“الضوء الأخضر” مشروع “غوغل” لتحسين حركة المرور باستخدام الذكاء الاصطناعي

من الممكن أن يسهم في توفير الوقود وتقليل الانبعاثات

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية – نيرمين علي –

استثمر الذكاء الاصطناعي بشكل مكثف في مجال النقل، بخاصة أن هذا المجال ما زال يحتاج لكثير من التطوير والتحسينات في جوانبه التنظيمية والتطبيقية على حد سواء، وفي حين شهدنا، في السنوات الأخيرة، ظهور نظام تحديد المواقع العالمي والمركبات ذاتية القيادة والمركبات المتصلة والمستقلة وما رافقها من تحسينات متتالية في نظام النقل العام وصولاً إلى الطائرات المسيرة التي استثمرت في معظم المجالات الاجتماعية والبيئية والسياسية والعسكرية والسياحية والنقل والأرصاد الجوية، ظهرت “غوغل”، اليوم، بفكرة جديد تعلن من خلالها قدرة الذكاء الاصطناعي على تقليل انبعاثات الكربون في المناطق الحضرية، بعد أن صنفت، في وقت سابق، منظمة الصحة العالمية تلوث الهواء الخارجي بين الأخطار الصحية الـ 10 الأولى التي يواجهها البشر، والتي تتسبب بسبعة ملايين حالة وفاة مبكرة كل عام.

مشروع “الضوء الأخضر

ومشروع الضوء الأخضر هو إحدى مبادرات Google Research، الذي تطرحه “غوغل” انطلاقاً من وعيها بمشكلة انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية والحضرية الكبيرة التي يتسبب بها النقل البري، والتي تظهر ذروتها عند تقاطعات المدن، إذ يزيد التلوث عند التقاطعات بقدر أعلى 29 مرة من الطرق المفتوحة، وتعد التقاطعات المرورية المزودة بالإشارات بمثابة نقاط تلوث ساخنة تسهم في زيادة التعرض للازدحام بشكل عام، إذ تنتج حوالى نصف الانبعاثات عند التقاطعات من توقف حركة المرور واستئنافها. وتهدف “غوغل”، بحسب مدونة على موقعها، إلى تقليل الانبعاثات في المناطق الحضرية باستخدام الذكاء الاصطناعي ليساعد المدن على تحسين تدفق حركة المرور عند التقاطعات وتقليل انبعاثات التوقف والانطلاق.

وتستخدم مبادرة “الضوء الأخضر” كلاً من الذكاء الاصطناعي واتجاهات القيادة في خرائط “غوغل”، بعد حوالى 18 عاماً على إطلاق منصة خدمة الخرائط “غوغل مابس”، لصياغة نماذج وأنماط حركة المرور وتقديم توصيات لتحسين خطط تنظيم إشارات المرور الحالية.

تخفيض الانبعاثات

ونشرت “غوغل”، على موقعها، العديد من المدن شاركت فعلياً في مشروع “الضوء الأخضر”، ليستقر، اليوم، في 70 تقاطعاً في 12 مدينة، أبو ظبي وبالي وبنغالور وبودابست وحيفا وهامبورغ وحيدر أباد وجاكرتا وكولكاتا ومانشستر وريو دي جانيرو وسياتل، كما رحبت بمسؤولي المدن للتسجيل في قائمة الانتظار لديها.

وتؤكد أنه من الممكن أن يسهم وجود “الضوء الأخضر” في تقاطعات هذه المدن إلى توفير الوقود وتقليل الانبعاثات لما يصل إلى 30 مليون ركوب سيارة شهرياً.

قبل “الضوء الأخضر”، كان من الصعب والمكلف الوصول إلى بيانات موثوقة لتحسين حركة المرور من قبل العديد من مهندسي المرور في المدن، إذ إن العديد من إشارات المرور تعتمد على تكوينات أو تهيئة قديمة، فكان المختصون يحاولون تحسين إشارات المرور باستخدام أجهزة استشعار باهظة الثمن أو الاعتماد على إحصاء يدوي للمركبات يتطلب وقتاً طويلاً، ومع ذلك، لا توفر هذه الحلول معلومات كاملة عن المعامِلات الأساسية التي يحتاجون إليها.

أما اليوم، فيمكن لمهندسي المدينة تنفيذ ذلك في أقل من خمس دقائق، باستخدام البنية التحتية المتوافرة، وتحسين تقاطع واحد والتنسيق مع التقاطعات المتجاورة لإنشاء موجات تمكّن المدن من تحسين تدفق حركة المرور وزيادة تقليل انبعاثات التوقف والانطلاق عبر تحليل آلاف التقاطعات في وقت واحد، ما يحسّن التدفق عبر التقاطعات المتعددة في المدينة، كما يمكن لمهندسي المدينة مراقبة التأثير ورؤية النتائج في غضون أسابيع.

وشاركت “غوغل” الأرقام المبكرة التي تشير إلى احتمالية تخفيض ما يصل إلى 30 في المئة من الانبعاثات عند التوقفات وتخفيض ما يصل إلى 10 في المئة عند التقاطعات، ويستند الانخفاض في تقديرات التوقف إلى نقاط بيانات مبكرة من تحليل “غوغل” لأنماط حركة المرور قبل وبعد التعديلات الموصى بها على إشارات المرور التي تم تنفيذها خلال الاختبارات التي أجريت، عامي 2022 و2023، علماً أن تقديرات تخفيضات الانبعاثات وضعت باستخدام نموذج انبعاثات وزارة الطاقة.

إشارات المرور

وهندسة المرور فرع من الهندسة المدنية ظهر في النصف الثاني من القرن الـ20، وما زال في طور التحسين المستمر نسبة للتطور السريع في تحديث المركبات والطرق وأنظمة التحكم والإشارات، ويستخدم تقنيات هندسية لتحقيق حركة آمنة وفعالة للأشخاص والبضائع على الطرق، وتركز بشكل أساسي على الأبحاث المتعلقة بتدفق حركة المرور بشكل آمن وفعال، مثل هندسة الطرق والأرصفة وممرات المشاة والبنية التحتية لركوب الدراجات وإشارات المرور، وتتعامل مع الجزء الوظيفي لنظام النقل باستثناء البنى التحتية المتوافرة.

ويعود تاريخ أول نظام لإشارات المرور إلى التاسع من ديسمبر (كانون الأول) 1868، وطرح حينها كوسيلة توجيه بديلة عن ضباط الشرطة على حركة مرور المركبات خارج بيوت البرلمان في لندن (قصر وستمنستر)، وفي كثير من الحالات، كان يتم التحكم فيها من قبل ضابط المرور الذي يطلق صافرة معلناً اقتراب تغيير الأوامر على الإشارة للمساعدة في تنبيه السائقين.

وفي عام 1912 طورت أول إشارة مرور كهربائية على يد ضابط الشرطة في مدينة سولت ليك الأميركية ليستر واير، لكن يعود الفضل في اختراع أول إشارة ثلاثية الألوان إلى ويليام بوتس الذي كان يعمل مشرفاً على الإشارات في قسم شرطة ديترويت عام 1920، وبحلول عام 1922، بدأ التحكم في أبراج المرور بواسطة أجهزة ضبط الوقت الأوتوماتيكية، وكانت الميزة الأهم لاستخدام الموقت توفير أموال المدن عن طريق الاستغناء عن ضباط المرور، بينما حصل المخترع الأميركي غاريت مورغان على براءة اختراع لتصميم نوع آخر من إشارات المرور ثلاثية الاتجاهات في عام 1923.

زر الذهاب إلى الأعلى