اتساع «احتجاجات الجفاف» الإيراني ترمي رئيسي في «أحضان الحرس»
النشرة الدولية –
اتسعت رقعة الاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة التي تشهدها إيران للمطالبة بحل مشكلة شح المياه والجفاف، في حين ثارت اتهامات بتدبير الأجهزة الأمنية بعض تلك التظاهرات بهدف دفع الرئيس الأصولي إبراهيم رئيسي للارتماء في أحضانها، مع تزايد مخاوف بشأن وقوع صدامات أهلية بين القوميات المختلفة حول تقاسم موارد الأنهار.
في وقت تتواصل وتتسع احتجاجات شعبية حاشدة، انطلقت، الجمعة الماضية، بعدة مدن في جنوب غرب البلاد للمطالبة بإيجاد حل لمشكلة شح المياه التي من أسبابها الجفاف، اضطر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى تعيين القائد السابق لـ «الحرس الثوري» في محافظة أصفهان، غلامعلي حدادي، محافظاً على تشارمهال وبختياري، بعد أن امتدت إليها «تظاهرات العطش».
كما عيّن الرئيس الإيراني مسعود فلاحي، أحد قادة «الحرس الثوري»، حاكماً على مديرية الأهواز في محافظة خوزستان أمس.
وأجبر رئيسي على الخطوة التي وصفها مراقبون بـ «الارتماء في أحضان الحرس الثوري»، تحت ضغط الاحتجاجات، ورغم أنه وعد في وقت سابق بإعادة النظر في تشكيلته الحكومية وتعيينات المحافظين والإدارات المحلية التي هيمن عليها عناصر المؤسسة العسكرية الموازية للقوات المسلحة.
وعيّنت حكومة رئيسي، خلال الأشهر القليلة الماضية، محافظين جددا لمحافظات خراسان الرضوي وقم وآذربايجان الشرقية وهرمزكان وبوشهر جميعهم من ضباط «الحرس الثوري»، في خطوة منحها المرشد الأعلى علي خامنئي الضوء الأخضر، بعد أن وقف حجر عثرة في محاولات عديدة قامت بها حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني خلال دورتين رئاسيتين لتغيير مسؤولي المحافظات الذي يعود تعيينهم إلى حقبة سلفه أحمدي نجاد.
وانحسرت اختيارات الرئيس الأصولي الجديد، لتولي المناصب القيادية بين شخصيات مقرّبة من نجاد أو محسوبة وتابعة لـ «الحرس الثوري» إضافة إلى بعض خريجي «جامعة الإمام الصادق» التي تعد مركز تربية كوادر الأصوليين أو «مجموعة القدس» التابعة لأصولي مدينة مشهد.
وأتى قرار رئيسي الجديد، بعد أن نظم مزارعو أصفهان احتجاجات شارك بها عشرات الآلاف الجمعة الماضية، مطالبين بفتح السدود وضخ المياه في نهر «زاينده رود» الذي يمرّ وسط المدينة لري أراضيهم الزراعية، وواجههم أهالي محافظة تشارمهال وبختياري المجاورة، التي تعد مصدر مياه أصفهان وتقع فيها السدود التي تصب في نهر «زاينده رود»، بتظاهرات مناهضة أمس الأول، مهددين بمنع فتح السدود للموسم الزراعي في أصفهان بالقوة.
وأدت المواقف المتعارضة لأهالي أصفهان وأهالي تشارمهال وبختياري إلى تخوف من اندلاع صدامات قومية بين اللر والبختياريين، أهالي محافظة تشارمهال وبختياري، من جهة، والفرس الأصفهانيين من جهة أخرى.
وذهب البعض إلى حد اتهام «الحرس الثوري» وبعض الأجهزة الأمنية بترتيب الاحتجاجات للضغط على رئيس الجمهورية «كي يخضع لطلباتهم وتسليمهم إدارة المحافظات».
ورغم أن أصفهان، تعد منطقة جافة، لكن بسبب نفوذ أبنائها في الإدارات السابقة، خاصة الإصلاحية، فإن العديد من المشاريع الإنمائية التي تحتاج إلى المياه تم تشييدها في المحافظة، التي تسكنها القومية الفارسية الأكبر بالبلد، على حساب المناطق المجاورة التي يسكنها عادة اللر والعرب والبختياريين والأكراد.
وأدت المشاريع التي قامت الحكومات المتعاقبة بتشييدها إلى قطع المياه عن محافظات مثل خوزستان، التي تسكنها الأقلية العربية واللر، والتي كانت تاريخياً تعتبر أحد أكثر المناطق الإيرانية خضرة، قبل أن تشهد معدلات عالية للتصحر وتشهد احتجاجات واسعة العام الماضي للمطالبة بمعالجة الجفاف. ولم تكتف الحكومات المركزية ببناء السدود، بل قامت بتغيير مسار العديد من الأنهار، التي كانت تصب في خوزستان، وتوجيهها إلى أصفهان.
إلى ذلك، أعرب المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية سعيد خطيب زاده، عن أمل بلاده في أن تكون زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الذي وصل طهران أمس «بناءة»، وذلك قبل أسبوع من استئناف الجولة السابعة من محادثات في فيينا مع القوى الكبرى لمحاولة إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.
وقال زادة: «لطالما أوصينا الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستمرار التعاون الفني معنا، وعدم السماح لبعض الدول باستغلالها لأغراض سياسية ولتمرير أجندتها».
وتابع: «نذهب إلى فيينا مع فريق كامل ورغبة جدية في أن يتم رفع العقوبات. على الأطراف الأخرى أن تحاول أيضا القدوم إلى فيينا من أجل التوصل إلى اتفاق عملي وشامل» لإحياء الصفقة الذرية المبرمة عام 2015، والتي انسحب منها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.
في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا نظراءهم الأميركيين أنهم لن يتوقفوا عن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، رغم تحذيرات واشنطن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين عدة، لم تذكر أسماءهم، قولهم إن الولايات المتحدة حذّرت الدولة العبرية من أن هجماتها المتكررة على المنشآت النووية الإيرانية قد تكون مُرضية من الناحية التكتيكية، لكن كان لها تأثير معاكس، ويمكن أن تشجع الجمهورية الإسلامية على إعادة إعمار هذه المنشآت بسرعة وبشكل أفضل. ووفق الصحيفة، يعد هذا أحد الخلافات العديدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول فوائد استخدام الدبلوماسية بدلاً من القوة التي تريد تل أبيب اعتمادها للضغط على طهران بهدف حثها على تقديم تنازلات ببرنامجها الذري.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن أوساط سياسية أن تقديرات إدارة الرئيس جو بايدن بشأن قبول حكومة الإيراني المتشدد الجديدة لـ «الوثيقة» التي اتفقت عليها حكومة روحاني خلال الجولات الـ6 الماضية في فيينا خاطئة، حيث «تبدو الآن وكأنها نص ميت». ووفق الصحيفة، يبدو أن وعد بايدن بالعودة إلى الاتفاق النووي في السنة الأولى من رئاسته ومن ثم إبرام اتفاقية «أطول وأقوى» مع إيران، قد تبدد تماماً.