مَلْحَمة الأيَّام
الشاعرة السورية نَرجِس عِمْرَان
النشرة الدولية –
مَاذَا عن اَلحنِين ؟
حِين يَأخُذنا الزَّمَان إِلى أَيَّامٍ
تُلْصِقُ فِينَا
تُهمَة الأغْراب
وماذَا عن النَّبْض
حِين يَتَشرذَم
فِي أَزقَّة الذِّكْريات ؟
حَيْث يَتَلاشَى تِباعًا
كمَا هِي حال الفقَّاعات
حِين تَلاقِي فمَ اَلْهَواء
ألم تسْألوا بَعْد التَّمادي فِي الخيَال ؟
مَاذَا تُنْجِب الأفْكار ؟
وماذَا قد تَحبَل أصْلا ؟
إِذَا تَشربَت الفكْرة بِصبْغة الحيَاء ؟
لَيْس مِن العدْل أن نَبقَى أَسرَى
فِي سُجُون الانْتظار
نَغسِل كُلُّ يَوْم ثَوْب الأيَّام
اَلذِي جاء تمامًا
على مَقَاس قَهْر وَحُزن
لََا ينْتميان إِلى فِئة الأماني
حَتَّى ماء الصَّبْر
بات شحيحًا
قد يَنضُب
فِي أَوَّل هطلٍ مَسمُوع أم مَرئِي
أم مُتَناقَل على ذِمَّة الدَّارج والْمعْتاد
مِمَّا كان شِبْه بعيدٍ
وَبَات الأدْنى إِلى أَروَاح
هِي سَلَّة اَلفُصول
فِيهَا ثُلَّة مِن مَعقُول ولَا مَعقُول
وليْس عليْنَا الاخْتيار
فنحْن بِتْنَا صَعالِيك الأقْدار
في عيون هذه الحُقبة
أجل بِتْنَا مِن وَجبَتْ
على أعْناقهم طأْطأتْ القبول
وانحنأتُ راضٍ مِن دُون رِضًى
يَا أَقدَار
لَسنَا بِالصِّغار
فنحْن مِن أنْجبتْهم
بُطُون الرِّجَال
وَهْن سيِّدات النِّسَاء
نَحْن مِن أنْجبتْهم سَاعَة الصِّفْر
فِي كُلِّ اِبتِلاء
تَرَبينَا على لُقيْمَات المآسي
فهل يُشْقينَا البقَاء ؟
مُهمًّا تَلوَّن بِالرِّياء
وَتَباهَى بِالزَّيْف
وانْسَلَّتْ مِنْه أَطمَاع الغرباء
كاسْسوارٍ يُزيِّن جَيِّد اَلغَد
لَسنَا نَحْن مِن تطْوينَا اَلوُعود
وَنغفِى على الوجع
كيْ لََا نَستيْقِظ
نَحْن مِن فِينَا اِسْتيْقظت ِالأوْجاع
حَتَّى تَوجعَت
وَتَوجسَت تعبًا
وَتَوسلَت مَهْرَبا
فَتَلاشَت إِرْبًا
حِين جَربَت فِينَا
المآسي بُطولاتهَا
وشمَّرتْ عن زنودْهَا
لِتغسَّلنَا بِدماء اَلحُروب
وَدمُوع الضِّيق والْحرْمان
وتراقصنَا خوْفًا
مِن غضب الأرْض
وصراخ الصُّدوع
وتلْجمنَا بِعويل الأعاصير
لَم يَبْق لَهَا فنٌّ فِي الشَّقَاء
إِلا أَبدَعت فِيه
فأبْدعنَا بِالنَّجاة
مَا زَالَت أَيدِيها مُلَطخَة بِكرامتنَا
وَسَتبقَى
حَتَّى يَعُود كُلٌّ جَائِر وَأثِم وَجَبار إِليْنَا
راكعًا صاغرًا مُغَردا أَلحَان اَلْعَودة
كمَا كُنَّا حِين كان سائدًا فِينَا النَّقَاء
أَجْل يَا بَنَي قَومِي
وُجودَنَا حَتَّى اليوْم بعنفوان
وَرَفضنَا الاسْتسْلام
لِمحن تَعقبَت خُطواتنَا
فِي كُلِّ الأصْقاع
حَتَّى فَقدَتْ خطَّاهَا
مَدْعَاةٌ لِلتَّباهي
ودليل على أَننَا الأسْياد
والْفَخْر كُلُّ الفخْر
أنَّ اَلدَّم اَلذِي تضخه
القلوب فينا
هُو اَلدَّم السُّوريُّ
مَلْحَمة الأيَّام.