نحو الخليج هلموا…يجب إحياء فكرة الكونفيدرالية الخليجية ستكون ضمانة أساسية لوجودنا واستقرارنا وأمننا الاستراتيجي
النشرة الدولية
سعد بن طفلة العجمي /وزير الإعلام الكويتي السابق https://twitter.com/saadbin6iflah
اندبندنت عربية –
تتم الزيارة الدبلوماسية لأهداف سياسية ترتبط دوماً بالمصالح الاقتصادية، هذا ما تقوله أبجديات السياسة والاقتصاد، وفي ظل استقطاب حاد بين الغرب من جهة، وبين روسيا والصين من جهة أخرى، تحرص جميع الأطراف على استقطاب الأطراف المحايدة بدرجة أو بأخرى، وقد عبر الموقف الخليجي المحايد بدرجة كبيرة من الحرب الروسية – الأوكرانية، أو بالأحرى الصراع الروسي – الغربي عن استقلالية في القرار، فالتصويت الإماراتي بالامتناع بمجلس الأمن عن بيان الإدانة لروسيا، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك باستقلالية القرار الإماراتي والخليجي من الدوران الأعمى في فلك السياسة الغربية أو الأميركية، بل إن عدم استقبال مكالمات الرئيس الأميركي جو بايدن بالرياض وأبو ظبي يعبر عن رفض لسياسات الولايات المتحدة الأميركية بالمنطقة التي لا تراعي مصالح شعوب المنطقة وحكوماتها. كما لم يستقبل ولي العهد ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان نظيره وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بالرياض.
تريد الولايات المتحدة الأميركية من أصدقائها وحلفائها الخليجيين السير وراءها من دون مراعاة لمصالحهم وأمنهم الاستراتيجي، فالإدارة الحالية ممثلة بالرئيس بايدن وبقايا إدارة أوباما تطلب عدم تعامل دول الخليج مع نظام هواوي الصيني للاتصالات، ومقاطعة روسيا عقاباً لها بعد غزو أوكرانيا، وزيادة إنتاج البترول لوقف ارتفاع أسعاره التي أدت إلى تضخم هائل في الاقتصاد الغربي.
وفي المقابل، تريد الولايات المتحدة أن تعود للاتفاق النووي الإيراني، وأن ترفع العقوبات عن النظام الإيراني، ورفع الحرس الثوري عن قائمتها السوداء بعدم التعامل معه، وهي التي تعامت عن العدوان الإيراني بالوكالة الحوثية على المنشآت السعودية والإماراتية، ووقف صفقة طائرات أف 35 التي كانت قد أقرت بالإدارة السابقة للرئيس ترمب كنوع من الضغط على الإمارات التي ألغت الصفقة كلياً واتجهت لبدائل أخرى.
كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد “كبر الحكي” أثناء حملته الانتخابية للرئاسة ضد السعودية التي قال إنه سيعزلها عن العالم، لكنه اليوم، وعلى لسان الخبير بالسياسة الخارجية الأميركية آرون ديفيد ميلر: “أراد أن يعزل السعودية، لكنه مضطر اليوم لتقبيل يدها”، فقد تعثر التوصل للاتفاق النووي مع إيران، وأبقت الإدارة الأميركية الحرس الثوري الإيراني على قائمة المقاطعة، وتحققت هدنة في اليمن بمشاركة جهود أميركية، وتوقفت الصواريخ الإيرانية عن الاعتداء على الإمارات والسعودية، واستمرت جولات الحوار السعودي – الإيراني ببغداد، وتوافدت الوفود والقيادات الدولية على الخليج: أردوغان، وبوريس جونسون، وإيمانويل ماكرون، وكمالا هاريس وهناك زيارة مرتقبة للرئيس الصيني تشي جينبينغ للرياض بناءً على دعوة وجهتها الرياض له في مارس (آذار) الماضي في أوج تأزم العلاقات الخليجية – الأميركية. وأخيراً وليس آخراً، سيزور الرئيس الأميركي جو بايدن بنفسه الرياض هذا الشهر للقاء القادة الخليجيين أثناء انعقاد القمة بالرياض، عاصمة الخليج السياسية. بدوره استبق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة بايدن فزار الخليج ليشدد على حيادهم بالأزمة لمصالحهم المشتركة نفطياً مع موسكو.
الأهمية الخليجية للاقتصاد العالمي كمصدر حيوي للطاقة، وموقع المنطقة الاستراتيجي، وأهميتها الروحية والتاريخية خلقت التودد السياسي العالمي لها، وهذا التودد لا يمكن أن يكون مطلقاً ودائماً، فالظروف تتغير، والمصالح تتبدل، وعلينا انتهاز هذه الأهمية التاريخية لتعزيز الصفوف الخليجية وإحياء فكرة الكونفيدرالية الخليجية التي ستكون ضمانة أساسية لوجودنا واستقرارنا وأمننا الاستراتيجي.