المهاجرون العرب على حدود أوروبا
بقلم: احمد ذيبان

النشرة الدولية –

الرأي –

تلخص مأساة العرب الباحثين عن «وطن بديل» على حدود «روسيا البيضاء» بيلاروسيا مع بولندا، مشهد الحالة البائسة في بلدانهم، ومعاناة نسبة كبيرة من المواطنين، جراء سياسات فاشلة غير قادرة على توفير مقومات الحياة الكريمة في عديد الأقطار، وتراجع مستوى الخدمات الأساسية، كالتعليم والعلاج والكهرباء والماء، أو بسبب الأزمات والحروب الأهلية وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والانسانية.

مشهد المحتشدين على حدود بيلاروسيا وبولندا يمزق المشاعر، حيث آلاف العائلات بينهم أطفال ونساء وغالبيتهم من العراق وسوريا، ينتظرون في الغابات وسط ظروف جوية بالغة القسوة، تحت الأمطار والثلوج ودرجات حرارة تحت الصفر، يحاولون اقتحام الحدود وتتقاذفهم قوات الأمن البيلاروسية والبولندية، سعيا منهم للوصول إلى ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية.

هذه سابقة جديدة في الهجرة، حيث كانت الهجرات العربية بدءا من الهجرة الفلسطينية الأولى بعد النكبة الأولى عام 1948، التي اتخذت طابع إقامة مخيمات مؤقتة، وأصبحت مع مرور الزمن حالة تتراوح بين الاستقرار والترقب وانتظار العودة، وصولا إلى الهجرات الجديدة التي حدثت خلال العقدين الماضيين، بسب الحروب الأهلية في عديد الأقطار «سوريا، اليمن، وليبيا»، أو الغزو الأميركي كما حدث في العراق عام 2003، فاضطر ملايين المواطنين إلى الفرار من بيوتهم ومدنهم وتحولوا إلى لاجئين في مخيمات بائسة، يعيشون على المساعدات الإنسانية التي تقدم لهم من قبل دول شاركت سياساتها وتدخلاتها في تشريدهم، أو من خلال منظمات إغاثية أممية.

كانت الهجرة إلى أميركا حلما لنسبة كبيرة من الشباب العرب، لما توفره من فرص لحياة أفضل، لكن ثمة معطيات استجدت خلال العقدين الماضيين، فأصبحت غالبية محاولات الهجرة غير الشرعية إلى دول الغرب، تحدث من دول شمال أفريقيا عبر قوارب الموت عبر أمواج البحر المتوسط التي يغرق فيها الكثيرون، فحسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ عدد المهاجرين، الذين توفوا غرقا في المتوسط «5414» شخصا عامي 2017 و2018، ويقع هؤلاء ضحية عصابات عابرة للحدود.

لكن ما حدث على الحدود البيلاروسية–البولندية، ينطوي على نمط جديد من محاولات الهجرة، حيث سافر هؤلاء من بلدانهم عبر الترانزيت أو بالطائرات وتكبدوا مبالغ كبيرة دفعوها لعصابات تركتهم تحت رحمة القدر!

لا يحتاج الأمر إلى تفكيك ألغاز لتفسير محاولة هؤلاء اللجوء إلى أوروبا بهذه الطريقة، وبعضهم باعوا ممتلكاتهم وبيوتهم للخلاص من جحيم بلادهم، الذي يتمثل بتفشي الفساد، وغياب الفرص والبطالة والفقر وتراجع الخدمات وسيطرة أنظمة الاستبداد.

بعض هؤلاء ربما تكون ظروفه ليست قاهرة للبحث عن لجوء محفوف بالمخاطر، لكن المؤكد أن الجميع يبحثون في دول الغرب عن الحرية وحياة أفضل مفقودة في أوطانهم. وهذه حالة متواصلة لا يبدو أنها ستتوقف في مدى منظور، بل إن الظروف العربية تزداد سوءا وتدفع المزيد من المواطنين في أقطار كثيرة، إلى المغامرة ومحاولة الهروب من أوطانهم!

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى