النواب والحكومة على جسر اللوزيه .. !!
بقلم: صالح الراشد
صالح الراشد
غنت فيروز وأطربت وأبدعت وانتزعت الإعجاب من مستمعيها الذين صفقوا لها مطولاً، غنت فيروز وما كانت تظن أنها تغني لمجلس النواب والحكومة في الأردن، صدحت بصوتها الجميل:
على جسر اللوزيّة تحت أوراق الفيّة
هب الغربي وطاب النوم وأخذتنا الغفويّة
وسألوا كثير عليّ على جسر اللوزيّة
هب الغربي و طاب النوم ندهونا وما وعينا
لامونا وشو نفع اللوم غصبا عنا غفينا
هذا حال المجلس الذي وصفته فيروز قبل سنوات حين أخذته الغفوه عن مصالح الوطن، وحين نام عن إتخاذ القرارات التاريخية في القضايا الهامة، وأصبح المجلس مجرد جسر اللوزيه لتمرير قرارات حكومية يرفضها الغالبية العظمى من الشعب، فتم زيادة الضرائب وأصبحوا آخر من يعلم عن إتفاقيات خارجية، كل هذا وهم يغفون تحت أوراق الفيه، ويقبعون تحت ظلال القبة التي وان كُثر الصراخ فيها إلا انها كانت مكان مناسب للنوم والحُلم، ولم تقض مضاجعهم منادة الشعب لهم بالإنعدال، فالهواء الغربي أطال نومهم وأخذتهم الغفوية فضاعت نداءات الشعب في الهواء ولم يسمعها الغافلون.
وحين قابلهم الشعب في مواقع أخرى تعذر النواب بأنهم ناموا بالاكراه، ورددوا كلمات فيروز “لامونا وشو نفع اللوم غصبا عنا غفينا”، لكن فيروز التي غلبها النوم بسبب الهوا العليل، تختلف عن النواب الذين وجدوا الهواء العليل بالمكانة الاجتماعية الجديدة التي جعلتهم يتخدرون مع مناداتهم بأصحاب السعادة، هذا المصطلح الذي حول أحلامهم في غفوتهم لأحلام سعيدة تنتهي بزواج السلطة التشريعية والتنفيذية في حفل بهيج حضره عدد كبير من كبار البلد، فيما اكتفى بقية الشعب بمتابعة الأفراح على الشاشات ومتابعة الاخبار على المواقع الإخبارية، لكن الأمر الغريب والمُريب ان غالبية الرافضين لهذا الزفاف قد باركوا للعروسين وبعضهم قدم الهدايا والنقوط.
وفي لحظات الإنسجام المتعددة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية أطربتهم كلمات فيروز “جارة القمر” وهي تسرق القلوب والعقول ، وهي تعبر عن حالة التناغم بينهما والخوف المشترك من قادم الايام والذي يوجب عليهما وضع اليد باليد سواء أكنا نسير في عتم الليل أو في السهرات وتقول على لسانهما:
يا حبيبي اثنينتنا غرب ليل ودرب بعيدي
رح يسرقني عتم الدرب هدّي إيد بإيدي
تاخذنا سهريّة وترجعنا سهريّة
وهنّ يروحوا ونحنا نظل على جسر اللوزيّة
نعم هذا حلمهم الأزلي بأن تختفي المُعارضة والمعارضين ويتركونهم يتخذون القرارات التي يُريدون، وحتى لا يكون هناك حسيب ولا رقيب ويبقى أصحاب السعادة تحت القبة لسنوات طوال، ويتجذر أصحاب المعالي في مناصبهم حتى ينقضي الأجل، ويتقاسموا السهرات والأفراح تاركين الترح لشعب صبور تحمل الكثير لأجل الوطن، فيما المعارضة والعارفون ببواطن الأمور يرفضون زواج السلطتين الذي نهايته دوماً إنتشار الفساد ونهب أموال العباد، وهنا صمتت فيروز عن الغناء لأنها لم تدرك أنها تغني لمن يخرجون عن درب الشعب ويبحثون عن مصالحهم القاتلة لآمال الوطن.