«راز» .. وحل الدولة الواحدة يدقان الخزان!
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
أشرت في مقالي هنا الأسبوع الماضي والمعنون «إنهم لصوص» إلى الباحث والمؤرخ الإسرائيلي في معهد «عكفوت» آدم راز وما كتبه في ملحق خاص لصحيفة «هآرتس» عن الممارسات الإجرامية والإرهابية والسرقات التي مارسها الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 بحق أصحاب الأرض العزل وبخاصة عمليتا «يوآف» و«حيرام» ومجزرة الرينة بالقرب من الناصرة ومجزرة جبل «الجرمق» التي ارتكبتها عصابة «إيتسل» وغيرها من الممارسات التي كانت بهدف طرد الفلسطينيين من أرضهم ومنع عودتهم إليها.
شكلت القراءة التاريخية التي نشرها آدم راز إدانة أخلاقية من العيار الثقيل للاحتلال، وإن كانت بأثر رجعي وذلك بسبب «اخفاء» المؤسسات الرسمية الإسرائيلية وبخاصة الأمنية والعسكرية منها لهذه الحقائق المدفونة في الأرشيف الموصودة أبوابه، وفي مقالة تعقيبية على مقاله الأول يشير «آدم راز» إلى ردود فعل إسرائيلية تشكل بحد ذاتها فضيحة أخلاقية وتدلل على المستوى العنصري الذي يسيطر على المناخ العام داخل دولة الاحتلال فيقول ما نصه في مقاله المنشور في هآرتس بتاريخ 21/ 12/ 2021 (.. عدة مقالات وردود نُشرت بعد مقالي الذي نُشر في?ملحق «هآرتس»، والمتعلق بمقاطع من جلسات الحكومة التي تعود إلى سنة 1948، والتي جرى الكشف عنها مؤخراً، حيث وصل النقاش بسرعة إلى الكلام المألوف والحجج المعتادة: «العرب» لم يقبلوا خطة التقسيم.. (لذلك، لا مشكلة في طرد السكان الذين لم يشاركوا في القتال)، لو انتصروا لكانوا «ذبحوا» اليهود لذلك، لا مشكلة إذا ارتكب اليهود جرائم حرب؛ (أيضاً هناك بلدات يهودية أُخليت خلال الحرب، لذلك يمكن أن نفهم لماذا طرد الجيش قرى كاملة وفجّر منازلها)، هذه بعض ردود الفعل على راز تظهر ما أشرت إليه من عنصرية وما نشره آدم راز ما زال يتفا?ل داخل المجتمع الإسرائيلي وربما يستمر لوقت طويل، صحيح أن إسرائيل دولة احتلال إلا أنها دولة توفر لمواطنيها حرية الرأي والتفكير والتعارض مع صلب أيديولوجيتها الصهيونية، وآدم راز واحد من المؤرخين الذين تصدوا للرواية الصهيونية مثل «إيلان بابيه» الذي كرس الكثير من جهده وفكره لتقويض السرديات الإسرائيلية، ومناهضة الصهيونية والدفاع عن الحقوق الفلسطينية وبخاصة كتابه الشهير «عشر خرافات عن إسرائيل».
تزامنت «قنبلة» آدم راز مع القنبلة التي فجرتها أصوات فلسطينية في مؤتمر تيار الإصلاح في (فتح) بقطاع غزة الذي عقد منتصف هذا الشهر حيث أربكوا بدعوتهم إلى حل الدولة الواحدة ثنائية القومية بعد «موت حل الدولتين».. الاحتلال الذي أعتقد أن قضم الجغرافيا الفلسطينية سيحاصر الديمغرافيا ويقضي على آمال الشعب الفلسطيني، فيما واقع الديمغرافيا الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو داخل الخط الأخضر في مناطق 48 هو الذي يمارس حصاره المتنامي والمتجدد على دولة الاحتلال بحيث أصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما وهما إما استمر?ر الاحتلال بسياسة الفصل العنصري وبخاصة في ظل قانون يهودية الدولة، وإما إقامة دولة ديمقراطية وعلمانية للشعبين، ومن المؤكد أن الاحتلال سيرفض الحل الأخير ولكن إلى متى سيبقى هذا الرفض مقبولا من العالم، وإلى متى سيقبل الفلسطينيون داخل الخط الأخضر أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثالثة، وإلى متى ستبقى الديمقراطية في داخل دولة الاحتلال وكما وصفها أستاذ علم الاجتماع في جامعة حيفا سامي سموحة «ديمقراطية عرقية» تأخذها وبهدوء نحو نموذج الابرتهايد الذي كان سائدا في جنوب إفريقيا؟
وثائق آدم راز واقتراح حل الدولة الواحدة يدقان خزان الاحتلال ويذكرانه بأن داخل معدته شعباً لن يقبل الموت في صحراء العطش كما جاء في رواية غسان كنفاني «رجال في الشمس».