أمة العرب على برميل بارود… والحلول متوفرة .. لكن..!!* صالح الراشد

النشرة الدولية –

يقف العالم العربي مرتعباً بعد أن ضل الطريق صوب المستقبل حيث فقد البوصلة، وأصبح يعتمد على بوصلة غيره لتهديه إلى اين المسير، لنجد أن جميع الدول العربي دون إستثناء تعاني ولكل منها قضاياها الخاصة التي تؤرق حكوماتها ومجتمعاتها، فالعنبر الذي إنفجر في بيروت لن يكون الأخير حيث ستنفجر عنابر وبراميل أخرى باشكال مختلفة في عديد العواصم العربية، على غرار البراكين التي ضربت غالبيتها زمن الخريف الدموي الذي تسبب في إسقاط رؤساء وإشعال حروب لم تستطع جميع أمطار السماء من إطفائها، كما فشلت جميع القيادات والمنظمات العالمية في وقفها وإعادة الحياة السليمة والسلمية إلى تلك الدول.

الشعوب ومنذ عقود  من الزمن تطالب بالحرية والديموقراطية وإصلاحات سياسية وإقتصادية شمولية، وتطالب ايضاً بالعدالة الإجتماعية التي تساوي بين جميع أفراد الشعب، لكن هذه الطلبات لم تتحقق بل لم تقدم غالبية الحكومات أي تنازلات حقيقية تُظهر من خلالها إحترامها للشعوب التي تقودها ، وكأنها تطالب الشعوب أن تخرج للشوارع في إعتصامات ومظاهرات أو أن تشرب من البحر  أو تضرب رؤوسها بجدار صلب غير قابل للكسر ، فالحكومات لن تتنازل عن الحقوق والمكتسابات التي يستفيد منها عدد قليل في هذه المجتمعات وهم أصحاب الولاية، وبالتالي فقد زادت نسبة الكراهية والعداء والتنمر في المجتمعات مما قد يؤدي إلى ربيع عربي جديد إن لم يكن خريف دموي على غرار ما سبقه.

لقد أصيبت الشعوب بالإحباط وهي ترفع يديها إلى السماء مطالبة بالتغير، فيما الحكومات لا تغير مواقفها، وتطالب الشعوب بمتابعة ما يجري في اليمن وليبيا وسوريا وكأنها تقول للشعوب بلسان واحد، هذا المصير الذي ينتظركم إن تحركتم، فيما الشعوب تريد التغيير على طريقة النهج التونسي أو المغربي، وشتان بين طريقة القتل والموت وبين الحرية والديموقراطية، وهنا يظهر الإختلاف حول نطرية “الإستاتيكا” التي تبطقها الحكومات حيث تقوم على الجمود والمحافظة على الوضع الراهن، وهذا أمر محال بقائه في ظل الإنفتاح الإعلامي والرغبة الجارفة لدى الشباب العربي بالوصول إلى الديموقراطية، فيما تسعى الحكومات إلى تعزيز الأمن على حساب الديموقراطية دون ان تتنبه إلى أنها بهذه الطريقة ستقتل الأمن والديموقراطية بذات الوقت.

وتحاول بعض الدول جاهدة القيام بتغيير بطيء، وهو أفضل من البقاء في مرحلة “الستاتيكا”، لكن هذا الحراك البطيء يجب أن يترافق مع تحرير الاحزاب والإعلام  ومنظمات المجتمع المدني وإجراء إنتخابات نزيهة ووقف تدفق المال الاسود، والاهتمام بالتنمية البشرية التي تراجعت عربياً رغم وجود النفط والموقع الإستراتيجي المسيطر على أهم معابر العالم المائية وطرق التجارة الدولية، وبسبب هذا التراجع تزايدت البطالة حتى وصلت إلى أضعاف المعدل العالمي، مما ادى إلى زيادة كبيرة في أعداد الفقراء والجوعى والمحرومين كما تراجعت الحريات، وهذه الظروف مجتمعة تهدد بفقدان السيطرة على الشباب والمهمشين والحالمين بمستقبل أفضل والدخول في صراع مجتمعي  قد يتطور للإرهاب.

إن المجتمعات العربية تحتاج إلى إجراء إصلاحات حقيقة تعزز الإستقرار والإزدهار الشمولي، وتقوم على التوزيع العادل للثروات عبر الإهتمام بتنوع الإقتصاد، إضافة إلى البحث الحقيقي والجاد عن الديموقراطية وليس مظاهرها التي أصبحت نهج غالبية الدول العربية، ويدرك الجميع وبالذات الجهات صاحبة القرار في الدول العربية ان الإنتقال من الدكتاتورية إلى الديموقراطية محفوف بالمخاطر، كون الحكومات زرعت الرعب في نفوس الشعوب وابعدتهم عن مصدر القرار، مما يجعل من عملية التحول صعبة بسبب ضعف الخبرات السياسية وحاجتها للتحول اللإقتصادي الذي سيصطدم برأس المال المُتحكم بالإقتصاد، إضافة إلى صعوبة محاسبة المقصرين والإنتقال إلى حكم الشعب الذي قد يرتد على الشعب، لكنها معوقات لن تكون بدات السوء الحالي وتبقى في جميع الظروف أفضل بكثير من الديكتاتوريات التي سحقت الشعوب وحولتهم إلى أرقام في أجندات أصحاب القرار والمتنفعين.

زر الذهاب إلى الأعلى