الجنرال ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش السوداني يواجه سيلاً من الانتقادات بسبب تصريحاته التي وُصفت بالعنصرية

النشرة الدولية – سلافة أبو ضفيرة ـ الخرطوم –

أثار مقطع فيديو لمساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ياسر العطا، غضباً واسعاً في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي أوساط السياسيين والناشطين والحقوقيين، الذين اتهموه بالعنصرية والتخطيط لتقسيم السودان إلى دويلات لتغطية  عجز الجيش وفشله في كسب الحرب وتطويل امدها .

وظهر  الفريق العطا في مقطع الفيديو مخاطباً عدداً من الشخصيات المدنية والعسكرية قائلا أنهم كقوات مسلحة ليس لديهم خيارات كثيرة متاحة الان ، فالخيار الوحيد هو تدمير قوات الدعم السريع، لأن وجود قوات الدعم السريع في الأرض السودانية لا يعطيها الخصوبة والمياه التي تروي الزرع لكي يستطيعوا بناء الدولة الحديثة التي يحلم بها الشعب السوداني والأجيال القادمة، على حد تعبيره.

وجاء  في مقطع الفيديو  الواسع الانتشار أن قوات الدعم السريع لديها أهداف محددة منذ العام 2016، وهي السيطرة على كل مافي الدولة من أجهزة أمنية وشرطية، وأن خطة  الدعم السريع كانت تهدف إلى تدمير الجيش وبناء قدرات منتسبيه، لتكون أكبر من قدرات منتسبي الجيش السوداني، فالدعم السريع أصبح دولة داخل دولة و يسعى لابتلاع المؤسسة الاقتصادية، ولديه أجهزة مالية وسيادية موازية مثل بنك السودان وعدد من الوزارات، بما في ذلك الجهاز القضائي والعدلي.

وقال الجنرال العطا إن الدعم السريع تمدد داخل المؤسسة العسكرية عن طريق شراء ذمم و ولاءات منسوبيها.

وبحسب تصريحات الفريق ياسر العطا فإن الدعم السريع يسعى عبر مخططه إلى تكوين دولة عربية في دارفور، وإذا فشل في ذلك سيقوم باستلام كل السودان عن طريق من أسماهم الفريق العطا بعرب الشتات، و واصل حديثه قائلاً، إذا توافقنا نحن عرب الوسط والشمال والشرق مع الدعم السريع فليكن، وإذا لم نتوافق معهم، فليفصلوا السودان ويأخذوا دارفور ونصف كردفان وجبال النوبة والجزء الأكبر من الأنقسنا الواقعة في ولاية النيل الأزرق جنوبي السودان.

وفي تصريح خاص، أدان الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر عبد السلام، تصريحات الفريق ياسر العطا، وقال إن هذه التصريحات تعيد إلى الأذهان انفصال الجنوب والعنصرية التي تعامل بها نظام المؤتمر الوطني والواجهات المحسوبة عليه مع الانفصال، وأضاف، أن هذه التصريحات تُعد واحدة من سقطات العساكر في السودان، فالفريق ياسر العطا لا يمتلك الحق في تحديد مستقبل الأقاليم السودانية ولا مستقبل أهلها، فالشعب السوداني لا يمكن أن يسمح لقلة من العساكر أن تتحكم في السلطة بدون أي تفويض، فمصير السودان يحدده شعب السودان، وأن القوى المدنية في السودان لو تركت الجيش ليقود الفترة الانتقالية كما قال ياسر العطا في أحد تصريحاته قبل أيام، فإن السودان سيتمزق لأن العساكر ليست لديهم معرفة بشؤون الحكم في السودان، ولا يعرفون معنى وحدة الأوطان، لذلك عليهم الالتزام بتطوير فكرة الدفاع عن الأوطان فقط.

وختم الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر عبد السلام حديثه، بأن تصريح الفريق ياسر العطا أثبت أشياء كثيرة للسياسيين وللشعب السوداني، حيث أنهم موعودون بحكم عسكري بعد انتهاء الحرب، إذا لم يقفوا صفاً واحداً من أجل الحفاظ على دولتهم واستعادة الحكم المدني الديمقراطي الذي قامت من أجله ثورة ديسمبر بعد خروجها ضد حكم العساكر في السودان، وقال إنه يجب على قيادة المؤسسة العسكرية الآن أن تحقق مع الفريق ياسر العطا حول هذه التصريحات الخطيرة والغير مسؤولة.

