حرب سياسية وأمنية على الحدود
بقلم: ماهر أبو طير

النشرة الدولية –

الجهد الذي يبذله الجيش في حماية الحدود مع سورية، جهد مبارك وكبير، والواضح أن توتر الدولة من الحدود مع سورية بلغ أعلى درجاته خلال الايام القليلة الماضية، والادلة كثيرة.

لكن دعونا نتحدث عن هذا الملف من زاوية ثانية، اي زاوية وكلاء العصابات في الأردن، إذ بلا شك هناك وكلاء ينتظرون المهربين، او سيارات المخدرات القادمة، ويستحيل ان يتحرك المهربون نحو نقاط غامضة، فهم إما يصلون الى نقاط متفق عليها، ويقومون بدفن المخدرات من اجل أن يأتي فريق ثان من داخل الأردن لإخراج هذه المخدرات، وقد يتحركون نحو مواقع محددة لتسليمها باليد الى وكلاء هذه العصابات، وهذا يعني ان هناك طرفا ثانيا شريكا في الأردن.

هذا الكلام لا يلغي خطورة الوضع داخل الحدود السورية ذاتها، عبر وجود عشرات مصانع المخدرات الكيماوية، او منازل يتم تخزين الحشيش المهرب من لبنان فيها، اضافة الى وجود ادلة على تورط بعض الامنيين السوريين في تهريب المخدرات، وخصوصا، في المغافر السورية في تلك المنطقة، فنحن امام وضع خطير ممتد عبر الحدود.

القصة ليست قصة عصابة مخدرات هاوية تحاول تهريب شحنة صغيرة، بل يستعمل هؤلاء كما اشير مرارا، تقنيات عسكرية متطورة للرؤية الليلية، اضافة الى وجود حمايات مسلحة ترافق هذه العصابات خلال تحركها الى الأردن، تقوم بإطلاق الرصاص بكثافة ضد منتسبي الجيش الأردني، وبعض الحمايات تعود محروقة جراء الرد الأردني، او قد لا تعود، وبرغم ذلك يواصلون هذه المحاولات، المتوقع ان تزداد خلال الشهور المقبلة، كون خنق تجارتهم، يؤذيهم كثيرا.

الأدهى والأمر ان كل سكان المناطق السورية المحاذية للأردن، لا يمنعون أبناءهم من التورط في هذه التجارة، على الرغم من مقتل بعضهم، وجرح بعضهم الآخر، خلال الاشتباكات التي تجري، وخصوصا، الاشتباكات التي تجري ليلا، او خلال وجود الضباب، او ظروف جوية صعبة.

يضاف الى ما سبق عمليات التهريب الفردية، حين يحمل المهرب حقيبة على ظهره، وينتقل مشيا الى الأردن، بما يثبت انه سيصل الى نقطة قريبة محددة، يقوم فيها بدفن المخدرات حتى يأتي من يخرجها، وفي حالات يسلمها باليد الى طرف ثان شريك وآثم داخل الحدود الأردنية مع سورية، وقد جرب المهربون وفقا لما أعلنه الجيش ارسال مئات المهربين، مرة واحدة، ظنا منهم ان هذا اسلوب يؤدي الى تشتيت الرقابة الأردنية، واضعافها، على طول الحدود مع سورية.

الحل الجذري، إضافة الى الجهود المبذولة حاليا والمقدرة، هو كشف وكلاء العصابات داخل الأردن، وبرغم ان العملية معقدة، إلا أن تخصيص امكانات مالية وتقنية، وغير ذلك، سوف يعزز عملية الكشف، بحيث لا تكون هناك عصابات داخل الأردن، تنتظر هذه المخدرات لبيعها داخل السوق الأردني، او عملها كعصابات وسيطة، تنقل هذه المخدرات نحو دول عربية.

لا بد من حملة امنية داخل الأردن، بناء على المعلومات المتوفرة، دون تعسف، او اتهام لأحد، لكن فتح العيون جيدا، سوف يخفف ضغط الحدود على الأردن في هذا التوقيت، خصوصا، مع بدء ارسال المهربين لطائرات مسيرة، وقد يكون متوقعا توسعهم من حيث التمدد على طول الحدود، مجددا، او تكرار اللجوء الى عشرات عمليات التهريب في توقيت واحد.

تغيير قواعد الاشتباك يعني ببساطة عدم توجيه إنذارات مسبقة، نحو اي جسم متحرك على الحدود، واللافت للانتباه هنا ان جهات كثيرة متهمة بإدارة هذه الحرب على الأردن، وهذا يفرض اليوم، عدم انتظار اي تدخل سوري، لاعتبارات كثيرة، بل ايقاع اكبر الاضرار البشرية بالمهربين، وربما اعتقال بعضهم بشكل متعمد بدلا من قتلهم، للتحقيق معهم، ومعرفة المزيد من المعلومات حول الاطراف التي تنتظر هذه المخدرات داخل الأردن، بما يقودنا الى الشبكات الوسيطة، وعمليات استدراج المهربين، مفيدة جدا، بدلا من تصفيتهم، لمعرفة الشركاء داخل الأردن.

ليست مجرد معركة مع المخدرات، اذ على الرغم من رصد الأردن لـ160 موقعا داخل سورية تصنع المخدرات وتخزنها، إلا اننا امام حرب سياسية وامنية لها غايات كثيرة، وهذا يعني بكل بساطة ان رفع سقف ردود الفعل، اكثر، خلال الفترة المقبلة، قد يكون متاحا، ومشروعا ايضا.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى