غير آيل للسقوط
بقلم: إيمان حيدر دشتي

النشرة الدولية –

عندما قررت قضاء إجازة قصيرة في عاصمة الضباب لندن، بحثت عن مكان يمكن زيارته خلال هذه الإجازة في شهر فبراير، فوجدت أن هناك عرضا لسيرك عالمي على مسرح قاعة ألبرت الملكية أو كما يطلق عليه ألبرت هول، فكانت رغبتي بدخول قاعة العرض أكثر منها حضور العرض نفسه، خصوصا أن هذا المبني تجاوز 150 عاما منذ إنشائه، ومازال قائما كتحفة معمارية أثرية غير آيل للسقوط، مع صلاحية مرافق ومدرجات المسرح لاستقبال آلاف الزوار وأقوى العروض الفنية.

ليس هذا المبنى فقط، بل كثير من المباني في العاصمة مازالت صامدة بالرغم من تحديات مدمرة مرت بها العاصمة البريطانية، مثل حريق لندن والحرب العالمية الثانية، إلا أن المباني مازالت باقية وتتسم المدينة بتدرج ألوان التكسية، وقد تلاحظ أن ألوان البناء فيها لا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة مع طبيعة بناء متجانسة ومتألقة بالمحافظة عليها، علاوة على مواكبة التطور العمراني والمباني الشاهقة والعصرية التي لاقت لها مساحات في العاصمة.

بالطبع أن هذه العراقة والروح والطابع المعماري الخلاب للعاصمة لندن لم تبق وتستمر وتمتزج لولا مراسيم ملكية وقوانين وقرارات تدعم بقاءها، وتنظم الملكية الشخصية والطابع الثقافي والحضري للمدينة.

فهناك لا ترى مبنى آيلا للسقوط أو متهالكا ذا جدران متساقطة ومتصدعة أو مبنى مهجورا تتراكم فيه كثبان رملية وقمامة ومخلفات بناء أو يسكنه العزاب وعمالة مخالفة أو مأوى لأعمال غير قانونية.

بينما تمتلئ منصات التواصل بصور لمبانٍ مهجورة أو مهملة منتشرة في معظم مناطق الكويت وجزرها، وهي إما مباني تعود ملكيتها للحكومة أو لأشخاص، يتضح منها أنه لا يوجد قوانين أو قرارات تلزم مالك العقار بالصيانة الدورية، ولا أتوقع إن وجدت مثل هذه القوانين أنها مفعلة أو ستفعل.

تخيل معي جمال مباني الخمسينيات والستينيات والسبعينيات لو تواجد مثل هذه القوانين وتم تفعيلها! المباني التي لم يبق منها إلا القليل جدا على أرض الواقع، والباقي في صور فوتوغرافية وفيديوهات قصيرة وفي ذاكرة معاصريها.

بالرغم من جودة تصميم تلك المباني سواء كانت من تصميم مكاتب عالمية أو محلية، بالإضافة للذكريات العالقة بذاكرة الكويتيين تجاهها، سواء كانت ذكريات ثقافيه أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياحية، مع العلامة التاريخية التي كانت ستحملها أو تخلدها بالنسبة للتجربة العمرانية الكويتية، إلا أن ‏معظم المباني المتبقية إما ثابتة على حالتها المزرية أو مهددة بالإزالة أو في أحسن الأحوال هناك نية وخطة مجمدة لترميمها.

زر الذهاب إلى الأعلى