الأردن الضعيف ليس من مصلحة أحد
بقلم: ماهر أبو طير

النشرة الدولية –

ليس من مصلحة الاقليم أن يضعف الأردن، ومن ناحية جيوسياسية، فإن ضعف الأردن، لا يعني إلا ارتدادا على كل الإقليم، في لحظة ما، خصوصا، أن استقراره يتجاوز حدوده بكثير.

القصة ليست تهديد العالم العربي بالقول إن ضعف الأردن سيكون له فاتورة سوف ترتد على الجميع، من الاحتلالات، إلى الإرهاب، والفوضى، وحروب الاسلحة والمخدرات، وصولا إلى تقليد نماذج الفوضى واستنساخها، فهذه طريقة غير اخلاقية وغير مناسبة، لحض غيرنا، على عدم ترك الأردن وحيدا، لكننا نتحدث بصراحة عن المهددات التي تتزايد، وهي مهددات لاتقف آثارها على الداخل وحسب، خصوصا، مع هذه الحركة غير الطبيعية في خريطة مهددات الإقليم.

يحدد الملك خمسة أسباب في رسالته التي وجهها قبل يومين إلى الناس، باعتبارها زادت من الأعباء، وأدت مع عوامل داخلية إلى تأثير المسيرة، وهي عوامل معروفة بآثارها غير السهلة أبدا، وفي هذا التحديد، لا نقرأ خلف السطور، محاولة لرمي المسؤولية على الآخرين، بل تشخيصا لوضع دقيق، ترك تأثيراته الحادة، وبرغم هذه التأثيرات إلا أن الأردن بقي على الخريطة.

يقول في رسالته ” وقد اشتدت الصعاب في السنوات الأخيرة، واشتعل محيطنا بأزمات ألقت بظلالها علينا، فقد استقبلنا مئات الآلاف من اللاجئين، وتعاملنا مع تحديات أمنية على حدودنا، وانقطعت طرق حيوية للتجارة، وتراجع الدعم الخارجي، مما أدى إلى تباطؤ مسيرتنا”.

هذه المسببات الخمسة، من أزمات الجوار السياسية، وغيرها، مرورا بتدفق الأشقاء، والمهددات الأمنية مثل الإرهاب والمخدرات، وتراجع التجارة بشكل كبير، خصوصا، مع العراق وسورية، ثم تراجع الدعم الخارجي، كلها عوامل تركت أثرا خطيرا، متراكما من حيث النتائج والكلف القريبة.

حتى الدعم الخارجي أغلبه قروض، لكن ميزانية الأردن تعاني من مشاكل كثيرة، وهناك احتياجات كبرى للاردن، على صعيد دعم الاقتصاد، بأشكال مختلفة، سواء المنح المالية، أو غيرها، او المشاريع، دون أن يلتبس الأمر على الناس، فيظن كثيرون أن القروض منح صافية، فيما واجب سدادها في وقت قريب أو متوسط أو بعيد، بما يعني أن الازمة هنا مركبة، وتتراكم تدريجيا.

اضعاف الاردن، ليس من مصلحة أحد، لا عالميا، ولا إقليميا، ولا عربيا، وترك الأردن بهذه الظروف الصعبة، سيؤدي إلى نتائج سلبية، تتجاوز الأردن، ويكفينا ان نستذكر نماذج للفوضى التي وقعت في دول عربية، وكيف أن هذه الفوضى لم تبق داخل حدود تلك الدول، بل امتدت من حيث التجربة البصرية، ومن حيث التأثيرات الاقتصادية والسياسية والأمنية إلى غير موقع.

برغم ان الخطاب الرسمي اليوم، يتحدث فقط عن ضرورة اعتماد الأردن على موارده، وان العلاقات مع العالم، والدول العربية، قائمة على الاحترام، وليس طلب المساعدات وحسب، ولا يجوز ايضا ادامة العلاقات على أساس مالي ومصلحي فقط، إلا انه من جهة ثانية يشار إلى كون الاستقرار الداخلي في الأردن، مرتبط إلى حد كبير بالوضع الاقتصادي، والأردن هنا، يمثل حالته الخاصة في خريطة الإقليم، وأمن العالم، وليس مجرد دولة يتم تركها لمصيرها أو ظروفها الخاصة.

المحددات الخمسة التي أشار إليها الملك، لا تأتي في باب التبرير بقدر كونها تشرح الواقع، وبعضها قابل للتغير، مثل توقف أزمات الجوار مثلا، أو استرداد التجارة مع هذا البلد أو ذاك، لكن هناك محددات بحاجة إلى موقف عربي وعالمي مختلف، ان لم يكن كرما للأردن، فليكن من باب تثبيت استقرار الأردن، كون اضعافه وايصاله إلى الحافة سيؤدي إلى نتائج تتجاوز الأردن، نحو الاقليم.

رسالة الملك حافلة بالرسائل الداخلية والخارجية لمن يحلل السطور وما خلفها، وإذا كان العرب مثلا يقفون طوال عمرهم موقفا إيجابيا مقدرا مع الأردن ولا ينكره أحد، فإن تذكر الحقيقة التي تقول إن عدم اضعافه مصلحة للجميع، تعيد التموضع في كل المشهد، إضافة إلى أن موقف العالم المساند للأردن، يتوجب إعادة النظر فيه، خصوصا، مع تزايد حدة المشاكل من البطالة، والفقر، وغير ذلك، وتراجع الدعم ايضا على صعيد تواجد الاشقاء السوريين، وغير ذلك من مصاعب تشتد حدتها عاما بعد عام، في ظل إقليم يشتد الضغط على خاصرته، وحاجة الدول فيه إلى التكافل، والوقوف معا، يجب أن تكون أولوية، خصوصا، في هذه الأيام وتلك المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى