لجنة تحقيق أممية تحمل إسرائيل مسؤولية معاناة الفلسطينيين وإطالة النزاع في المنطقة
تقرير اللجنة يدعو إلى مساءلة إسرائيل.. ويعتبر إفلاتها من العقاب على جرائمها المتكررة مصدر رئيسي لدوامة العنف
أخبار الأمم المتحدة – إعتبر تقرير أممي صدر أمس في مقر الأمم المتحدة، “استمرار الاحتلال الإسرائيلي والتمييز ضد الفلسطينيين بأنهما السببان الجذريان الكامنان وراء التوتّرات المتكرّرة وعدم الاستقرار وإطالة أمد النزاع في المنطقة.
ولفت أول تقرير صدر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلّة الجديدة التابعة للأمم المتحدّة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل، إلى أن “الإفلات من العقاب يعزز الشعور بالاستياء المتزايد في صفوف الشعب الفلسطيني”. ورأت أن التهجير القسري والتهديد به وأعمال الهدم وبناء المستوطنات وتوسيعها والعنف من قبل المستوطنين والحصار المفروض على قطاع غزّة، كلّها عوامل تؤدي إلى تكرار دوّامات العنف.
وصرّحت السيّدة نافانيثيم بيلاي، رئيسة لجنة التحقيق، بأن “غالبية النتائج والتوصيات الخاصة بالأسباب الجذرية توجهت إلى إسرائيل، وهذا مؤشّر على الطبيعة غير المتكافئة للنزاع وواقع دولة تحتل دولة أخرى”.
وكانت لجنة التحقيق قد أصدرت تقريرها بعد إجراء تقييمٍ للتوصيات التي قدّمتها لجان التحقيق وبعثات تقصّي الحقائق السابقة وغيرها من آليات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى جلسات استماع خاصة.
وأجرت لجنة التحقيق حتى الآن بعثتين إلى جنيف وواحدة إلى الأردن ونظّمت مشاورات مع مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك مع منظّمات المجتمع المدني الإسرائيلية والفلسطينية.
لا نية لإنهاء الاحتلال
وأضافت السيّدة بيلاي، “استنتجنا أيضاً أن معظم هذه التوصيات لم تنفّذ، بما فيها دعوات إلى ضمان المساءلة فيما يخص انتهاكات إسرائيل للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وإطلاق الصواريخ عشوائياً من قبل المجموعات الفلسطينية المسلّحة باتجاه إسرائيل. إن عدم تنفيذ التوصيات بالإضافة إلى بيئة الإفلات من العقاب دليلان قاطعان بأن إسرائيل لا تنوي إنهاء الاحتلال والتمييز المستمر ضد الفلسطينيين الذي هو في صلب التكرار الممنهج للانتهاكات في الأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي إسرائيل”.
ركّزت لجنة التحقيق في تقريرها على النتائج والتوصيات المتعلّقة مباشرةً بالأسباب الجذرية الكامنة وراء التوتّرات المتكرّرة وعدم الاستقرار وإطالة أمد النزاع. وحدّدت بعض المسائل الشاملة التي تشكّل جوهر معظم التوصيات، بما في ذلك عدم احترام إسرائيل لقوانين وأعراف الحرب، وتشمل تلك المتعلّقة بالاحتلال العسكري، وانتهاكات وتجاوزات الحقوق الفردية والجماعية وانعدام المساءلة.
عكس مسار الظلم التاريخي
من جهته، قال السيّد ميلون كوثاري، عضو لجنة التحقيق: “إن استعراضنا لنتائج وتوصيات آليات وهيئات الأمم المتحدة السابقة يشير بوضوح إلى أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، تماشياً مع قرارات مجلس الأمن بشكل كامل، أساسي لوقف دوّامات العنف المتكرّرة. فإنهاء الاحتلال وحده يسمح للعالم بعكس مسار الظلم التاريخي والتقدّم نحو تقرير الشعب الفلسطيني لمصيره”.
من جهته، قال السيّد كريس سيدوتي، عضو لجنة التحقيق: “من الواضح أن إسرائيل لا تنوي إنهاء الاحتلال، إذ إنها وضعت سياسات واضحة لضمان السيطرة الدائمة والكاملة على الأرض الفلسطينية المحتلّة. وتشمل تلك السياسات تغيير التركيبة الديموغرافية لهذه الأراضي من خلال الحفاظ على بيئةٍ تقمع الفلسطينيين وبالمقابل إرساء بيئة مؤاتية للمستوطنين الإسرائيليين. وتزيد سياسات إسرائيل وأعمالها من إحباط الفلسطينيين ما يؤدّي إلى الشعور باليأس، مفاقمين بذلك دوّامة العنف وإطالة أمد النزاع”.
ذريعة السلطة الفلسطينية
ولحظ التقرير أيضا أن السلطة الفلسطينية غالباً ما تستخدم الاحتلال كذريعة لارتكابها انتهاكات حقوق الإنسان وكالسبب الرئيسي لتعذّرها عن إقامة الانتخابات التشريعية والرئاسية. وفي الوقت عينه، أظهرت سلطات الأمر الواقع في غزّة التزاماً محدوداً باحترام حقوق الإنسان ولم تلتزم بالقانون الدولي الإنساني.
ويفضي التقرير إلى أن لجنة التحقيق ستجري تحقيقات وتحليلات قانونية في الانتهاكات والتجاوزات المزعومة، وستعمل مع آليات المساءلة القضائية لضمان المساءلة الجنائية للأفراد والدولة والمؤسسات. علاوةً على ذلك، ستقيّم اللجنة بعناية مسؤولية الدول الأخرى والجهات الخاصة في استمرار سياسات الاحتلال.
يذكر أن تقرير اللجنة سيقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الخمسين في 13 حزيران /يونيو 2022.
وهذا هو التقرير الأول الذي تصدره اللجنة المكونة من ثلاثة أعضاء، برئاسة نافانيثيم بيلاي، وهي حقوقية وقاضية من جنوب أفريقيا، شغلت منصب المفوضة السامية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بين عامي 2008-2014.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد تبنى قراراً في 27 مايو/ أيار 2021، ينصّ على إنشاء لجنة تحقيق دولية على وجه السرعة تعيّنها رئيسة مجلس حقوق الإنسان.
وجاء القرار بعد اجتماع استثنائي للمجلس لبحث “الوضع الخطير لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية”.
من ضمن مهام اللجنة التي نص عليها القرار هو التحقيق “في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي سبقت 13 إبريل/ نيسان 2021، والممارسات التي وقعت منذ ذلك التاريخ”.
طلب قرار مجلس حقوق الإنسان من اللجنة التحقيق في “جميع الأسباب الجذرية الكامنة وراء التوترات المتكررة وعدم الاستقرار وإطالة أمد الصراع، بما في ذلك التمييز المنهجي والقمع على أساس الهوية القومية أو العرقية أو الدينية”.
ومن ضمن ولاية اللجنة تقديم تقاريرها إلى مجلس حقوق الإنسان، في جنيف (حتى 13 يونيو/ حزيران) والجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/ أيلول المقبل.