لماذا لم يحضر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط مشهديةُ إحياء الذكرى الخامسة والأربعين لاستشهاد المعلم كمال جنبلاط؟

Doc-P-933028-637833746396570688.jpg

النشرة الدولية –

لبنان 24 –  نوال الأشقر –

مختلفة بالشكل وبالمضمون مشهديةُ إحياء الذكرى الخامسة والأربعين لاستشهاد المعلم كمال جنبلاط في المختارة.

لعلّ أبرز ما طبع المناسبة لهذا العام، غيابَ رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عن محوريّة المناسبة، وذلك للمرّة الأولى منذ تولي نجله تيمور رئاسةَ اللقاء الديمقراطي، بحيث اختار جنبلاط الأب، وما يمثل من رمزية قياديّة زعامتيّة بالنسبة لحشود الإشتراكي، أن ينكفىء خارج الصورة في هذا اليوم، ليبقى نجلُه تيمور وحده مترئسًا كتلته النيابيّة ومخاطبًا الحشود الجماهيرية. لماذا غاب وليد جنبلاط عن داره وهو قبلة الإشتراكيين؟

من تابع كلمة وليد جنبلاط قبل خمس سنوات في المناسبة نفسها، أي في الذكرى الأربعين لاغتيال والده، لا يُفاجىء بغيابه عن الإحتفال الجماهيري هذا العام، في حينه ألبس تيمور كوفية الدار، مسلّماً إيّاه زعامة العائلة، بخطاب وجداني بعيد عن السياسة، عنونته عبارته الشهيرة “أدفنوا موتاكم وانهضوا”. في حينه وجّه لتيمور وصيته “يا تيمور سِر رافع الرأس، واحمل تراث جدّك الكبير كمال جنبلاط، واشهر عالياً كوفية فلسطين العربية المحتلة، كوفية لبنان التقدمية، كوفية الاحرار والثوار، كوفية المقاومين لإسرائيل أيّاً كانوا، كوفية المصالحة والحوار، كوفية التواضع والكرم، كوفية دار المختارة. واحضن أصلان بيمينك وعانق داليا بشمالك، وعند قدوم الساعة ادفنوا أمواتكم وانهضوا”. بالتالي غيابه اليوم يأتي استكمالًا لما كان قد بدأه قبل سنوات، بتهيئة الأرضيّة لتولي نجله القيادة، برعايته ومواكبته، وهو ما يحصل للمرّة الأولى بتاريخ دار المختارة والعائلة الجنبلاطية منذ مئات الأعوام، بحيث كانت تنتقل القيادة على وقع الإغتيالات التي طالت الأجداد، والتي فرضت أن تتولى السيدة نظيرة جنبلاط الزعامة بعد اغتيال زوجها فؤاد جنبلاط، حيث كان ابنها كمال في الرابعة من عمره.

النائب جنبلاط خلال الاحتفال بذكرى استشهاد كمال جنبلاط: سنقف في وجه المبشرين بالجحيم وسنبني مع الشرفاء هذا الوطن من جديد

لم يحضر في المختارة مع نجله تيمور.. أين وليد جنبلاط؟

النقطة الثانية التي طبعت هذه المناسبة، هي الصورة التي قدّمها تيمور جنبلاط عن نفسه، بحيث اعتلى المنبر ليلقي أمام الحشود الجماهيرية خطابه الأول، فإذا بالكلمة المقتضبة متضمّنة رسائل سياسيّة ببعد إنتخابي، ومعبّرة عن المعركة السياسية مع العهد وتياره السياسي الذي أشار إليه بعبارة “حزب الكهرباء” الذي “أطفأ لبنان”، فضلًا عن تأكيده الوقوف “في وجه المبشّرين بالجحيم، وبوجه من يسعى الى تدمير ما تبقى من مؤسساتنا”. وعلى رغم أنّه كان محاطًا بأعضاء كتلته، اختار النائب جنبلاط العزوف عن اعلان لائحته في هذا اليوم خلافًا لما كان متوقّعًا، وحرص على إبقاء المناسبة في إطار إحياء ذكرى استشهاد جدّه. في مضمون الكلمة، اختار تيمور جنبلاط أن يذكّر بنهج متوارث إلتصق بهذه العائلة، وتمسّكت به لغاية اليوم، فميّزها عن كلّ الزعامات الأخرى في البلد، وهو اللقاء مع الناس في المختارة بشكل أسبوعي ، كتقليد دأب عليه وليد جنبلاط ويستكمله تيمور، وهو ما أشار إليه في كلمته “لو بقي العهد أو طار، لو ظل النظام السياسي أو طار، لو خسرنا بعضنا في الإنتخابات أو ربحنا بعضنا بالإنتخابات ولو مهما حصل في الحياة هذا الدار سيبقى مفتوحاً للجميع هذا الدار سيبقى داركم”.

