الرئيس الفلسطيني يطالب الأمم المتحدة بوضع خطة دولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين

أخبار الأمم المتحدة –

طالب الرئيسُ الفلسطيني محمود عبّاس، الأمينَ العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالعمل الحثيث على وضع خطة دولية لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين، من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وفي ختامه أمام الجمعية العامة صباح يوم الجمعة، في نيويورك، أعلن عباس بأنه يتحدث باسم أكثر من 14 مليون إنسان فلسطيني، مشيرا إلى أن كلمته تأتي في وقت تتراجع فيه الثقة بتحقيق سلام قائم على العدل والقانون الدولي بسبب السياسات الاحتلالية الإسرائيلية، ومؤكدا أن إسرائيل لم تنفذ أيّا من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان.

وأوضح أنه بعد 74 عاما، لا يزال الفلسطينيون يعيشون آثار النكبة، كما أن أكثر من خمسة ملايين فلسطيني لا يزالون يقبعون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي منذ 54 عاما.

وأبلغ الرئيس الفلسطيني أعضاء الجمعية العامة ب أن إسرائيل تقوم “بحملة مسعورة” عبر مصادرة الأراضي ونشر المستوطنات فيها ونهب الموارد.

وقال: “تقوم (إسرائيل) بإطلاق يد الجيش والمستوطنين الإرهابيين الذين يقتلون أبناء شعبنا الفلسطيني في وضح النهار ويسرقون أراضيهم ومياههم ويحرقون ويهدمون بيوتهم ويجبرونهم على دفع ثمن الهدم أو يجبرونهم على هدمها بأيديهم.. كل ذلك بحماية رسمية.”

وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية سمحت بتشكيل “منظمات إرهابية عنصرية يهودية تمارس الإرهاب ضد أبناء شعبنا ووفرت لها الحماية وهي تعتدي على الفلسطينيين وتنادي بطردهم”، وطالب المجتمع الدولي بوضع هذه المنظمات الإرهابية على قوائم الإرهاب.

وأخبر الدول الأعضاء أن إسرائيل لم تبقِ شيئا من الأرض ليقيم الفلسطينيون دولتهم عليه، “فأين سيعيش شعبنا بحرية وكرامة؟ أين سنقيم دولتنا المستقلة لنعيش بسلام مع جيراننا؟ أصبح المستوطنون يشكلون حوالي 750,000 – أي 25 في المائة من مجمل السكان – في الضفة الغربية على الأرض التي تبقت لنا من قرار التقسيم، وتقتل أبناء شعبنا بدون حساب.”

وتطرق الرئيس الفلسطيني إلى مقتل الصحفية الفلسطينية-الأميركية شيرين أبو عاقلة، مشيرا إلى أنه وبعد أن إعترفت إسرائيل بأن قنّاصا قتلها. “أتحدى أميركا – وهي جنسيتها أميركية – أن تعاقب أو تحاسب أو تحاكم القتلة الذين قتلوها. لماذا؟ لأنهم إسرائيليون.”

وقال إن إسرائيل بفرض مناهج تعليمية مزورة في المدارس في القدس المحتلة.، وتقوم بالإعنداء على الأماكن الدينية المقدسة المسيحية والإسلامية في القدس، وأكد على التمسك بالوصاية الهاشمية على هذه المقدسات.

وإتهم الرئيس الفلسطيني إسرائيل ومنذ قيامها بإرتكاب جرائم وحشية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، بدءا بتدميرها 529 قرية فلسطينية وطردت سكانها منها خلال وبعد حرب 1948، وهجّرت – وهو رقم كثيرا ما يحاول البعض التلاعب به – 950,000 فلسطيني لاجئ، أي نصف عدد السكان الفلسطينيين في ذلك الوقت، ليس كما تقول إسرائيل 250,000، بل 950,000 وهذه إحصاءات الأونروا.” وقال إنها ارتكبت أكثر من 50 مجزرة منذ ذلك التاريخ حتى اليوم.

ومضى قائلا: “آخر المذابح: الاعتداء على غزة بالصواريخ. لا أريد أن أقول كم قتلت من الكبار، لكن (صحيفة) نيويورك تايمز الأميركية قالت إن 67 طفلا قُتلوا في غزة.” وأكمل متهكما: “هؤلاء كانوا يحملون صواريخ ويعتلون الدبابات ويضربون المدافع!؟”.

وطالب عباس إسرائيل “من على منبر الجمعية العامة” بالاعتراف بمسؤوليتها عن تدمير هذه القرى وارتكاب المذابح وتهجير المواطنين الفلسطينيين والاعتذار للشعب الفلسطيني.

كما طالب الإسرائيليين أيضا بالاعتذار، “وأن يتحمّلوا المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية والمادية. يجب أن يُحاسبوا.”

وشدد على أهمية التوجه إلى المحكمة الجنائية لمطالبة إسرائيل بتحمل مسؤوليتها القانونية والمادية. وتساءل قائلا: “ترى هل يريد الشعب الإسرائيلي؟ أن يكون ويبقى مستعمرا لشعبٍ آخر إلى الأبد؟.”

واتّهم إسرائيل بالتنكر للقرارات الدولية وتدمير اتفاق أوسلو الموقع مع منظمة التحرير الفلسطينية، والسعي عبر سياساتها الراهنة إلى تدمير حل الدولتين، “وهو ما يثبت بالدليل القاطع أنها لا تؤمن بالسلام، بل بسيادة فرض الأمر الواقع بالقوة الغاشمة والعدوان.”

وقال إن إسرائيل تطبق “نظام أبرتهايد” أو نظام تمييز عنصري، ضد الشعب الفلسطيني على مرأى من المجتمع الدولي، وتفلت من العقاب، وانتقد ما وصفه بالمعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.

وأكد أنه لم يعد هناك شريك إسرائيلي يمكن الحديث معه، وهي بذلك تجعل العلاقة بين دولة فلسطين وإسرائيل علاقة بين احتلال وشعب محتل، وليس غير ذلك، “وسوف لن نتعامل أيضا نحن مع إسرائيل إلا على هذا الأساس، ونطالب المجتمع الدولي التعامل معها أيضا على هذا الأساس.”

وانتقد الرئيس الفلسطيني الموقف الأميركي مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تقدّم الدعم اللامحدود لإسرائيل وتحميها من المساءلة.

وأضاف أن بريطانيا تتحمل المسؤولية أيضا عن محنة الشعب الفلسطيني من خلال وعد بلفور وصك الانتداب. وقال: “نطالب كلا من بريطانيا وأميركا وإسرائيل بالاعتراف بمسؤوليتها عن هذا الجرم الكبير الذي ارتُكب بحق شعبنا والاعتذار وجبر الضرر وتقديم التعويضات للشعب الفلسطيني التي يقرّها القانون الدولي.”

ما الذي يمنع الاعتراف بدولة فلسطينية؟
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وعددا من الدول الأوروبية التي تُنادي بالتمسك بحل الدولتين، وتعترف بدولة إسرائيل، لم تعترف بدولة فلسطين حتى الآن، وتهدد باستخدام الفيتو أمام سعي الفلسطينيين لنيل العضوية الكاملة في المنظمة الدولية.

أصبح لزاما علينا التوجه إلى الجمعية العامة مرة أخرى لاستفتائها على ما يجب تبنيه من إجراءات قانونية
وقال: “فلسطين الدولة المراقب فيها مُنذ عشر سنوات، أثبتت جدارتها بالعضوية الكاملة، بعدما عملت بكل جدية ومسؤولية مع بقية دول العالم في اللجان والهيئات المُتخصصة، وترأست بنجاح وكفاءة عالية مجموعة الـ 77+ الصين.”

وتساءل عمّا يمنع هؤلاء من الاعتراف بدولة فلسطين وقبول عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة. “وعليه فإننا نجدد طلبنا لنيل هذه العضوية الآن.”

ولفت الانتباه قائلا “إذا استمرت عرقلة مساعينا لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وحماية الشعب الفلسطيني.. وتبني خطوات عملية لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام، يصبح لزاما علينا التوجه إلى الجمعية العامة مرة أخرى لاستفتائها على ما يجب تبنيه من إجراءات قانونية وخطوات سياسية للوصول إلى تلك الغاية.”

وأعرب عن أمله في أن تتحمل الجمعية العامة مسؤوليتها على أكمل وجه، بحسب ما قال.

وقال محمود عبّاس إن الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة أصدرت مئات القرارات الخاصة بفلسطين، ولم يُنفذ قرار واحد منها. “754 قرارا من الجمعية العامة، 97 قرارا صدر من مجلس الأمن و96 قرارا صدر من مجلس حقوق الإنسان. ولم يُنفذ أي منها.”

وطالب بتنفيذ القرارين 181 و194، لأنهما كانا شرطين لقبول إسرائيل كعضوة في الأمم المتحدة، حيث تقدم موشيه شاريت، وزير خارجية إسرائيل في ذلك الوقت، وتعهد بتنفيذهما، فقُبلت عضوية إسرائيل.

وأكد الرئيس الفلسطيني أنه جرى تقديم طلب للأمين العام لتنفيذ ذلك.

وتحدث عن اعتزام فلسطين الشروع في إجراءات الانضمام إلى منظمات دولية أخرى، وستنضم إلى منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الملكية الفكرية، ومنظمة الطيران المدني الدولي.

وقال: “كلي ثقة بأنكم سوف تتفهمون لماذا نقدم على هذه الخطوات الآن، فنحن لم نترك خلال كل السنوات الماضية بابا إلا وطرقناه من أجل إقناع إسرائيل بالعودة للجلوس إلى طاولة المفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة، ولكنها رفضت وترفض.”

وشدد على أن الشعب يريد الحماية، ولكن “لن نلجأ للسلاح ولا للعنف ولن نلجأ للإرهاب.”

الانتخابات الرئاسية والتشريعية
اتهم الرئيس الفلسطيني إسرائيل بتعطيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية، بمنعها المواطنين الفلسطينيين المقدِسيين من المشاركة فيها.

وقال: “يسألوننا لماذا لا تجرون الانتخابات؟ نحن جاهزون وأصدرنا المراسيم للانتخابات وقررنا إجراءها، لكن إسرائيل منعتنا. لم نلغِ الانتخابات، أجلّناها فقط.”

وأشار محمود عباس إلى أن الاتفاقات لم تعد قائمة على أرض الواقع بسبب خرق إسرائيل لها، على الرغم من مطالبتها بوقف احتلالها وسياساتها العدوانية والأعمال الأحادية التي وردت نصّا في أوسلو.

وقال: “أصبح من حقنا، بل لزاما علينا، أن نبحث عن وسائل أخرى للحصول على حقوقنا وتحقيق السلام القائم على العدل، بما في ذلك تنفيذ القرارات التي اتخذتها هيئاتنا القيادية، وعلى رأسها برلماننا.”

وقال الرئيس الفلسطيني إنه استمع إلى خطاب الرئيس الأميركي، جو بايدن، وكلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، لكن “الاختبار الحقيقي لجدية ومصداقية هذا الموقف، هو جلوس الحكومة الإسرائيلية إلى طاولة المفاوضات فورا، لتنفيذ حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، ومبادرة السلام العربية، ووقف كل الإجراءات أحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين.”

وشدد على أن دولة فلسطين توّاقة للسلام، “فدعونا نصنع هذا السلام لنعيش في أمن واستقرار وازدهار، من أجل أجيالنا وجميع شعوب المنطقة.”

وقال في ختام كلمته إنه ورغم كل المؤامرات والضغوطات “التي مورست علينا وتمارس على شعبنا، فقد حافظنا على قرارنا الوطني المستقل وتمسكنا بثوابتنا الوطنية، ونجدد رفضنا تلقي أية تعليمات أو أوامر من أي جهة كانت.”

 

زر الذهاب إلى الأعلى