متاحف الوهم: أنت الزائر والتحفة في تجربة فنية قوامها الغموض

النشرة الدولية –

العرب –  حنان مبروك –

في القطاع الفني، قد يكون الوهم أحيانا أبهى وأجمل من الحقيقة، فتجربة زيارة متاحف الأوهام أو ما يعرف أيضا بمتاحف الغموض، تجربة تجعل من الوهم جزءا من تحف ولوحات تتنوع بتنوع الزوار ولا تعرض لفترة طويلة.

في العادة، نزور المتاحف لنشاهد تحفا ولوحات ومقتنيات أثرية، ويطلب منا التحرّك بحذر وأحيانا عدم اللمس والاقتراب كثيرا تجنبا لإحداث ضرر بمقتنيات باهظة الثمن، لكن ما رأيك إن كنت الزائر للمتحف وفي الوقت نفسه جزءا من اللوحة أو التحفة المعروضة أمامك؟

ومتحف الأوهام فكرة بدأت منذ سنوات ولم تلق انتشارا واسعا بعد في كافة دول العالم، لكنها تعدّ بالفعل مساحة فريدة توفر تجربة شيّقة للناس بعيدا عن مفهوم وقواعد المتاحف التقليدية التي تلزم الزوّار بالهدوء والحركة بحذر حرصا على سلامة المعروضات الثمينة.

وعالم الأوهام هذا موجود في عدة مدن حول العالم، وكانت بداية ظهور متحف الأوهام في عام 2015 في العاصمة الكرواتية زغرب وصممه لأول مرة روكو زيفكوفيتش، ثم تم إنشاؤه في حوالي ثلاثين مدينة حول العالم منها القاهرة، مدريد، كوالالمبور، دبي، باريس، شيكاغو، بلغراد، نيويورك، نيودلهي وأربيل (كردستان العراق) وغيرها.

وفكرة هذا النوع من المتاحف مستوحاة من مسلسل “برين غيمز” الأميركي الشهير الذي أذيع في العام 2011 ويستكشف العلوم المعرفية وعلم الأعصاب وعلم النفس بإجراء التجارب التي تستكشف المكونات والقدرات المختلفة للدماغ البشري.

ويتمثل الهدف من هذا النوع من المتاحف في توعية الزوار بعيوب أدمغتنا وأعيننا، فيما يرفع المتحف شعار “إذا كانت الصورة تساوي ألف كلمة، تأكد من أن الغموض يخفي أكثر من مليون!”.

وفي رسالة متحف الأوهام الموجهة إلى المتحمسين لزيارته في مواقع فروعه حول العالم، يقول “ادخل إلى عالم الأوهام الرائع الذي سيخدع ثقتك في حواسك، ولكنه أيضًا سيذهلك بفعل ذلك، العالم الذي سوف يربكك تماما، ولكنه يعلمك أيضا.. نعدك بأنك ستشعر بالإثارة لأنه لا يوجد شيء على ما يبدو، خاصة في متحف الأوهام”.

ويقدم متحف الأوهام تجربة تفاعلية ممتعة لمختلف شرائح المجتمع من أطفال وآباء وأزواج وكبار في السنّ، فهو مكان غير عادي ومثير لجميع الأجيال، حيث يطوع الحيل المسلية عن الرؤية والإدراك والعقل البشري والعلم، وهي حيل تجعل عين الزائر والمتفرج ترى الأشياء التي لا يستطيع عقله فهمها.

وكسائر متاحف الغموض، يتيح متحف الوهم في دبي – الذي أنشئ في العام 2018 – لزوّاره أو الراغبين في ذلك فرصة الاطلاع على اللوحات والمعارض والألعاب والتجارب الأخرى المتاحة.

ويضم المتحف أكثر من 80 معروضا من مختلف الأشكال والأحجام، إذ تنفرد كل منها عن الأخرى بحسب تأثيرها البصري والحسي، حيث يضمن كل واحد منها تجربة فريدة لا تُنسى.

وفي المتحف مجموعة كبيرة من الخدع البصرية التي يصل عددها إلى ثمانين تتجسد بمختلف المعروضات والألعاب التي تعكس تأثيرات بصرية وحسية لا يمكن تصديقها.

