لا خروج عن المألوف في ردود الفعل على الاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي* سوسن مهنا
النشرة الدولية –
عليها تَنَازَعَ العربُ، وحولها اتَّفقوا، تحت رايتها هيمنت دول إقليمية مُدِّعيةً حرصها على تحرير القدس، وباسمها خُوِّنَ زُعماء، وعُظِّم آخرون، وتحكَّم بعضهم برقاب شعبه، ومن بابها دخلت القلاقل إلى المنطقة العربية. لها كَتَبَ الشُّعراء والكُتَّاب وغنَّى المطربون، إنها قضية العرب المفصلية منذ عام 1948. والآن، وبعد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الخميس 13 أغسطس (أب)، أن الإمارات وإسرائيل اتَّفقتا على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، واصفاً اللحظة بـ”التاريخية”، ومتوقعاً بعد كسر الجليد، أن “يحذو مزيد من الدول العربية والإسلامية حذو الإمارات العربية المتحدة”، توالت ردود الفعل المُرحِّبة والمُندِّدة ، بينما لاذ آخرون بالصمت حيال ما عُرِفَ بـ”اتفاقيات أبراهام”، وهي الأولى من نوعها منذ توقيع إسرائيل والأردن معاهدة سلام عام 1994، وفق ما نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين.
HUGE breakthrough today! Historic Peace Agreement between our two GREAT friends, Israel and the United Arab Emirates!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) August 13, 2020
وفي تغريدة على حسابه الرسمي، قال ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “في اتصالي الهاتفي اليوم مع الرئيس الأميركي ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تم الاتفاق على وقف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. كما اتَّفقت الإمارات وإسرائيل على وضع خريطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك، وصولاً إلى علاقات ثُنائية”.
كما علَّق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على كلام الرئيس الأميركي، قائلاً إنه “يوم تاريخي”.
في اتصالي الهاتفي اليوم مع الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تم الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. كما اتفقت الإمارات وإسرائيل على وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولا الى علاقات ثنائية.
— محمد بن زايد (@MohamedBinZayed) August 13, 2020
تطبيع العلاقات ووقف ضمّ الضفة
سيؤدي الاتفاق، الذي لعب الرئيس الأميركي دور الوساطة فيه، إلى تطبيع كامل للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وجرى إبرامه خلال مُكالمة هاتفية جمعت ترمب بنتنياهو والشيخ محمد بن زايد. وفي وقت لاحق، أعرب ترمب عن اعتقاده أن الفلسطينيين سيسعون إلى السلام عندما يرون دولاً عربية أخرى تُبرم اتفاقيات مع إسرائيل.
وبموجب الاتفاق، وافقت إسرائيل على تعليق بسط سيادتها على مناطق من الضفَّة الغربية كانت تدرس ضمَّها “بناءً على طلب الرئيس ترمب”، على أن “تُركِّز جهودها الآن على توطيد العلاقات مع الدول الأخرى في العالم العربي والإسلامي”، وفق ما جاء في بيان الرئيس الأميركي على موقع “تويتر”. وأضاف البيان الصادر عن الأطراف الثلاثة (الأميركية والإسرائيلية والإماراتية) أن اجتماعاً سيُعقَد في الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقات بشأن الرحلات الجوية المباشرة والأمن والاتصالات والطاقة والسياحة والرعاية الصحية. كما سيتعاون البلدان في إطار مكافحة فيروس كورونا.
I thank Egyptian President al-Sisi, and the governments of Oman and Bahrain, for their support of the historic peace treaty between Israel and the United Arab Emirates, which is expanding the circle of peace and will be good for the entire region.
— Benjamin Netanyahu (@netanyahu) August 14, 2020
وأشاد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بالاتفاق، مُعتبراً أنه “إنجاز رائع لاثنتين من أكثر دول العالم تقدماً تكنولوجياً، ويعكس رؤيتهما الإقليمية المشتركة لمنطقة متكاملة اقتصادياً. كما يوضح التزامهما بمواجهة التهديدات المشتركة، كدول صغيرة، لكنها قوية”. وأضاف “طوبى لصانعي السلام”، مؤكداً أنها “فرصة تاريخية أمام الشرق الأوسط ليكون مستقراً وآمناً”.
Today is an historic day. After vigorous diplomatic outreach by President @realDonaldTrump, Israeli Prime Minister @netanyahu and Emirati Crown Prince Mohammed Bin Zayed have signed an agreement to fully normalize relations between their two great nations.
— Secretary Pompeo (@SecPompeo) August 13, 2020
وأشاد مرشح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن بالاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي، ووصفه بأنه خطوة تاريخية صوب شرق أوسط أكثر استقرار. وقال بايدن في بيان أن “عرض الإمارات الاعتراف بدولة إسرائيل علناً هو عمل مرحَب به وشجاع وهناك حاجة ماسَّة له من رجل دولة”. وتابع أن “الضم سيكون ضربةً قاضيةً للسلام، وهذا سبب مُعارضتي له الآن، وسأعارضه كرئيس”. وقال مبعوث الولايات المتحدة المختص بالملف الإيراني برايان هوك إن الاتفاق يمثل “كابوساً” لإيران ولجهودها ضد إسرائيل في المنطقة.