في الشكل “بدا تيمور واثقًا ومرتاحًا أكثر من أيّ وقت مضى، وهذا ما أظهرته لغة الجسد” تهمس قياديّة في الإشتراكي في إذن رفيقها. إلى جانبه شقيقته داليا ووالدته السيدة جيرفت، كما ظهرت في الصورة سيدتان رشّحهما الحزب لخوض الإنتخابات، الدكتورة حبوبة عون رئيسة مؤسسة الفرح الإجتماعية مرشحة على لائحة “اللقاء الديمقراطي” في الشوف، وعفراء عيد مرشحة الإشتراكي في دائرة الشمال الثانية. اهتم النائب جنبلاط في أن يفسح المجال أمام المشايخ ليتقدّموا المسيرة من باحة القصر إلى حيث الضريح، بقوله “المشايخ أولًا”، وهو تقليد لدى طائفة الموحدين الدروز، ثم سار بعدهم وحده، بعيدًا عن أعضاء كتلته، وعلى رغم صعوبة المسيرة وسط الحشود بدا حريصًا على إلقاء التحيّة على الجموع فردًا فردًا “شعرنا أنّ تيمور قريب منّا نحن جيل الشباب، الذين أتينا اليوم من كلّ المناطق، لنقف مع دار المختارة التي تقف معنا في أصعب الظروف” تقول إحدى المشاركات لـ “لبنان 24” ردًا على سؤال عن سبب مشاركتها.

النقطة الثالثة تمثّلت في عددية الحشود وضخماتها من جهة، وفي عنصر الشباب الذي غلب مشهدية المشاركة من جهة ثانية. وهنا سجّل أحد المراقبين ملاحظته “هذا الحشد الجماهيري في المختارة، هو أول حشد حزبي بهذا الحجم في لبنان، تكون فيه القيادة على اتصال مباشر مع جمهورها، منذ ثورة 17 تشرين. كما أنّ هناك مشاركة لافتة للشباب”. يقول أحد المنظّمين “لم نتوقع هذه المشاركة الواسعة نظرًا للطقس الماطر والبارد وبسبب أزمة المحروقات وكلفة النقل. الوفود أتت من راشيا وحاصبيا والمتن والجنوب وزغرتا والشمال وإقليم الخروب ومختلف قرى وبلدات الجبل، وقد بدأت بالتوافد منذ الصباح الباكر، لكنّ عددًا كبيرًا منهم لم يتمكن من الوصول، بحيث أنهى تيمور كلمته فيما كان العديد من الوافدين لا زالوا على الطرقات المؤدية إلى المختارة في بطمة وجديده وعين قني، وانتهت المناسبة قبل أن يصلوا”. بين الجموع بدت لافتة صورة رجل من الهند، يحمل وردة ويتجه وزوجته إلى حيث الضريح ” إنّه الرفيق رافي” يوضح أحد الحزبيين “علاقة جمعت المعلم كمال جنبلاط بوالده أثناء زياراته إلى الهند، وهو يحرص سنويًا على زيارة المختارة في ذكرى استشهاد المعلم ليشاركنا المناسبة”.

على رغم أنّ المناسبة لم تتضمن إعلانًا للوائح الإنتخابية، لا يمكن قراءتها خارج المشهد الإنتخابي، على بعد أقل من شهرين على الإنتخابات النيابية، ولعل ما عبّر عنه بشكل عفوي أحد المشاركين أبرز دليل ” جمعنا اليوم عشر حواصل”.

زر الذهاب إلى الأعلى