كنتُ، ذات مساء بعيد، أرقص في مطبخي
النشرة الدولية
وداد رضا الحبيب –
كنتُ، ذات مساء بعيد، أرقص في مطبخي على أنغام صباح فخري. في حضرة الموسيقى كانت الكلمات تحملني إلى حلمي الهارب على أجنحة الإيقاع. كان الكون يطوف حولي وكنتُ أطوف حولك سيّدي منتشية حدّ التّلاشي. غمرني الإحساس بالأمان والاكتفاء. كان ذلك رائعا.
وأذكر جيّدا، سيّدي، كيف تلبّدت السّحب فجأة في سمائي وهطلت الأمطار بلا إنذار ففرّ منها فرحي. هرول إلى زاوية مظلمة من الذاكرة وانزوى خجلا. تلك الأمطار أتت على لوحتي الجميلة المزهرة فتساقطت ألوانها، تشوّهت ملامحها، صارت وجها باكيا يزدحم فوقه المغيب والفجر في ذات اللّحظة وكأنّ الموت والحياة يولدان معا بل كأنّهما يقتتلان فوق خصري.
ابتلعني المكان يسدّ أذنيه من صوت بكائي. لم تحملني قدماي. على نفس الإيقاع وبنفس كلمات صباح فخري انهرتُ في كفّ الخوف واستسلمت لقبضة الحزن..
أخبرني سيّدي كيف وُلد الأسى من رحم السعادة. كيف حطّت السّماء والأرض على أفق واحد لأُبعث من بينهما. كيف أرتّق نفسي لحظة التزاحم تلك؟ هذا التناقض يعرّيني أو ربّما هو الصّدق المجذوب المرتوي من عين العدم.
_______
من كتابي ” محراب في كفي”
عن دار الكتاب للنّشر والتوزيع