روسيا
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إن تعليق خطط إسرائيل لفرض سيادتها على أجزاء واسعة من الضفة الغربية المُحتلة بموجب الاتفاق المُبرم أخيراً بينها وبين الإمارات يُمثل “عُنصراً مهماً”. وأضاف البيان أن “روسيا باعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي وأحد المُساهمين في عملية السلام وطرفاً في “رباعية” الوسطاء الدوليين كانت ولا تزال تنطلق من ضرورة التوصل إلى تسوية شاملة في الشرق الأوسط، وعنصرها الرئيس يكمن في حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية على أساس القاعدة القانونية الدولية المتفق عليها أممياً، بما يشمل قرارات مجلس الأمن الدولي ومعاهدة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين الأساسي”.
فرنسا وبريطانيا
أما فرنسا، فرحَّبت على لسان وزير خارجيتها الفرنسي جان إيف لو دريان بتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات. وقال الوزير في بيان إن قرار إسرائيل تعليق الضم المُزمع لمناطق بالضفة الغربية بناءً على الاتفاق التاريخي “خطوة إيجابية”، مضيفاً أن التعليق يجب أن يُصبح إجراءً نهائياً. وأضاف لو دريان أن “الاتفاق مهَّد الطريق لاستئناف المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بهدف تأسيس دولتين”، واصفاً ذلك بأنه “الخيار الوحيد” لتحقيق السلام بالمنطقة.
ورحَّب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بالاتفاق الذي سيقود إلى تطبيع كامل للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وقال جونسون على “تويتر”: “قرار الإمارات وإسرائيل تطبيع العلاقات نبأ سار للغاية”. وأضاف “كُنتُ أتمنى بشدة ألا يمضي الضم في الضفة الغربية قُدُماً، واتفاق اليوم بتعليق تلك الخطط خطوة محل ترحيب على الطريق نحو شرق أوسط أكثر سلاماً”.
كما اعتبرت الخارجية الإيطالية في بيان أصدرته غداةَ الإعلان عن الاتفاقية، أن “القرار الإسرائيلي بتعليق ضم أجزاء من الضفة الغربية يشكِّل تطوراً إيجابياً نأمل أن يكون في صالح استئناف المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في إطار حل الدولتين العادل والمُستدام”.
The UAE and Israel’s decision to normalise relations is hugely good news. It was my profound hope that annexation did not go ahead in the West Bank and today’s agreement to suspend those plans is a welcome step on the road to a more peaceful Middle East.
— Boris Johnson (@BorisJohnson) August 13, 2020
الأمين العام للأمم المتحدة
نقل متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ترحيبه “بأي مبادرة يمكن أن تعزز السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط”. بدورها، رحَّبت الهند بمعاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، واصفة البلدين بأنهما “شريكان استراتيجيان” لنيودلهي.
السلطة الفلسطينية
في المقابل، وفي أول رد فلسطيني رسمي، ذكر بيان أصدره المتحدث باسم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مساء الخميس 13 أغسطس، أن عباس يرفض ويستنكر الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل. وجاء في نص البيان “تُعلن القيادة الفلسطينية رفضها واستنكارها الشديدين للإعلان الثلاثي الأميركي، الإسرائيلي، الإماراتي، المفاجئ… مقابل ادِّعاء تعليق مؤقت لمخطط ضم الأراضي الفلسطينية وبسط السيادة الإسرائيلية عليها”. وأضاف البيان أن الاتفاق “خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية”.
وأعلن وزير الخارجية والمغتربين الفلسطنيي رياض المالكي أنه “بناءً على تعليمات الرئيس محمود عباس تم استدعاء السفير الفلسطيني لدى دولة الإمارات بشكل فوري”، وذلك عقب الإعلان عن تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل. وصدر أول رد من عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي، التي كتبت على “تويتر”: “تمَّت مكافأة إسرائيل على عدم التصريح علانيةً بما كانت تفعله بفلسطين بشكل غير قانوني ومستمر منذ بداية الاحتلال”. وتابعت عشراوي أن الإمارات أعلنت عن تعامُلها السري وتطبيعها مع إسرائيل، وأضافت “من فضلكم، لا تُسدوا لنا معروفاً، لسنا ورقة تين لأحد”.
