أدونيس والسعودية والجبري
أحمد الصراف

النشرة الدولية –

ولد الشاعر والمفكر السوري، اللبناني علي أحمد سعيد إسبر، أو أدونيس، قبل 93 عاما، واشتهر بديوان شعره «أغاني مهيار الدمشقي»، وتاليا مع صدور كتابه المثير للجدل «الثابت والمتحول»، الذي صدر قبل نصف قرن، وطبع 12 مرة، إضافة لعشرين مؤلفا أخرى. كما اشتهر بمعارضته للمؤسسة السياسية لوطنه، وللمؤسسة الدينية، ووصف نفسه بالصوفي الوثني.

بصفته ناقدا للقيم والتقاليد الدينية، تلقى أدونيس عددا من التهديدات بالقتل، من عدة جهات بحجة أنه علوي، تارة، ومعارض للفكر الديني، ورافض للتدخل العسكري الأجنبي في سوريا، تارة أخرى! كما تعرضت كتب أدونيس للحرق، ووصف الحدث بأنه ليس غريبا، فهي ظاهرة قديمة في تاريخنا.

يعتبر كتابه «الثابت والمتحول» تجربة فكرية عميقة عصفت بعقول الكثيرين وجعلتهم يفكرون خارج الصندوق، حيث يرى أن النهوض والتقدم في العالم العربي لا يقوم دون مواكبة العصر أو العزلة دون تلاقح الحضارات، ولا يمكن أن ندير العجلة للوراء.

***

شاءت الأقدارأن يطول العمر بأدونيس، ويتجاوز التسعين بثلاث سنين، ليزور الجزيرة العربية، التي طالما رفض التقرب لها، ونأى بنفسه فكريا وجسديا عنها، حيث وصل الرياض قبل أيام ضيفا على وزارة الثقافة ليواجه شعراء نجد، من عاشقي الشعر التقليدي، الذين طالما كانت لهم وله مواقف من آراء وشعر بعضهم البعض!

وجود أدونيس في الرياض، بكل ما يمثله من ثقل فكري وفلسفي، أعطى الانفتاح السعودي دفعة ثقافية كبيرة، واعتبر نقطة تحول، فليس بالإمكان تجاهل رمزية أدونيس ومواقفه، ولا تجاهل شجاعة من قرر استضافته، ودليل تحول سعودي تجاوز بمراحل ما اعتدنا على مشاهدته من مظاهر عصرية، ترفيهية وسياحية، حيث شكلت الزيارة، بنظري، علامة فارقة في المسيرة السعودية نحو الانطلاق لآفاق أكثر رحابة وانفتاحا، وبداية انهيار آخر قلاع المنع والحجب والحظر، وبينت قوة القيادة وثقتها بما تقوم به، وانفتاحها على مختلف التيارات.

لاحظ المراقبون أن المملكة تعاملت بحماسة مع زيارة أدونيس على المستوى الشعبي، ولكنها احتفظت برصانتها مع الحدث، وتصرفت بهدوء واضح بما لا يخرجها عن طابعها الأدبي، مع تغطية إعلامية تليق بمكانة الضيف الكبير!

***

على هامش الزيارة البارزة للمفكر أدونيس للسعودية، تذكرت موقف نائبنا محمد الجبري عام 2016 عندما وقف في مجلس الأمة وطالب وزير الإعلام منع المفكرجلال الدين الرومي من دخول الكويت وإلقاء محاضراته!

كان الموقف مضحكا بالفعل في المجلس، فقد بين ضحالة معلومات النائب عن جلال الدين الرومي، غير مدرك أنه توفي عام 1273، وهذا خطأ يمكن أن يحصل مع الكثير من السياسيين، فلا غرابة!

لكن الطامة الكبرى حدثت عندما قررت حكومة الكويت تكليف النائب نفسه، وبعد أقل من عامين، تولي حقيبة وزارة الإعلام، المسؤولة في الدولة عن……. الثقافة والفنون والآداب!

زر الذهاب إلى الأعلى