بوتين يضع الخطط الاستراتيجية للحرب بنفسه بعد انتكاسات الجيش الروسي

النشرة الدولية –

بات الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، منخرطا بشكل مباشر في التخطيط الاستراتيجي للحرب على أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة عقب الهزائم التي تعرضت لها قوات الكرملين، حسبما أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن مسؤولين أميركيين.

وقال المسؤولون الأميركيون الذين اطلعوا على معلومات استخباراتية شديدة الحساسية، إن بوتين يلعب وراء الكواليس دورا أعمق في الحرب، بما في ذلك إبلاغ القادة بأن القرارات الاستراتيجية الميدانية جاءت منه.

وأفاد المسؤولون الأميركيون – لم تفصح الصحيفة عن هويتهم – بأن ذلك يشمل رفض بوتين لطلبات القادة العسكريين على الأرض بالسماح لهم بالانسحاب من مدينة خيرسون الجنوبية الحيوية.

من خلال التركيز على النصر بأي ثمن، أصبح بوتين وجها علنيا للحرب حيث يبدو الجيش الروسي في حالة اضطراب متزايد، مما أجبره على الإعلان عن استدعاء 300 ألف مدني روسي إلى الخدمة العسكرية.

وأثبتت موسكو أن لديها عددًا قليلاً جدًا من القوات لمواصلة هجومها، حيث تعاني من نقص في الأسلحة الدقيقة عالية التقنية، ولم تتمكن من السيطرة على أجواء أوكرانيا.

على الرغم من قبول بوتين لبعض التوصيات من القادة العسكريين، بما في ذلك قرار “التعبئة الجزئية”، إلا أن انخراطه في قرارات الحرب الاستراتيجية أدت إلى توترات على حد قول المسؤولين الأميركيين.

وقال المسؤولون إن رفض بوتين الانسحاب العسكري من خيرسون أدى أيضا إلى انخفاض الروح المعنوية بين القوات الروسية التي انقطعت في الغالب عن خطوط إمدادها، وأصبحت تعتقد أنه يمكن تركها عالقة في مواجهة القوات الأوكرانية.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة بالجيش الأميركي، الجنرال مارك ميلي، في مقابلة، الجمعة، “من الواضح أن الوضع في أوكرانيا ديناميكي”.

وأضاف: “من السابق لأوانه إجراء تقييم كامل، لكن من الواضح لي أن المبادرة الاستراتيجية قد تحولت إلى الأوكرانيين”، محذر من أنه لا يزال هناك “طريق طويل أمامنا”.

قال مسؤولون أميركيون إن خلافات بوتين حول المعركة في خيرسون توضح مدى أهمية الحرب في جنوب أوكرانيا بالنسبة لكلا الجانبين.

وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزته أوكرانيا مؤخرا في الشمال الشرقي، فإن المنطقة المحيطة بخيرسون هي مسرح حاسم في الحرب مع تداعيات استراتيجية عميقة على كييف وموسكو معا. ويرى بعض المسؤولين الأميركيين أن الجيش الروسي يواجه مشاكلا في المسرح الجنوبي للمعركة.

وقال مسؤول أميركي كبير هذا الأسبوع إن أوكرانيا في طريقها إلى مكاسب جديدة في الجنوب على غرار تلك التي حققتها خلال هجوم خاطف في الشمال الشرقي خلال وقت سابق من هذا الشهر.

وقال مسؤولون أميركيون إنه إذا دفعت أوكرانيا القوات الروسية إلى الوراء، فإن الجسر البري الذي أقامه بوتين بشق الأنفس إلى شبه جزيرة القرم، وهي المنطقة التي احتلتها من أوكرانيا وضمتها عام 2014، قد يتعرض للتهديد في نهاية المطاف.

مع تزايد المعارضة في روسيا ومحاولة الرجال في سن التجنيد الفرار من البلاد لتجنب الاستدعاء، يقول المسؤولون الأميركيون إن بوتين يعتقد أن انتصارا أوكرانيا آخر سيؤدي إلى تآكل شعبية الحرب وهو أمر لا يمكنه المجازفة به.

مع استمرار الحرب، قال المسؤولون الأميركيون إن بوتين لم يحصل على معلومات دقيقة من كبار مستشاريه العسكريين، سيرغي شويغو، وزير الدفاع، وفاليري غيراسيموف، رئيس الأركان العامة للجيش الروسي.

وبالإضافة إلى منع الانسحاب من خيرسون، أثار بوتين شكوكا بشأن الجهود الروسية لتعزيز موقفها في الشمال الشرقي بالقرب من نهر أوسكيل، وهو ما وصل إليه الهجوم الأوكراني المضاد هذا الشهر.

قال مسؤول أميركي إن بوتين عارض الانسحاب إلى هناك أيضا؛ لأنه متردد في تسليم أي شيء يمكن أن يقدمه الرئيس الأوكراني، فولودمير زيلينسكي وكأنه انتصار.

وحتى في الوقت الذي يطالب فيه بوتين بإستراتيجية عدم الانسحاب، قال المسؤولون الأميركيون إن الضباط الروس أنفسهم منقسمون حول كيفية الرد على الهجمات المضادة الأوكرانية.

وبينما يعتقد بعض الضباط أنه ينبغي عليهم التراجع بشدة عن توجيهات بوتين قبل أن يخترق الأوكرانيون خطوطهم الحالية، يرى آخرون أن بإمكانهم الالتزام بتوجيهات بوتين.

زر الذهاب إلى الأعلى