حركة حماس
بدورها، رفضت حركة “حماس” الاتفاق قائلة “إن الاتفاق الإسرائيلي – الإماراتي خطير، وهو بمثابة مكافأة مجانية للاحتلال الإسرائيلي على جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني”. وأضاف فوزي برهوم، الناطق باسم “حماس”، أن الحركة “تُدين كل أشكال التطبيع مع الاحتلال، الذي يُعتبر طعنة في خاصرة القضية الفلسطينية، المستفيد منه العدو الإسرائيلي، وسيشجعه على ارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات بحق شعبنا ومقدساته”.
متابعة مصريَّة
في السياق ذاته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور على صفحات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي إنه تابع بـ”اهتمام وتقدير بالغ” البيان الثلاثي المشترك حول “الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية، واتخاذ خطوات من شأنها إحلال السلام في الشرق الأوسط”، مُعلناً عن “تثمينه جهود القائمين على هذا الاتفاق من أجل تحقيق الازدهار والاستقرار لمنطقتنا”.
الأردن ومفاوضات السلام
رأى الأردن أن الاتفاق قد يدفع مفاوضات السلام المُجمَّدة إلى الأمام إذا نجح في حثِّ إسرائيل على قبول دولة فلسطينية على الأرض التي احتلَّتها في حرب عام 1967. وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في بيان بثَّته وسائل إعلام رسمية “إن تعاملت إسرائيل مع الاتفاق باعتباره حافزاً لإنهاء الاحتلال، فستتقدَّم المنطقة نحو تحقيق السلام العادل”.
ملك البحرين يشيد بالخطوة التاريخية
وهنأ عاهل البحرين الملك حمد بن عيسي آل خليفة، الجمعة، ولي عهد أبوظبي بـ “الخطوة التاريخية”. وأشار ملك البحرين خلال اتصال هاتفي مع ولي عهد أبو ظبي، إلى أن هذه الخطوة ستسهم في تعزيز جهود السلام والاستقرار.
وأكد الملك حمد بن عيسى أن ما تم الاتفاق عليه بين الإمارات والولايات المتحدة وإسرائيل يعد خطوة تاريخية ستسهم في دفع وتعزيز جهود السلام، وفتح آفاق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بما يخدم تطلعات شعوبها في الأمن والتقدم والازدهار.
كما أثنى عاهل البحرين على “المواقف المشرفة لدولة الإمارات في الدفاع عن قضايا ومصالح الأمة العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”.
وكانت وكالة الأنباء البحرينية ذكرت أن المنامة رحَّبت بالاتفاق الذي “يُوقف خطط الضم الإسرائيلية، ويزيد من فُرص السلام”. وأثنت المنامة على الولايات المتحدة لجهودها في التوصل للاتفاق.
وثمن محمد بن زايد مواقف البحرين وجهودها الخيرة في دعم مساعي إحلال السلام والأمن في المنطقة لصالح دولها وشعوبها.
وأيَّدت سلطنة عمان الاتفاقية، وأعرب ناطق باسم وزارة الخارجية العمانية عن أمله في أن “يُسهم ذلك القرار في تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط، وبما يخدم تطلُّعات شعوب المنطقة في استدامة دعائم الأمن والاستقرار والنهوض بأسباب التقدم والازدهار للجميع”.
#عاجل
ناطق رسمي باسم وزارة الخارجية يعرب عن تأييد السلطنة قرار دولة #الإمارات العربية المتحدة بشأن العلاقات مع إسرائيل في إطار الإعلان التاريخي المشترك بينها وبين الولايات المتحدة وإسرائيل. pic.twitter.com/ZEcq2dPEoN
— وكالة الأنباء العمانية (@OmanNewsAgency) August 14, 2020
إيران
قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، في كلمة بثها التلفزيون السبت، إن الإمارات ارتكبت “خطأ جسيماً”. وحذر روحاني الإمارات من السماح لإسرائيل بأن يكون لها “موطئ قدم بالمنطقة”.
ووصفت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء، المُرتبطة بـ”الحرس الثوري”، الاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي بأنه “مُخزٍ”.
وفي السياق ذاته، يتوجَّه وفد إسرائيلي إلى الإمارات العربية المتحدة في مطلع الأسبوع المقبل للقاء القيادة العُليا للدولة الخليجية، وفق تقرير نشر يوم الجمعة (14 أغسطس). وذكرت “القناة 12” الإسرائيلية أن مسؤولاً إسرائيلياً رفيعاً سيترأس الوفد.
يُذكر أن محطات المفاوضات والحوارات والاتفاقات بين إسرائيل ودول عربية، ليست جديدة، وأهم خطط للسلام طُرحت منذ عام 1967، منها اتفاقية كامب ديفيد (1978)، ومؤتمر مدريد للسلام (1991)، واتفاقية أوسلو (1993)، ومن ثم كامب ديفيد (2000)، وطابا (2001)، ومبادرة السلام العربية (2001)، وخريطة الطريق (2003)، واتفاق جنيف (2003)، وأنابوليس (2007)، وغيرها.
نقلاً عن “اندبندنت عربية”