من جانبها قالت عضو المكتب السياسي في حزب الأمة القومي زينب الصادق المهدي، إن الفريق ياسر العطا بعد الحرب أصبح يُكثر من التصريحات الجدلية كما أسمتها، ويهاجم بعض الدول بطريقة غير دبلوماسية، و لا تليق بضابط من ضباط الصف الأول في الجيش السوداني، ففي مقطع الفيديو المنشور له تحدث الفريق ياسر العطا عن مخطط لقوات الدعم السريع منذ العام 2016 يريد فيه السيطرة على السودان بما فيه المؤسسة العسكرية، ففي العام 2017 تم عمل قانون لقوات الدعم السريع وأجيز في البرلمان، فأين كان الفريق ياسر العطا حينها هو وقيادات الجيش، فالمسؤولية المباشرة في ذلك الوقت تقع على الفريق ياسر العطا والضباط الذين معه في المؤسسة العسكرية.

وواصلت زينب المهدي قولها، شاهدنا عدداً كبيراً جداً من الفيديوهات في وقت سابق لقائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان ومساعده الفريق ياسر العطا، يمجدان فيها قوات الدعم السريع وأنه خرج من رحم القوات المسلحة، ففي العام 2019 ألغى القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان المادة (5) من قانون قوات الدعم السريع لسنة 2017 “الخضوع لقانون القوات المسلحة” و ببساطة أصبح الدعم السريع يحكمه قانونه الخاص، فأين ذهب هذا الود والانسجام القديم.

وفي سياق متصل قالت عضو المكتب السياسي لحزب الأمة القومي زينب المهدي، إن الفريق ياسر العطا في فيديو سابق قال، إن الجيش لن يسلم السلطة للمدنين إلا عبر الانتخابات، وستكون هناك فترة انتقالية يقودها القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي كان يردد بدوره أنهم أوصياء على السودان، فكيف بأناس لم يستطيعوا أن يحافظوا على المؤسسة العسكرية الوطنية للسودان، يريدون بعد ذلك حكم السودان، تساءلت زينب، و واصلت أن تصريح الفريق ياسر العطا هذا عن تقسيم السودان هو نُذر للحرب الأهلية التي يريدون أن يعيشها السودان، فلغة القبلية والمناطقية التي صرح بها الفريق ياسر العطا الهدف منها التفرقة وتفكيك وحدة البلاد.

وقال المستشار القانوني والمدافع عن حقوق الإنسان معز حضرة، إن الفريق ياسر العطا يتحدث بإسم حزب المؤتمر الوطني المعزول من السلطة، والذي يقود حرباً جهوية وعنصرية تجاه الشعب السوداني عقاباً له، لأنه أسقط نظام الإسلاميين في السودان عبر ثورة ديسمبر، وأضاف حضرة أن الفريق ياسر العطا لايملك الحق في في التصريح حول المواضيع التي تمس وحدة السودان، لأنهم كعسكريين فشلوا في الحفاظ على السودان آمناً مستقراً، فعقابهم للشعب السوداني ونقمتهم على ثورة ديسمبر  بدأت مبكراً، و وصلت قمة ذروتها عندما قامت اللجنة الأمنية للرئيس المخلوع عمر البشير بفض إعتصام القيادة العامة، مروراً بالانقلاب على حكومة الفترة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021 والذي فشل في عمل استقرار سياسي في السودان، مما أدى لاندلاع هذه الحرب العبثية كما وصفها الغريق عبد الفتاح البرهان القائد العام للجيش السوداني وقت اندلاعها.

واختتم المستشار القانوني والمدافع عن حقوق الإنسان معز حضرة قوله بأن الفريق ياسر العطا يدعو الآن صراحةً للانفصال و للمفارقة، أنه طيلة فترة الحرب التي شارفت على العام لم نسمع تصريحاً واحداً من قوات الدعم السريع تدعو فيه للانفصال وتقسيم السودان، لكن الجيش الذي تقع على عاتقه مسؤولية الحفاظ على وحدة السودان فعل ذلك، فالفريق ياسر العطا الآن أصبح يروج صراحة لخطاب الكراهية ضد مكونات الشعب السوداني، وهذه هي مخططات الحركة الإسلامية، التي عندما فشلت في إنهاء المعركة لصالحها سارعت إلى خيار تقسيم السودان من أجل البقاء في السلطة.

جدير بالذكر أن تصريحات الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش السوداني أتت بعد أسبوع من تحرير الجيش للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب  في العاصمة السودانية الخرطوم في 15 أبريل من العام الماضي، وقد وصف عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي هذه التصريحات بأنها تصريحات عنصرية تكشف عن الوجه الحقيقي لهذه الحرب، وهو تفكيك السودان إلى دويلات، بعد أن عجز الجيش السوداني في حسم المعركة وتحرير المدن التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع.

زر الذهاب إلى الأعلى