ومن بين التجارب المتاحة في هذا المعرض تجربة الكرسي العجيب الذي يقوم على خدع بصرية تجعل الشخص الجالس على الكرسي أصغر من حجمه الطبيعي، ويعتبر هذا الكرسي العجيب من أكثر الخدع التي تثير حيرة الزوار، إذ ينافي في مبدأ عمله قوانين الإدراك والأحجام حيث يتبين أن الشخص الجالس على الكرسي أصغر بكثير من الشخص الذي يقف بجانبه.

وتمنح الغرفة المقلوبة الزوار تجربة الوقوف رأسا على عقب، بحيث يمشي الزائر على سقف الغرفة بينما تتجه رأسه إلى الأسفل، هل لك أن تتخيل ذلك؟

ويضم المتحف أيضا العديد من الخدع البصرية والغرف المبهرة، منها طاولة الاستنساخ التي تخيّل للشخص الجالس أنه جالس مع خمس نسخ منه، وتجربة الغرفة اللامتناهية، وهي عبارة عن غرفة مرصّعة بمختلف أنواع وأحجام المرايا التي تجعل الزوار يذهلون لرؤية أنفسهم في دوائر لا متناهية تجعلهم غير قادرين على ضبط توازنهم والتركيز في ما يشاهدونه.

وتحتوي متاحف الوهم على غرفة عجيبة هي غرفة الجاذبية المضادة التي تعمل على خداع عقل الشخص وجعله يؤمن بأن الجاذبية تسحبه إلى الاتجاه المعاكس.

وينبهر الكثير من الزوار لمثل هذه المتاحف بتجربة “رأس على طبق”، حيث تمكن التجربة الزائر من خداع مرافقيه بتقديم رأسه كوجبة طعام شهيّة.

وتقوم غرفة “إميس” في متحف الأوهام والغموض في دبي بتغيير أحجام كل من يدخلها، إذ تتقلص أحجامهم أو تتضخم حسب موقع وقوفهم في الغرفة، وهذه الخدعة واحدة من الخدع التي قد لا يستوعبها العقل بتاتا.

وبإمكان الزائر لأي متحف من متاحف الأوهام تجربة “نفق الدوامة”، فهو ورغم أنه عبارة عن أسطوانة دوارة مثبتة على منصة مستقيمة ثابتة يخيّل للزائر أن المنصة الثابتة تدور، فيشعره بالحركة والذهول رغم أنه لم يتحرك من مكانه قيد أنملة.

وتتيح هذه المعارض فرصة الاطلاع على تقنية الهولوغرام عن قرب بواسطة سلسلة من الصور التي تخلق أوهاما ثلاثية الأبعاد في شكل مبسط عن أشياء موجودة في حياتنا اليومية كالصور المرسومة على الأوراق النقدية وبطاقات الائتمان. ولكن، لا شيء في عالمنا مبسط.

ويحتوي المتحف على عدد من الصور ثلاثية الأبعاد مثل صور الرعب وصور تظهر وتختفي أمام عينيك.

وفي متاحف الأوهام غرفة مخصصة للألعاب الذكية حيث يمكن للزوار من جميع الأعمار اللعب والتنافس والتعلم. وغرفة اللعب تحفز التعلم والمرح مع الألغاز والألعاب الخشبية والتي تحفز القدرات العقلية للتفكير في حلول للعقد المستحيلة والحيل والألعاب الحسابية وكذلك المفاهيم التعليمية الأخرى التي سوف تتحدى العقل وتجعله أكثر ذكاء. وبإمكان الزائر شراء نماذج من الألعاب من المتجر الذكي.

وفيما تبدو زيارة هذه المتاحف تجربة مختلفة وجذابة لمحبي المغامرات والتجديد، وهي تجربة لا تشبه زيارة المتاحف التقليدية، فإن الزائر سيكتشف كم تخبئ الصور من عجائب، فلا شيء طبيعيا ومنطقيا في عالم الغموض ولا حتى الصور! فهي وإن كانت صورا شخصية خاصة فقد تكون مليئة بخلفيات عجيبة تعكس مشاعر المرافقين للزائر كالشعور بالغيرة والفرح والحزن وغيرها.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى