شهادات مروعة لناجون من موجة الأعاصير المدمرة الأخيرة في الولايات المتحدة

شهادات مروعة أدلى بها ناجون من موجة أعاصير مدمرة، اجتاحت مناطق أميركية، وأدت إلى مقتل نحو 100 شخص وإصابة آخرين بجروح، فيما تتواصل عمليات البحث أملا بالعثور على ناجين لازالوا مفقودين.

واجتاحت الأعاصير، التي قال خبراء إن ظاهرة تغير المناخ  وراء قوتها المدمرة، ست ولايات، مخلفة دمارا شاسعا على مساحة مئات الكيلومترات، خاصة في مايفيلد، المدينة الصغيرة في ولاية كنتاكي، والبالغ عدد سكانها نحو 10 آلاف نسمة.

وتجسد مايفيلد الكارثة الهائلة التي أدت إلى سقوط العديد من الضحايا، معظمهم في مصنع “مايفيلد كونسيومر بروداكتس” لصناعة الشموع العطرية، الذي بات كومة من الأعمدة والحديد الملتوي بارتفاع أمتار عدة.

وكان نحو 110 موظفين في المصنع، مساء الجمعة، لتلبية الطلب المرتفع مع اقتراب أعياد نهاية السنة، عندما دمر الإعصار كل شيء.

ودافع تروي بروبيس، المدير العام للشركة المالكة للمصنع، عن قراره عدم إغلاقه مع اقتراب العاصفة. وقال لشبكة “سي أن أن” التلفزيونية: “قمنا بكل ما كان ينبغي أن نقوم به. قلبي ينزف على كل واحد منهم”.

وقال مسعف متطوع لوكالة فرانس برس واصفا الدمار في المكان: “يخونني الكلام. أمضيت ثماني ساعات الأحد في التفتيش بين الركام وفي الليلة السابقة عملنا حتى الرابعة صباحا. لم يسبق لي أن رأيت شيئا كهذا”.

وقال القس ستيفن بويكن، من الكنيسة المحلية، الذي هب وآخرون إلى المكان: “كان ثمة أشخاص يصرخون وهم مرعوبون. أمسكت بأيدي أشخاص عالقين بين الركام تحت جدار”.

“غير مسبوق”

وقال ديفيد ورورذي (69 عاما) من أمام منزله في مايفيلد لوكالة فرانس برس: “حل (الإعصار) فجأة وغادر فجأة. لم يسبق لنا أن رأينا شيئا كهذا في المنطقة. أينما ضرب ألحق الدمار الشامل”.

وكان ريك فولي (70 عاما) يتتبع أخبار العاصفة في مايفيلد من الراديو والتلفزيون، قبل أن تهب فجأة، وينقطع التيار الكهربائي “وتختفي واجهة المنزل تماما في أقل من دقيقة” وتترك مدفأة غرفة المعيشة مكشوفة للشارع وسط الأنقاض من حولها.

تعثر فولي وهو ذاهب لتفقد غرفة نومه، وهناك صُدم لرؤية لوحة لزوجته الراحلة على الأرض. قضي الأميركي المتقاعد بقية الليلة مستلقيا ومستيقظا في غرفة نومه، التي تحطم جدارها، وبقيت معرضة بالكامل للشارع، لكن السقف كان معلقا ما وفر له بعض الحماية من المطر.

ريك فولي تحطم جدار منزله
ريك فولي تحطم جدار منزله

وقال وفق تقرير لرويترز: “ظللت أتسمع لأصوات في الأنقاض، على أمل أن تكون قطتي”  لكن القطة لم تعد أبدا إلى المنزل.

“نوبة هلع”

على الرغم من التحذيرات، لم يكن لدى العديد من سكان مايفيلد مكان للاختباء من القوة القاتلة للإعصار.

وتلقت لوري لوبيز (53 عاما) تنبيها على هاتفها يدعوها للاحتماء. اختبأت هي وابنتها البالغة من العمر 19 عاما في الردهة بين مطبخهم وغرفة نومها، “ولم تمر 20 دقيقة حتى بدأ منزلنا بالكامل في الاهتزاز وكانت ابنتي تصرخ. لقد أصيبت بنوبه هلع”.

انهارت واجهة المنزل المكون من طابقين بالكامل وسقط جزء من السقف على الحديقة الأمامية، ودُفنت سيارة لوبيز تحت كومة الركام.

وعندما تلقى تيموثي ماكديل إشعارا بقرب حلول العاصفة المدمرة، نزلت الأسرة إلى القبو، وهناك ربط نفسه وزوجته وحفيديه وكلبين وقطة بماسورة صرف وانتظروا. يقول ماكديل: “بكيت أنا وزوجتي كثيرا. كنا نخشى فقدان الأطفال”.

وكان مارتي جينيس (59 عاما) وزوجته تيريزا (69 عاما) متوجهين إلى الفراش ليلة الجمعة “عندما سقط السقف والجدران وتطاير الزجاج في كل مكان”.

في تلك اللحظة، اختبأ جينيس تحت طاولة غرفة الطعام وكان “ينزف في كل مكان”. ظل الزوجان يناديان على بعضهما البعض داخل المنزل لكنهما لم يستطيعا تحديد مكان الآخر.

والأحد، جلس جينيس بجوار منزله المنهار، حيث جاء المتطوعون لإزالة متعلقاته من أجل تجهيز المنزل للهد،م بعد سقط السقف والجدران.

وداخل ما كان في السابق غرفة الطعام، وجد الرجل بصمات أيد في دماء جافة في المكان الذي حاول فيه العودة إلى غرفة النوم للوصول إلى زوجته في تلك الليلة.

الدمار في كل مكان

وفي مناطق أخرى من كنتاكي وولايات ميزوري وإيلينوي وتينيسي وأركنسو وميسيسيبي، تنتشر مشاهد الدمار لمنشآت سويت بالأرض وأبنية فقدت واجهاتها وسيارات مقلوبة وأشجار مقتلعة وأحجار مبعثرة في الشوارع.

مخزن أمازون في ولاية إيلينوي انهار سقفه ما أسفر عن مصرع ستة أشخاص
مخزن أمازون في ولاية إيلينوي انهار سقفه ما أسفر عن مصرع ستة أشخاص

مأساة في مخزن لأمازون

ويشير تقرير رويترز إلى مأساة عاملين في مخزن لشركة أمازون، في مدينة إداوردزفيل بولاية إيلينوي، انهار سقفه وجدارنه الخرساني الطويل، مما أسفر عن مصرع ستة أشخاص.

وتفيد شهادات ناجين إلى أن مديري الشركة وجهوهم بالاحتماء داخل الحمامات. ويقول موظف نجا من الواقعة يدعى ديفيد كوسياك (26 سنة) إنه عندما وصل للتو “سمع صراخا وأصواتا تدعو العاملين للبقاء في أماكنهم داخل الحمامات”. ويقول: “بدا الأمر وكأن قطارا اجتاح المبنى. تطاير بلاط السقف فوقنا. كان الصوت قويا جدا”.

كما كانت الرياح شديدة لدرجة أنها اقتلعت سقف المخزن، وأدت إلى سقوط جدران خرسانية بسمك 28 سنتيمترا، تمتد لمسافة أطول من ملعب لكرة القدم.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء الأحد، حالة الطوارئ الكبرى في كنتاكي، بطلب من حاكم الولاية أندي بيشير، وهو إجراء سيسمح بتخصيص مساعدات فيدرالية. وينوي بايدن التوجه إلى المنطقة بأسرع وقت ممكن.

وكان الرئيس الأميركي قال في وقت سابق إن هذه الولايات ضربتها “سلسلة من أسوأ الأعاصير” في تاريخ البلاد واصفا أضرارها بأنها “مأساة لا توصف”.

وبدأت وكالات الاستجابة لحالات الطوارئ في البلاد بالانتشار في المناطق المنكوبة.

وقال وزير الأمن الداخلي، أليخاندرو مايوركاس، الذي تفقد المناطق المتضررة: “سنبذل كل ما في وسعنا للمساعدة. سنبقى حتى تنجز إعادة البناء”.

وتوالت من الخارج رسائل التضامن. وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “تعازيه الحارة”، فيما صلى البابا فرنسيس لسكان كنتاكي من ساحة القديس بطرس في الفاتيكان.

المصدر – وكالات والحرة

زر الذهاب إلى الأعلى