها جريمة فتى الزرقاء وغيرها الكثير، وأوكد ان هذه الظاهر تستوجب قانون رادع وعقوبات مغلظة رادعة وحلولا وقائية من خلال توفير الدعم الشامل لمنظومة المؤسسة الأمنية وعلى رأسها الامن العام ومنع الجريمة والوقاية وتعاون كافة الجهات معها.

شددت التوجيهات الملكية للتعامل مع مرتكبي الجرائم وذوي الاسبقيات والزعران والبلطجية خصوصا أن وجودهم يشكل خطورة على أمن المجتمع واستقراره. وأشدد على تعاون كافة فئات ومؤسسات المجتمع المدني والحكومية والأهلية والتعليمية مع المؤسسة الأمنية لنع الانحراف والجريمة والمشاركة سويا في مكافحتها بشكل وقائي، ونبذ الافراد الذين تظهر عليهم بوادر لمثل هذه السلوكيات، والتبليغ عن أي ظاهرة تستوجب التبليغ عنها، وسيعزز ذلك نجاح الحملات الأمنية واستقرار المجتمع وأمنه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى