سيناء بدلا من غزة: مشروع اسرائيلي للتهجير..وتحذير سابق من مبارك
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتكشّف ملامح مخطط إسرائيلي لتهجير سكان قطاع غزة، وتوطينهم في سيناء. الطرح ليس جديدًا، لطالما سعت السلطات الإسرائيلية لفرضه على مدار الصراع العربي- الإسرائيلي، ولقي رفضًا مصريًا قاطعًا. وقد تناقل المراقبون في الساعات الماضية تسريبًا صوتيًّا للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، يتحدث فيه عن مخطط اسرائيلي لتوطين الفلسطينيين في سيناء، حيث جاء في التسريب الصوتي “التفكير في سيناء حيكون كالآتي: إسرائيل تدفع سكان غزة إلى سيناء، وقد أخبرني نتنياهو بذلك ذات مرة، وشاورلي بالخريطة على سيناء وقلي نعطيكن بدلها قطعة أرض، فقلت له إنسى الموضوع وإلّا تبدأ حرب بينا وبينكم، فسيناء ليست عزبة ملكي بل ملك 65 مليون مصري”. هذا التسريب تتناقله وسائل إعلام مصرية، في إطار تحذيرها من إعادة فرض المخطط القديم المتجدد.
هكذا تعمل اسرائيل على تحقيق نزوح جماعي من غزة
تستغل اسرائيل “طوفان الأقصى” وتعيد إحياء مخططها التاريخي وفرضه تحت نيران الأمر الواقع، لتهجير سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى سيناء وإبقائهم هناك . وليس ما قاله أحد الناطقين باسمها سوى مؤشر على ما يُحضّر في الكواليس، فكبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت، قال لمراسلين أجانب ” يمكن للفلسطينيين المتضررين من الضربات الجوية على قطاع غزة أن يتوجّهوا إلى مصر .أعلم أنّ معبر رفح لا يزال مفتوحاً، وأنصح أيّ شخص يمكنه الخروج بالقيام بذلك”. بعد تصريحه اضطر مكتبه لململة الموضوع تحت حجة إعادة “توضيح” ما قاله، بالتأكيد على إغلاق معبر رفح.
ما تفعله اسرائيل منذ عدوانها على غزة، يصب في خدمة هدفها بتهجير سكان القطاع، وفق ما لفتت مصادر متابعة “من قطع الكهرباء والماء والغذاء عن أكثر من مليوني شخص، إلى قصف المنشآت الطبية والتجمعات السكانية، إلى المذابح التي يرتكبها الطياريون الإسرائيليون، في قصفهم الليلي للأحياء السكنية بأطفالها ونسائها وتسويتها بالأرض، حتّى حي الرمال الراقي الذي كان يعتبر ملاذًا آمنًا في الحملات السابقة، وكان يستثنى من القصف، استُهدف بشكل مباشر في الأيام الأولى للعدوان على غزة. كل ما تفعله اسرائيل من إبادة جماعية في غزة هو بقصد دفع سكانها إلى الفرار، ووضعهم أمام خيارين الموت في غزة أو الرحيل”. لا يخفي الإحتلال وحشيته ولا أهدافه، وقد طلب فعلًا الجيش الإسرائيلي من الفلسطينيين إخلاء شمال غزة “ولن يسمح لهم بالعودة حتى نطلب ذلك” ما دفع حماس لدعوة الفلسطينيين إلى الثبات والبقاء في بيوتهم.
ردّ قاطع من مصر والأزهر: ترك أراضيكم ينهي قضيتكم
تنبّهت مصر لما تحكيه اسرائيل، من دفع سكان غزة تحت وطأة المجازر والموت، إلى إخلاء غزة والتوجّه نحو سيناء، بدلًا من فتح ممر لخروجهم من قطاع غزة إلى داخل الأراضي الفلسطينية. في السياق رفضت السلطات المصرية طلباً أميركياً بفتح ممرات للفلسطينيين نحو سيناء، وطالبت بإنشاء ممرات آمنة داخل غزة وتوصيل المساعدات للمحاصرين. وراح الإعلام المصري بما فيه الرسمي، يحذّر من تهجير الفلسطينيين إلى مصر بقصد توطينهم. بالتوازي بدا لافتًا بيانُ الأزهر برمزيته ومرجعيته في مخاطبته الفلسطينيين “خيرٌ لكم أن تموتوا على أرضكم فرسانا وأبطالا وشهداءَ .. واعلموا أن في ترك أراضيكم موتا لقضيتكم وقضيتنا وزوالها إلى الأبد”. على الصعيد الرسمي كان هناك ردّ قاطع من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تمثّل بدعوته سكان غزة إلى البقاء صامدين في أرضهم، محذّرا من أن خروجهم قد يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية “مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى. أمن مصر القومي مسؤوليتي الأولى ولا تهاون أو تفريط فيه تحت أيّ ظرف.. السلام العادل والشامل القائم على حلّ الدولتين هو السبيل لتحقيق الأمن الحقيقي”.
ردود عربيّة ودوليّة وبوتين ينبّه
وحدها الولايات المتحدة أبدت تفهّمًا لدعوة الجيش الإسرائيلي لإخلاء شمال غزة، فيما حذّرت الأمم المتحدة من التبعات الإنسانيّة المدمرة للنزوح القسري، وطلبت اسرائيل بإلغاء قرارها “أمر الإخلاء الجماعي مستحيل دون عواقب إنسانية كبيرة”. بدورها اعتبرت تركيا أنّ قرار إسرائيل ترحيل سكان غزة إلى جنوبها خلال 24 ساعة لا يمكن قبوله على الإطلاق. في وقت حذّر وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، من تهجير فلسطينيي غزة إلى مصر وترحيل الأزمة إلى دول الجوار، لافتًا إلى أن وزراء خارجية الدول العربية أكدوا جميعاً في اجتماعهم الطارئ على “التصدي جماعياً لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من وطنهم”.
مخطط اسرائيل لتهجير سكان غزة، لاقى ردود فعل دولية رافضة، في السياق برز موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كشف مخطط اسرائيل،مشبّهًا حصار غزة “بالحصار النازي على لينيغراد” قائلا في تصريح سابق “دعوة الفلسطينيين لمغادرة غزة الى سيناء لا يؤدي الى السلام”.
بأي حال، جاهر نتنياهو بأنّ عمليته العسكرية الإنتقاميّة في غزة ستغير وجه الشرق الأوسط، وقد يكون هدف تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر أو الأردن وتصفية قضيتهم، جزءًا من معالم هذا الشرق الذي ترسمه آلة القتل الإسرائيلية بالنار والموت، على مرأى من العالم “المتحضّر” الذي يبيح ارتكاب جرائم حرب من قبل محتل غاصب.