محاولات لبنانية لتأمين 200 مليون دولار لتمويل شراء الغاز من مصر والكهرباء من الأردن

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

ما حصل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لجهة الموافقة المبدئيّة على “الخطّة الوطنية لإصلاح قطاع الكهرباء ليس سوى “رفض مهذّب للخطة التي قدّمها وزير الطاقة وليد فياض، وأول خطوة تصحيحيّة باتجاه العودة لاحترام القوانين لاسيّما القانون 181/2011، الذي فصل بين تعديل القانون 462/2002 وتأليف الهيئة الناظمة للقطاع” يقول المدير العام السابق للإستثمار في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون لـ “لبنان 24”.

عودة إلى الأصول

منذ سنوات يخوض التيار الوطني الحر حربًا مع مجمل القوى السياسية في السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة، لعدم تأليف الهيئة الناظمة قبل تعديل القانون، أو بعبارة أوضح تجريد الهيئة من صلاحياتها، وتحويلها إلى مجلس استشاري غير ملزم بقراراته. قبل تعديل مهام ودور الهيئة لن يقبل الفريق العوني بتأليفها، “التيار” وعبر وزرائه، الأصيل منهم والوكيل، لا يخفي رغبته هذه، على رغم إصرار كلّ الجهات الدولية على تعيين الهيئة، كشرط يرد في قائمة الإصلاحات المطلوبة. “عنادهم استمر منذ اثني عشر عامًا لعدم تعيين الهيئة الناظمة وربطها بتعديل القانون، واليوم عاد الرئيس نجيب ميقاتي وصحّح المسار  ليقول لهم، روحوا عينوا الهيئة الناظمة قبل أيّ تعديل، تمامًا كما نصّ القانون 181” وفق ما أشار بيضون، معتبرًا أنّ الخطّة التي عرضها فياض بمثابة إعادة استنساخ لخطط أسلافه. النقطة الثانية الإيجابية التي حصلت في مجلس الوزراء “هي إعادتهم، لا بل سوقهم إلى الأصول في عملية إجراء المناقصات، إذ أنّ حجم استهتارهم بالأصول في إجراء المناقصات غير معقول” يقول بيضون، وهم  يحاولون الحفاظ على ما المكتسبات التي حققوها من خلال المناقصات السابقة، سواء تلك المختصّة بالرياح أو الطاقة الشمسية أو الخزانات ومحطات التغويز، بحيث رتبوها ودبروها في ليلة مظلمة، ومرّروها في المنشآت أو في المركز اللبناني لحفظ الطاقة، خلافًا للقانون والأصول. واليوم يحاولون تثبيت ما حققوه على مدى 12 سنة حكموا خلالها الوزارة، ويستمرّون بمحاولة انتزاع اعتراف جديد من الحكومات، ليقولوا إنّ كلّ الحكومات المتعاقبة مقتنعة بخطتنا وبعناصرها وبنودها”

لا يحق لوزير الطاقة مصادرة صلاحيات الهيئة

يلفت بيضون إلى أنّ المادة 89 من الدستور تقول إنّ كلّ استثمار وكلّ امتياز لإستثمار مرفق عام بحاجة إلى قانون، لكنّ المجلس النيابي أعطى الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء صلاحية إصدار تراخيص وأذونات الإنتاج لعشرات السنين، وبذلك يكون قد تخلّى عن صلاحياته الدستورية، ومنحها للهيئة وليس للوزير، في حين أنّ الأخير يعمل على مصادرة صلاحيات الهيئة، خلافًا لإرادة مجلس النواب.

لماذا التركيز على الهيئة الناظمة كمدخل لإصلاح قطاع الكهرباء؟

“لأنّ الهيئة هي الإستشاري وصاحب الخبرة لدى الحكومة، وهي عبارة عن مؤسسة تؤمن ديمومة الإدارة والقطاع”، والقانون أناط بها مهمة وضع السياسات العامة للقطاع، ومتابعتها وضمان حسن تنفيذها. كما ورد في نصّ المادة 112 من القانون 462.

سرت شائعات ان اجتماعًا جمع ميقاتي برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قبل جلسة مجلس الوزراء، وأنّ اتفاقًا حصل على تمرير خطّة فياض بصيغتها الحالية من دون تعديلات،أي بتجاوز الهيئة الناظمة إلى حين تعديل صلاحياتها، وتمرير معمل سلعاتا، لكن مكتب ميقاتي نفى ذلك. كما ان أداء الحكومة شكّل نفيًّا لذلك ايضا، بحيث انتهى مجلس الوزراء إلى التأكيد على تعديلات جوهرية على خطّة فياض، وفي مقدمها الاصرار على تعيين الهيئة الناظمة للقطاع قبل التعديل، فتمّ إحباط أبرز هدف للفريق الذي ينتمي إليه فياض. وقبل ذلك كان قرار ميقاتي بالوقوف بوجه سلفة الكهرباء، وأصراره على أن تكون ضمن خطة شاملة للنهوض بقطاع الكهرباء.

سلعاتا من جديد

معمل سلعاتا الذي يعود إليه باسيل، لاسيّما وأنّه يشكّل حاجة له في حملته الإنتخابية، لن يكون سهلًا تمريره في الحكومة الحالية، نضرًا لتكلفته الكبيرة “إعادة إحياء سلعاتا هو محاولة رعناء وجنون، وفيها استغلال انتخابي” وفق بيضون “فالمعمل يستوجب تأمين ملايين الدولارات لجهة الإستملاكات والإنشاءات والتجهيزات اللازمة لربطه بالشبكة، من أين سيأتون بـ 200 مليون دولار للإستملاكات؟ خصوصًا أنّ محاولات تجري لتسوّل 200 مليون دولار من أجل تمويل شراء الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وهناك مجموعة شروط يطلبها البنك الدولي كي يوافق على التمويل”.

ليس فقط رئيس الحكومة من يرفض خطّة فياض بثغراتها المتعددة، بل عدد لا يستهان به من المكوّنات الحكومية، خصوصًا أنّ البديل موجود، كالعروض التي تقدّمت بها جهات وصناديق دوليّة لحلّ معضلة الكهرباء في لبنان بشكل نهائي، منها مشروع الصندوق الكويتي لتمويل بناء معامل كهرباء جديدة في لبنان، والذي رفضه باسيل في حينه بحجة أنّ الصناديق تتطلب وقتًا وآليتها معقّدة، ومنها أيضًا ما قدّمته شركة “سيمنس” الألمانية العملاقة من عرض للمساعدة في تأمين الكهرباء في لبنان، وفق ما أكّد رئيس مجلس إدارة الشركة جو كايسر في أيلول عام 2018 ردًا على سؤال صحافية لبنانية عبر تويتر، وذلك بعد نفي وزير الطاقة انذاك سيزار أبي خليل لأّي عرض من قبل الشركة المذكورة.

الوزير الوكيل يعيد خطّة الأصيل إلى مجلس الوزراء، على رغم فشلها في تأمين الكهرباء للبنانيين، مردّدًا الوعود نفسها بكهرباء 24/24. وما يسمونها بـ “الخطة الوطنية للكهرباء” هي بالحقيقة الخطة القديمة نفسها، مع إلباسها ثوبًا آخر، وفق توصيف بيضون “عناد الفريق الذي تولى وزارة الطاقة في السنوات الماضية مستمرٌ، على رغم العتمة شبه الشاملة التي أنتجها نهجهم. والبيانات الوزارية لكلّ الحكومات  تبنّت خطّتهم للكهرباء على عماها، وما يحصل اليوم هو رجوع عن الخطأ، وفي ذلك فضيلة”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى